الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفض ليس دوما موقفا وطنيا أو بطوليا

إبراهيم ابراش

2019 / 4 / 24
القضية الفلسطينية


إن خطاب الرفض لا يعبر عن موقف وطني أو بطولي إن لم يكن مصحوبا بإستراتيجية وطنية لمواجهة ما يتم رفضه ،وهذا ينطبق على الذين يرفضون صفقة القرن قولا وينفذونها سلوكا.
يبدو أن الأنظمة والأحزاب الفلسطينية والعربية التي تعلن رفضها لصفقة القرن تمارس عمليا ما يساعد على تنفيذها ،وبالتالي يصبح خطاب الرفض أداة تضليل لتمرير الصفقة القرن ما دام الرفض غير مصحوب بما يَعيق التنفيذ الفعلي للصفقة ،بل يمكن القول إن كلا من السلطة الفلسطينية وحركة حماس مارستا ،يوعي أو بدون وعي ،في التأسيس للصفقة .
إن النخب السياسية من خلال مواقفها المتوقفة عند تخوم الرفض اللفظي لصفقة القرن دون أن تُجهد نفسها بإبداع طرق ووسائل خلاقة لإخراج القضية الوطنية من أزمتها تتحول إلى شاهد زور وتُعيد انتاج الفشل ،معتقدة أن التمترس وراء خطاب الرفض سيمنحها شهادة بالوطنية وسيبرئها من المسؤولية .
هذه المواقف والسلوكيات البائسة للنخب ليس سببها أن الطريق مغلقة وليس بالإمكان أبدع مما كان كما تُرَوِج وتبرر موقفها ونهجها ،بل لأن نخب السلطتين تعلم بأن أي نهج وطني حقيقي سيكون على حساب وجودهم في السلطة كما سيفتح المجال للمراجعة والمحاسبة وإعادة النظر في شبكة المصالح الشخصية والحزبية التي تراكمت طوال سنوات من وجودهم في السلطة .
استمرار النخب السياسية في الحديث عن التمسك بالثوابت وتكرار رفع شعارات أصبحت ممجوجة من كثرة تكرراها دون فعل مقابل لا يُسقط المسؤولية عنها ويجب عدم السماح لهذه النخب بإدعاء البطولة لمجرد أنها تقول بتمسكها بالثوابت وعدم التنازل ،فالشعب لم ينتخبها أو يقبل بتسيدها عليه لأنها تقول بالتمسك بالثوابت وبالحقوق الوطنية أو ترفع شعار المقاومة والرفض ،بل لاستعادة هذه الحقوق وانجاز التحرر من الاحتلال .
نعلم أن البعض سيقول ليس هذا وقت إثارة المشاكل الداخلية وأن المطالبة بالتغيير الآن قد يُضعف القيادة الفلسطينية أو يشكك بها ويشكك بالمقاومة وفصائلها كما سيُبعِد الأنظار عن المخاطر التي تهدد القدس ومجمل القضية ،وبالتالي المطلوب الآن من وجهة نظر هؤلاء أن يتوحد الفلسطينيون لمواجهة صفقة القرن ، وهذا كلام صحيح وطنيا ويندرج في سياق ما يجب أن يكون .
ولكن ،لسنوات والشعب صابر وصامت على الوضع الداخلي حتى لا تنزلق الأمور لفتنة داخلية توظفها إسرائيل ،كما أنه دائما يجد أعذارا للسلطتين أو يقنع نفسه بهذه الاعذار .لكن دعونا نتساءل بصدق : هل النخب السياسية الراهنة مؤهلة لإحداث اختراق ،سواء في مجال التسوية السياسية وخصوصا بعد أن صرح الرئيس أبو مازن قبل أيام في اجتماع وزراء الخارجية العرب 21 أبريل الحالي أن إسرائيل لم تلتزم بأي اتفاق سلام وأن نتنياهو لا يريد السلام مع الفلسطينيين ؟أو اختراق في مجال المقاومة وقد وقَّعت فصائل المقاومة في غزة هدنة طويلة المدى مع إسرائيل ؟أو اختراق في مجال المصالحة الوطنية وقد استمرت حوارات المصالحة كحوار الطرشان طوال عقد من الزمن ؟ .
أيضا كيف تتوحد هذه القوى دون أن تبدأ عملية تغيير ومراجعة داخلها كخطوة أولى ،مثلا أن تُعيد منظمة التحرير ترتيب وضعها الداخلي حتى بدون ممن هم خارجها من الفصائل وتعمل على تنفيذ قرارات المجلس المركزي بشأن إعادة الاعتراف بإسرائيل وبالتنسيق الأمني ، وأن تعيد حركة حماس حساباتها في المراهنة على الإخوان المسلمين والخارج وبمخططها لصناعة دولة غزة ، وهل توحيد حالات مأزومة داخليا ومتعادية مع بعضها البعض سيُنتج حالة وطنية قادرة على مواجهة تحديات المرحلة ؟.
إن استمر حال النظام السياسي على ما هو عليه من انقسام وتشرذم وحتى تحافظ النخب الحاكمة على وجودها في المشهد السياسي وحتى لا تخسر مصالحها ... لا نستبعد في هذه الحالة أن تجد بعض المكونات السياسية تبريرا لقبولها لأية تسوية جديدة سواء كانت صفقة القرن أو غيرها دون شروط ،تحت ذريعة منح فرصة جديدة للسلام أو محاولة تَجَنُب ما هو أسوء ! أو تحت عنوان التكتيك والمناورة .
إن أخشى ما نخشاه في هذا السياق أن يحدث تواطؤ ضمني بحيث تستمر واشنطن في تأجيل الإعلان عن صفقة القرن مع استمرار تنفيذ الصفقة من خلال فرض الأمر الواقع كما هو جاري ، في المقابل تستمر النخب السياسية الفلسطينية في إعلان رفضها لصفقة القرن أو الهروب نحو تشكيل هيئات ولجان لمواجهتها وكأن الصفقة مشروع مستقبلي وليس واقعا يتم تنفيذه منذ سنوات ، وفي هذه الحالة تحقق واشنطن مخططها عمليا وتستمر النخب السياسية الحاكمة الفلسطينية والعربية في إدعاء البطولة من خلال إعلان رفضها للصفقة .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاحتلال سرطان
ابراهيم الثلجي ( 2019 / 4 / 24 - 14:49 )
إن أخشى ما نخشاه في هذا السياق أن يحدث تواطؤ ضمني بحيث تستمر واشنطن في تأجيل الإعلان عن صفقة القرن مع استمرار تنفيذ الصفقة من خلال فرض الأمر الواقع كما هو جاري
عن الأستاذ الكاتب
لخصت القضية الفلسطينية من يومها الأول حتى الان وكما سبق لدريد لحام رسم مشهدها ومشهد ضياع الأرض في ضيعة تشرين منذ ما يزيد عن 40 عاما
مثل قضية المعابر الداخلية التي مزقت ارض الضفة وغزة من قبل فبدلا من ان تقاطع وتحارب شعبيا صار اليوم الرسميون يمرون منها ببطاقات شخصية هامة وعادت امر واقع معتاد يوميا لكل جموع وقطاعات الشعب
فاعتدنا على خداع الذات بالنظر لمراة غير مستوية لنرى انفسنا اكبر من اللازم مرة واصغر من الحقيقي مرة أخرى ولا يوجد في ثقافتنا ان نصف لبعض حالنا حسب رؤيا العين لنتدبر المستقبل سويا

الخطا الكبير كان الموافقة على اعتبار الأرض الفلسطينية متنازع عليها
وتاجيل ملف الاستيطان حتى تغطت جبال فلسطين وسهولها بالمستوطنات
وتاجيل ملف اللاجئين حتى مات معظمهم
وتاجيل ملف الحرية حتى استمرأ البعض حالة الاستعباد لانه الاحتلال لا يكون وليد هواية انما شفط الأرض والمال والعرق والدماء

ولا حل الا بولادة إرادة لجيل جديد

اخر الافلام

.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح


.. مسعود بارزاني في زيارة لبغداد لحل الخلافية بين الحكومة وإقلي




.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز ما ورد في مكالمة الرئيس الأمريكي باي


.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يريد استمرار الحرب وجعل غزة مثل الضف




.. العلاقات البريطانية الأوروبية حاضرة بقوة في برامج انتخابات م