الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش قرار إدارة ترامب بتصفير صادرات النفط الإيراني : الرئيس الأمريكي يقود الولايات المتحدة إلى مزيد من العزلة والانحدار

عليان عليان

2019 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


على هامش قرار إدارة ترامب بتصفير صادرات النفط الإيراني :
الرئيس الأمريكي يقود الولايات المتحدة إلى مزيد من العزلة والانحدار
بقلم : عليان عليان
قرار الإدارة الأمريكية بتاريخ 22-4-2019 إنهاء الاعفاءات التي كانت منحتها واشنطن لثماني من الدول، من بينها الصين -المستورد الكبير للنفط- والهند وتركيا واليابان وكورية الجنوبية ، والتي أجازت لها استيراد النفط من إيران لفترة ستة أشهر فقط ، وأن من سيخالف هذا القرار سيواجه إجراءات عقابية قاسية.
هذا الإنذار الامبريالي غير المسبوق الذي ينتهك سيادة الدول ، ويتعارض حتى مع مواد منظمة التجارة العالمية ، سيفشل حتماً لعدة أسباب أبرزها :
1-لأن الدول الرئيسية التي تستورد النفط الإيراني – في معظمها- رفضت هذا القرار على لسان وزراء خارجيتها وناطقيها الرسميين، لأنه قرار أحادي الجانب ، ويشكل تدخلاً فظاً في سيادة الدول ، ومخالف لقوانين منظمة التجارة العالمية ، ناهيك أنه سيفاقم الاضطرابات في الشرق الأوسط وفي السوق الدولية للطاقة.
2-لأن الاتحاد الأوروبي أعلن مسبقاً رفضه للقرار الأمريكي، وأنه بصدد اشتقاق آليات مالية للتعامل الاقتصادي مع إيران ، لتجاوز العقوبات والعقبات الأمريكية.
3- لأن إيران كما أعلنت على لسان أكثر من مسؤول فيها ، أن لديها القدرة على إفشال قرار الإدارة الأمريكية بتصفير صادرات النفط الإيراني ، وأنها تمتلك الوسائل المتعددة لتصدير نفطها مباشرةً أو عبر دولة ثالثة ، ناهيك أنها أشارت بوضوح أنه في حال عملت الإدارة الأمريكية على إعاقة تصدير النفط الإيراني عبر الموانئ والممرات البحرية ، فإنها ستلجأ فوراً إلى إغلاق مضيق هرمز ، الذي تمر منه 20 في المائة من صادرات النفط العالمية.
هذا النازي الإمبريالي الجديد ، الذي ينفذ توجيهات صقور المحافظين الجدد وأيديولوجيتهم، بات مجرد أداة بأيديهم وبأيدي مجرم الحرب الصهيوني نتنياهو ، ولا يصغي لأي طرف في المؤسسات الأمريكية الساعية لعقلنته، وللحفاظ على علاقة الولايات المتحدة مع حلفائها في " النيتو" ومع الاتحاد الأوروبي ، وحتى لا تنحدر أمريكا إلى العزلة والهزيمة أكثر ، بعد هزيمتها في سورية وأفغانستان وفي مناطق أخرى من العالم .
ومن يتابع سياسة ترامب الخارجية منذ وصوله لسدة الرئاسة ، يكتشف – رغم عنترياته - وتصرفه كشرطي للعالم ، ومحاولاته لإحلال رغباته وقراراته محل ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ، يصل إلى استنتاج مفاده : أنه يقود الولايات المتحدة إلى العزلة والانحدار وإلى المزيد من الهزائم في العالم.
فخلال سنتين من حكمه، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق المناخ العالمي في نوفمبر – تشرين ثاني 2017 ، والذي وقعت عليه (200) دولة في باريس عام 2015 بما فيها إدارة أوباما، وانسحبت من منظمو " اليونسكو " منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة- بتاريخ 31-12 -2017 ، وألغت مساهمتها المالية فيها إرضاءً للكيان الصهيوني ، لأنها اتخذت عددا من القرارات المؤيدة للفلسطينيين من بينها قرارات 2005 – 2006 التي نصّت على الأهميّة التاريخيّة الاستثنائيّة للقدس القديمة وأسوارها، ووضعتها على لائحة التراث العالمي المهدّد بالخطر، وقرار عام 2016 الذي نفى وجود أي ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق، وقرارات 2017 التي اعتبرت القدس مدينة فلسطينية محتلة، ووضعت الخليل والحرم الإبراهيمي على لائحة التراث العالمي.
وانسحبت من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بتاريخ 19- يونيو – حزيران 2018 بذريعة انحياز المجلس ضد ( إسرائيل) في قراراته- الذي سبق وأن أدان جرائمها ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
وانسحبت من الاتفاق النووي مع إيران بتاريخ 9 مايو- أيار 2018 ، الذي سبق أن وقعته مجموعة دول (5+1) مع إيران ، كما داست على قوانين الشرعية الدولية ، عندما نقلت سفارة بلادها إلى القدس ، واعتبرتها عاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني في مايو – أيار 2018 ، وعندما أوقفت الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا) التابعة للأمم المتحدة ، وكذلك بمحاولتها فرض صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية ، وأخيراً وليس آخراً محاولتها الفاشلة لفرض رئيس " دمية " ( غوايدو ) لفنزويلا بديلاً للرئيس الشرعي المنتخب نيكولاس مادورو ، وقرارها الاستعماري المخالف للشرعية الدولية بشأن منح السيادة للكيان الصهيوني على الجولان.
هذه الخطوات المتهورة والعنترية ، هي في المحصلة تقود أمريكا إلى العزلة والانحدار وفقدان الهيبة ، لأن مخرجاتها بائسة ومردودها عكسي من الزوايا التالية:
1-أنها بإلغائها الاتفاق النووي مع إيران ،وبفرضها قيود تجارية وعقوبات على الدول التي لم تلتزم بوقف استيراد النفط من إيران ، تضرب حليفها الرئيسي على الضفة الأخرى من الأطلسي ( الاتحاد الأوروبي) ، وتدفعه للتمرد عليها وعلى سياساتها ، ناهيك أنها ستدفع دول مثل الصين وتركيا لتوثيق علاقاتها الاقتصادية والنفطية مع إيران وفقاُ لمصالحها الاقتصادية.
2- أنها تدفع دولة مثل تركيا للانسلاخ التدريجي عن حلف "النيتو "، وتفعيل تقاربها مع طهران وموسكو ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن إيران تبيع النفط لتركيا بسعر أقل بكثير من السعر العالمي ، وأن حجم مبادلاتها التجارية مع إيران بلغت حوالي 30 مليار دولار ، ولعل التصريحات شديدة اللهجة، التي أدلى بها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ضد قرار الإدارة الأمريكية "في أنها منافية للمنطق السياسي والاقتصادي والأخلاقي ولقوانين منظمة التجارة العالمية " لمؤشر على ذلك ، ناهيك عن تمسك تركيا باتفاق شراء منظومة " أس أس 400 رغم التهديدات الأمريكية لمؤشر آخر .
3-لأنها قراراتها بشأن القدس وصفقة القرن والجولان وفنزويلا أحادية الجانب – والتي لن تغير الواقع السياسي حيالها – ولأنها بانسحابها من منظمات أممية ، ومن اتفاقات دولية " اتفاق المناخ ، الاتفاق النووي مع إيران وغيرهما " ..باتت تخلق رأيا عاماً عالمياً شبه موحد ضدها ، بوصفها دولة خارجة عن القانون الدولي ، ورافضة لميثاق الأمم المتحدة، ومنظماتها وقراراتها ، سواءً تلك الصادرة عن مجلس الأمن أو من الجمعية العامة ، ما يجعل من الولايات المتحدة نقيضاً وعدواً بالمطلق للإرادة الأممية، في قضايا سياسية واقتصادية وثقافية وإنسانية تحظى بإجماع عالمي .
4- كما أن انسحابها من بقية المؤسسات التابعة للأمم المتحدة ( اليونسكو ، مجلس حقوق الإنسان) ، لم يؤثر على موقف هذه المؤسسات ، من القضايا الثقافية والإنسانية ، والأثرية خاصةً تلك المتعلقة بالتراث العربي والاسلامي والعالمي ..ألخ ولم يؤثر على نهجها ومواقفها حيال حقوق الإنسان في فلسطين واليمن وغيرهما من مناطق العالم .
في ضوء ما تقدم ، وفي ضوء الفشل المحتوم لعقوبات إدارة ترامب الاقتصادية على إيران وعدم امتثال دول رئيسية للإملاءات الأمريكية، وفي ضوء أنها لن تغامر بشن حرب على إيران كونها تدرك جيداً عواقبها ، وفي ضوء فشل إدارة ترامب وهزيمتها في سورية وأفغانستان، وفشل العدوان السعودي على اليمن المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً ورجعياً، فإن إدارة ترامب سحبت الولايات المتحدة إلى أدنى درجات التدهور والانحدار .
لقد دق مركز الأمن الأمريكي الجديد، ناقوس الخطر حول السياسة الخارجية الأمريكية، ، مبيناً في ورقة بحثية من جملة أوراق صادرة عن المركز، من إعداد مجموعة من الخبراء والاستراتيجيين والأكاديميين وصانعي السياسة ، جاء فيها "أن السياسة الخارجية الأمريكية جراء نهج إدارة ترامب ، لن تستعيد عافيتها أبدا ، وباتت تميل إلى مزيد من الانحدار".
وجاء في تلك الورقة البحثية الإستراتيجة " إن المؤسسات الأميركية التي ترتكز على النظام الدولي الليبرالي في خطر شديد ، ولم يعد بالإمكان اعتبار وجود دعائم لهذا النظام أمراً مفروغاً منه... والأمر أشبه بلعبة (Jenga ) حيث تمت إزالة القطع المتعددة لكن البرج ما زال قائماً".
"وخلص بعض المراقبين إلى أن الهيكل لا يزال قوياً لكنه في الواقع يفتقر إلى أجزاء هامة، بل إذا دققنا أكثر فقد بدأ يتأرجح، وكما في اللعبة سيحاول الصمود والبقاء مستقيماً حتى اللحظة التي ينهار فيها.".
وأخيراً : فات إدارة ترامب المتصهينة أن تدرك متغيرات العصر ، وأن العالم بات متعدد الأقطاب ، وليس على النحو الذي انتهى إليه العالم في مطلع تسعينات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وأنه لم يعد بوسع الولايات المتحدة أن تلعب دور " دور أزعر الحارة" وشرطي العالم ".
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل