الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدرسون عرب يعملون داخل أتون العنصرية

تميم منصور

2019 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


مدرّسون عرب يعملون داخل أتون العنصرية

اعتدنا أن نسمع ونتعايش مع وجود معلمون يهود يعملون في المدارس العربية ، وقد بدأت هذه الظاهرة في السنوات الخمسين والستين من القرن الماضي ، حيث تواجد العشرات من المعلمين اليهود كانوا يدرّسون في العديد من القرى والمدن العربية ، خاصة في قرى المثلث – الطيرة ، الطيبة ، جلجولية ، كفر قاسم ، ومدينة يافا ، غالبية هؤلاء من اليهود الذين قدموا من العراق وبعضهم من يهود مصر .
كان الحكم العسكري هو المسؤول الأول عن هؤلاء المعلمين ، إضافة إلى القسم العربي في وزارة المعارف ، ومنهم من عمل في مهنة التفتيش كما شاركوا في كتابة مناهج التدريس للمدارس العربية ، وكانت هذه المناهج موجهة من قبل أجهزة المخابرات ، هدفها اسرلة الطلاب العرب والعمل على انتزاع هويتهم الوطنية والقومية .
لقد أجبر الطلاب العرب على استخدام كتب التاريخ المزيفة ، ففي كتب الموطن تم استبدال أسماء الأماكن والأنهار والجبال بأسماء عبرية ملفقة ، بدلا من الأسماء العربية ، وكذلك في كتب التاريخ ، فقد تم تزييف الأحداث وربطها بتاريخ اليهود ، مثلاً فيما يتعلق بموضوع فتوح الشام ، كما ورد في كتاب الواقدي أو الأزدي ، أو أبن حبيش ، ورد في الكتاب المخصص للمدارس العربية جملاً كانت غريبة وغير مقبولة على المدرسين والطلاب مثل : قامت الجيوش العربية الإسلامية بغزو إسرائيل ، بدلا من فلسطين وذكر أيضاً فتح أورشليم بدلاً من فتح بيت المقدس .
لم يستخدم الحكم العسكري ووزارة المعارف هؤلاء المعلمين خدمة ومحبة في المواطنين العرب ، بل استخدموا لسببين : الأول توفير أماكن عمل لهم كي يعتاشوا منه ، فلم يجدوا سوى المدارس العربية ، تم تعينهم رغم أن معظمهم لم يعملوا في مهنة التدريس قبل هجرتهم الى فلسطين ،وقد اتضح ذلك من تدني مستواهم العلمي ، أما السبب الثاني لاستيعابهم في المؤسسات التعليمية العربية والأهم هو : تطبيق سياسة تجهيل الطلاب العرب لبقائهم حطابين وسقائين كما أرادهم العنصري " لوبراني " .
لقد استغل الحكم العسكري والأجهزة الأمنية هذه الشريحة البائسة من المعلمين اليهود وحول بعضهم إلى مخبرين لمعرفة ماذا يدور في المدارس العربية ، كما كانوا أول المشجعين والمتطوعين على المشاركة بإحياء ذكرى يوم الاستقلال ، عندما كانت وزارة المعارف تجبر مدارسنا إحياء هذه الذكرى بالاحتفالات وإقامة المهرجانات الرياضية والغنائية .
لقد تنفست مدارسنا الصعداء بانتهاء وجود هؤلاء المعلمين ، بفضل خروجهم الى التقاعد ، وللأسف نقول بأنهم لم يتركوا أية بصمة إيجابية في المدارس التي عملوا بها ، الابتدائية منها والثانوية ، لم يحاولوا إقامة علاقات ودية أو تربوية مع المواطنين أو مع طلابهم في القرى والمدن التي عملوا فيها ، ، لم يعد أحداً يذكرهم إلا من خلال دورهم في تجهيل الطلاب ، خاصة في مدينة يافا وكفر قاسم وغيرها .
بعد وقف العمل بالحكم العسكري أزيلت الكثير من الحواجز التي كانت تحول بين التحاق الطلاب العرب بمعاهد المعلمين التي كانت متوفرة ، أو بالجامعات الإسرائيلية، أو في الخارج ، كما تم فتح أكثر من معهد عربي للمعلمين ، هذا وغيره ساعد على تخريج المئات من المعلمين العرب في سنوات السبعين والثمانين من القرن الماضي، فملأوا الفراغ الذي كانت تعاني منه المدارس العربية ، وأسسوا قاعدة صلبة للتعليم في النقب . اليوم أنعكست الآية ، فقد اضطرت عشرات المدارس اليهودية الى طلب عدداً من المعلمين العرب التدريس فيها ، باعتراف وزارة المعارف ، وقد أقيمت جمعية تحمل اسم " مرحابيم " مهمتها المساعدة في توفير المعلمين للمدارس اليهودية ، وحسب المعطيات التي نشرتها وزارة المعارف فإن عدد المعلمين العرب الذين يعلمون في المدارس اليهودية آخذاً بالتصاعد ، مثلاً في سنة 2014 عمل 465 معلماً عربياً ، وفي سنة 2015 زاد هذا العدد ووصل الى 529 معلماً ، وفي سنة 2016 بلغ عدد المعلمين 588 ، وفي السنة الدراسية 2017 وصل العدد 694 ، وفي السنة الدراسية 2018 وصل العدد الى 805 وفي السنة الحالية يعمل في المدارس اليهودية 868 معلماً عربياً . وقد اعترفت صحيفة " هآرتس " في مقال نشرته في عددها الصادر يوم 31/3 / 2019 حول هذا الموضوع ، حيث كتبت : ان تشجيع وزارة المعارف ادخال معلمين عرب في المدارس اليهودية لا يعبر عن رغبة هذه الدولة أو الحكومة بتغيير سياستها العنصرية اتجاه المواطنين العرب ، وان هذه الخطوة الهامة والحساسة لا تهدف الى خلق أجواء من التعايش بين الشعبين ، السبب الوحيد لإدخال هؤلاء المعلمين يعود الى الحاجة لهم ولقدراتهم ، لأن المدارس اليهودية تعاني من نقص عدد المعلمين ، لأن المواطن اليهودي لا يضع هذه المهنة في مقدمة أولوياته ، فهو يبحث عن مهنة أكثر سهولة وربحاً ، وهي متوفرة له : في حين فهي غير متوفرة للمواطن العربي الاكاديمي.
هذا هو السبب الذي دفع وزارة المعارف الموافقة على استيعاب عدداً من المعلمين العرب ، مع أن هذا العدد لا زال قليلاً جداً ، خاصة وأنه يوجد حوالي عشرة آلاف أكاديمي عربي عاطلين عن العمل ، ترفض مؤسسات الدولة استيعابهم ، هذا يعني أن مسألة التعايش غير واردة .
لقد جرت محاولات كثيرة لايجاد قاعدة للتعايش ، قامت فيها أطر مختلفة مثل براعم السلام وغيرها ، وتجربة إقامة قرية واحة السلام ، لكن غالبية هذه المحاولات قد فشلت، لأن المواطن العربي فيها عليه أن يتنازل عن بعض الثوابت التي تهم شعبنا ، كما تمت محاولات في الماضي عن طريق الأحزاب الصهيونية ، فالعديد من هذه الأحزاب كانت تخصص لها أقسام خاصة للمواطنين العرب لدمجهم فيها ، مثل حزب مبام في الماضي ، وحزب مباي - العمل اليوم – أقام ما أسموه بالقسم العربي ، وكان يحلم بدمج المواطنين العرب في هذا الحزب ، دون أن يسأل نفسه ، كيف يمكن لمواطن عربي مستقيم واعٍ أن يندمج بحزب صهيوني ، ماذا يربطه بهذا الحزب فكرياً وتاريخياً؟ لا أحد يستطيع الأنكار بأن هناك حزباً واحداً يضم ين صفوفه عدداً من اليهود الذين يؤمنون بالتعايش الحقيقي ، ويعتبرون الحركة الصهيونية حركة عنصرية كولونيالية ، لا يمكن للتعاون معها ، هذا الحزب هو الحزب الشيوعي ، أعضاءه اليهود يدعمون قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، يرفضون الاحتلال ويطالبون بإخلاء جميع المستوطنات ، ويعارضون سياسة التمييز القومي ضد المواطنين العرب .
هناك فرق كبير بين المعلمين العرب الذين يعملون حالياً في المدارس اليهودية وبين المعلمين اليهود الذين عملوا في مدارسنا في السنوات التي ورد ذكرها ، فقد اعترفت زارة المعارف ، بأن نصف المعلمين العرب الذين يعملون في المدارس اليهودية يدرّسون موضوع الرياضيات واللغة الإنكليزية ومواضيع علمية أخرى ، والنصف الآخر يدرّسون اللغة العربية .
كما اعترفت هذه الوزارة بأن جميع المدارس التي يعمل بها معلمون عرب تشهد بقدراتهم العلمية ، ونجاحهم بالتعامل مع الطلاب اليهود ، وقد واجه هؤلاء المعلمين تحديات صعبة من قبل الطلاب لأن نظرة غالبية هؤلاء الطلاب اتجاه المواطنين العرب كافة نظرة سوداء سلبية ، وقد تلقنوا وعرفوا هذه النظرة داخل بيوتهم ومن الشارع ومن المؤسسات التي نشأوا فيها .
أما بالنسبة لوجود مدرسين يهود في مدارس عربية في أيامنا هذه ، فقد ورد في آخر تقرير نشرته وزارة المعارف عن وجود حوالي 350 مدرساً يهودياً في المدارس العربية ، أحدهم يدعى " صافي بن تسفي " متدين يميني يعمل في مدينة وادي النسور في ام الفحم ، لقد اعترف بأنه تعلم في أم الفحم معنى التسامح والأخلاق الحميدة والالتزام واحترام القوميات والديانات الأخرى ، وأنه ينصح زملاءه من اليهود المرور في هذه التجربة الاستثنائية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام في حرم جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة للمطالبة بإن


.. القوات الإسرائيلية تقتحم معبر رفح البري وتوقف حركة المسافرين




.. جرافة لجيش الاحتلال تجري عمليات تجريف قرب مخيم طولكرم في الض


.. مشاهد متداولة تظهر اقتحام دبابة للجيش الإسرائيلي معبر رفح من




.. مشاهد جوية ترصد حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات جنوب البرازي