الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذين قتلوا سيدة الخميس

عبدالمنعم الاعسم

2006 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


اكاد اعرف اسم الجاني الذي اطلق النار على ميسون الهاشمي صباح الخميس الدامي، واكاد اتخيل صورته، ولون بشرته وبريق عينيه، واستطيع ان اذكر وقائع نقاش مختصر اجراه مع آمره الذي عيّن له موضع الهدف فاتحة ذلك الصباح، وايّ آية قرآنية تهجأ قبل ان يضع حشوة النار في سلاحه ويضغط عليه باتجاه سيدة عراقية، صلّت الفجر، واخذت طريقها الى العمل في الشأن العام، افتراض ان العراق يجب ان يخرج من الدوامة الى الهواء الطلق.

لنتأمل هذه الصورة-اللغز: لقد صلى القاتل والمقتول ذلك الفجر، ثم اخذ كل منهما طريقه: الاول الى السلاح من اجل “قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق” والثاني الى العمل الخيري “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.
اكاد ان احدد الفكر الذي اباح اغتيال ميسون الهاشمي وهي في حالة سلام مع النفس والعالم.. ومن يرخّص لاغتيال النساء العٌزّل على وجه الخصوص.. وان اعيّن الثقافة التي تروج للقتل.. وقتل المرأة العراقية حصرا.. وان اشير بالاصابع العشرة الى المكان الذي تسلل منه الجناة الى الرصيف ليرتكبوا، على ضوء الشمس، جريمة مروعة، تهز، قطعا، كل ضمائر البشر.
واكاد ان افصح عن ملامح تلك الفصيلة المتوحشة من البشر التي تختصر التعبير عن فكرها الظلامي الدامس عن طريق القتل، وان اتحدث عن الحفل السري الذي اقامته تيمنا بقتل ميسون الهاشمي، وعن اوسمة البطولة التي علقت على صدور القتلة الذين امطروا الضحية العزلاء بوابل من الرصاص، وعن الكلمات الموجزة التي تبادلوها قبل ارتكاب جريمتهم، وعن الذرائع التي يستندون اليها في محاولات اطفاء النور في صالات العالم، واجزم انهم يأسفون لعدم قدرتهم على منع الشمس من ان تشرق، ومنع الاطفال من ان يبتسموا او يهرعوا الى المدارس، ومنع الفتيان من ان يغنوا او يتزوجوا، ومنع الماء من ان يجري، ومنع الهواء من ان يملأ الافئدة بالحياة والمسرة.
واكاد ان استبق ما ستقوله بعض الفضائيات، في محاولة لخلط القتلة بالابرياء، والجناة بالضحايا، وحملة البنادق بحملة حقائب الكتب، والملثمين بالواضحين، والبناة بالمخربين، والموغلين بالتطرف بالداعين الى التسامح، وما سنسمع من كلمات تنضح بالشماتة، وتفيض بالحقد، وتمني النفس ان يصبح العراق غابة تعبث فيه عصابات الاجرام، وميدانا للموت، وساحة لتصفيات الحساب.
نعم، اكاد ارسم وجوه القتلة الذين اطلقوا الرصاص على السيدة ميسون الهاشمي ، واظن اننا، جميعا، يمكن ان نسترشد، بحب الحياة، الى نقيضها المتمثل في تلك الوجوه القبيحة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــــــــ
“لنا بذمتكم اشياء كثيرة..
منها انكم افزعتم اطفالنا.”
لوركا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجندي الأمريكي موريس مورفنت: انتماؤه الى -كاجان-، مكنه من أ


.. مرشحو الانتخابات الإيرانية: من يصل إلى قوائم الإقتراع؟




.. جنوب أفريقيا: ملف ملكية الأراضي الزراعية يلغم نتائج الانتخاب


.. خامنئي: من قام بعملية {طوفان الأقصى} أفشل المخطط الكبير للشر




.. حماس تنظر بإيجابية إلى مقترح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة