الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الطبيعي أو أرجوك لا تتخدني عدوا

محمد موجاني

2019 / 4 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


في مجتمعاتنا يعتبر الدين بمثابة خط من الخطوط الحمراء التي لا يجب أن يتجاوزها ولا أن يتحدت فيها الإنسان حتى لو كان وحدا في الصحراء، رغم أنه يعتبر من الأمور التي قد تساهم في تنظيم الحياة اليومية والعلاقات بين الأفراد . فالدين أصبح من المحرمات التي لا يجب مناقشتها إلى جانب الجنس والسياسة ، كما أنه ينصح عدم إعمال العقل لفهم بعض القضايا عندما لم نكون متخصصين في أمور الدين الفقهية ، ومن يفعل ذلك فقد تجاوز الحدود التي لا يتجرأ أحد أن يفعل وربما ظلم نفسه كما يقولون.
ففي وقتنا الحاضر وفي تصور البعض فالدين أصبح معيارا لتصنيف الناس بين شرير وثقي وبين عديم الأخلاق وصاحب القيم الخلاقة وبه فالمتدين الذي يترردد على المسجد ويضع سجادته على كتفه أو تحت إبطه ويتسابق للصلاة في الصفوف الأمامية هو الشخص السامي الذي يضرب به المثل والقدوة التي يجب أن يحتدى بها .
لكن إذا حاولنا تفكيك رموز وخيوط هذه الأفكار السائدة فإنه ليس بالضرورة أن تكون مؤمنا لكي تكون أخلاقيا ولا حاجة إلى الدين لكي يكون الإنسان سويا، إذ هنالك قيم كونية يمكنها أن تجعل من الإنسان كائنا متوازنا و متفهما و هو لا يدين بأي دين و قد يكون إنسانا كامل الأوصاف بدون ركوع ولاسجود.
ومن جهة أخرى قد يكون ذلك الذي يعتبره الأخرون صالحا وملتزما غير أخلاقيا ويعاني نقص في القيم ..
وبهذا المعنى نخلص أن الدين ليس المكيال المعتد لقياس الأخلاق وبهذا نخلص كذلك أن معادلة القيام بالواجب الديني للتحلي بالقيم الحسنة معادلة خاطئة ولا أساس لها من الصحة .
من وجهة نظر أخرى قد يسئ ذلك الذي يظنه الكثير المثل الأعلى في التعامل مع الآخرين ويجمع بين الصواب ونقيضه ونفهم من تصرفاته أن دينه هو الذي حثه على ذلك وعقيدته متناقضة وينسف فيها البعض الأخر.
فمن الأحسن أن يكون الدين تلك العلاقة العمودية التي تجمع بين العبد وربه دون دخل لأي وسيط كيفما كان.
وفي سياق أخر لا يجوز الاستهزاء بالدين ولا محاولة زعزعة عقيدة المتدين وتشكيكه في إيمانه كما لا يجب كذلك نقد الغير المتدين أو إحراجه بتفريط في دينه والتهاون في القيام بالواجب لأن الفهم يختلف من شخص لآخر حتى داخل الدين تعددت الأراء والمواقف والقراءات وليس بالأليق إدعاء امتلاك الحقيقة المطلقة .
سيقول قائل أن النبي الكريم كان أسوة حسنة وما علينا إلا الإنضباط وتقليد الأفعال الصحابة والتابعين من السلف الصالح.
وأنا أقول أن النبي كان شخصية كرزماتية وشخصية مسالمة تجسد الوحي الرباني وهذا أمر لا يتناطح عليه عنزان لكن نفسه تردد في تطبيق بعض الأحكام ( أقصد هنا المرأة التي رنت و حملت و سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن عقوبتها و أجلها لمدة عامين كاملين) وحتى عند وفاة الرسول لم يترك كتاب أسمه القرآن بل تم جمع ما حفض في الصدور وبعد ذلل تذخل الدعاة والفقهاء وأخرين للإجتهاد وإستنباط الأحكام الشرعية، أما بالنسبة للشريعة فليست بكلام الله و لا كلام الرسول بل هي إجتهادات الفقهاء ...
وهكذا كترت الأراء وتضاربت الموافق وكثرث التساولات والشكوك.
وأصبح المؤمن اليوم خاصة ذلك الذي يقدس النص ويطبق الشريعة بحدافرها وصاحب الفهم الأحادي والقراءة الجامدة للقرأن إنسان غير عادي وغير متوازن في محيطه ويظن بأنه وحده هو الذي سينال رضى الله أما الأخرين فهم ليسوا ألا حطب جهنم وبئس المصير ليس هذا فحسب بل يذهب به غباءه وجهله إلى اعتبار الحوار مع إنسان يخالفه الرأي بمعركة مع الشيطان الرجيم .
لكن على العموم لا يمكن أن نقصي الدين من الحياة جملة وتفصيلا بل يجب التركيز على المعاملة الصالحة وإعمال الخير والصالحات وإستنباط القيم الروحية والوجدانية من الصبر والتسامح والمغفرة ..... التي قد تفيدنا في الحياة اليومية وتهدب نفوسنا والسعي إلى خلق تصالح بين الاثنين لإغلاق الهفوة العميقة بين الدين والحياة ولخلق إنسان بميزاج العصر وذات صافية الجوهر و قادرة على مسايرة المستجدات وقبول الإختلاف، و لتنعلم جميعا أن نعيش في إنسجام وتناغم مدام التنوع ضرورة مؤكدة وإلا سنهلك جميعا كأغبياء ؛ لأن الدين في خلاصة القول أفعال وتصرفات تلقائية قد تستوجب الخروج عن النص مهما كانت قداسته و لأن لكل زمان مشاكله وهمومه وأن سياق هذه التشريعات قد ولى وليست بتاتا بأوامر عسكرية جزرية لأن الإيمان أو عدمه مسألة فردية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحزب الله... على حافة الحرب؟ - ثلاثة أسئلة وثلاثة أج


.. تأثير المطورين بالذكاء الاصطناعي في استبدال المؤثرين الحقيقي




.. تحذيرات من تحول الحرب في السودان إلى صراع إقليمي | #رادار


.. عادل مارديني: نفذنا 371 ألف رحلة حول العالم في 2023




.. مشاهد لإصابتين في مدينة جنين برصاص الاحتلال الإسرائيلي