الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ المغرب من التفسخ

المناضل-ة

2006 / 5 / 1
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية


ما زالت حركة عمال المغرب النقابية أداتهم الرئيسة، لحد الآن، في الدفاع عن مكاسبهم، وفي السعي إلى تغيير وضعهم. و قد دل إصرارهم وقوة ردهم على هجمات العدو الطبقي، منذ عقود، على ما يختزنون من قدرات عالية، قدرات متنامية رغم الدور السلبي لقياداتهم.

وتوجد هذه الحركة النقابية اليوم في وضع حرج أمام شدة واتساع هجوم أرباب العمل ودولتهم. فالضغط متزايد على الصعد كافة، من أجور وحماية اجتماعية وحريات، بينما النقابات متكاثرة و متنافرة. وهي علاوة على ذلك عرضة لحرب استئصال تجري منذ عقود بسلاح طرد النقابيين، وبالفصل 288 من القانون الجنائي، المجرم للإضراب، وُيعد لها سلاح أشد فتكا: قانون منع الإضراب.

كما تتضاءل قدرة النقابات على الوفاء لعلة وجودها، أي توحيد القوة العمالية للذود عن المكاسب وإغنائها، بقدر ما تنجح الدولة في جعل المنظمات العمالية أداة مساعدة على تدبير التوتر الاجتماعي، أي في دمجها المتعاظم في المؤسسات البرجوازية، وإشاعة أوهام "المصلحة المشتركة" بين الرأسمال والعمل.

ولا شك أن استشراء ظواهر العسف، وإلغاء الديمقراطية الداخلية، ونشوء فئة من ذوي الامتيازات، وحتى من المتاجرين بالنضال، كلها سلبيات تفاقم عجز النقابات نوعيا، وتقلص قاعدتها، وتشيع اليأس من العمل النقابي.

لكن، مع هذا الوجه المقلق، بنظر كل مخلص للقضية العمالية، تبقى الحركة النقابية المغربية قوية برصيدها التاريخي، وبإنغراسها الحالي، وبمقومات تطويرها الكثيرة والمتنوعة، وبما يكشف عنه الرد العمالي اليومي في أماكن العمل من قوة كامنة رغم عناصر الإضعاف الآنفة. هذا وجه الحركة النقابية المشرق ومبعث كل الآمال.

فإن كانت مصالح القيادات وحساباتها، البعيدة عن مشاغل القاعدة العمالية، قد مزقت الحركة النقابية شر تمزيق، فقد بادر الشغيلة، التواقون دوما إلى الاتحاد، إلى أشكال تنسيق لنضالاتهم، أشكال متباينة لكن يوحدها السعي إلى بناء القوة القادرة على إخضاع الخصم وانتزاع المطالب.

ورغم ما يكلف النضال العمالي من مضايقة وتشريد وسجن، وحتى تقتيل( اغتيال النعيمي في مسيرة عمالية إلى القصر عام 1992، اغتيال موناصير عام 1997، و ادريس الفريزي عام 2001 و3 من عمال حافلات رستم بالدار البيضاء في غشت 2000 )، لا يكف العمال عن التوجه إلى النقابات، مثلما تشهد المزارع العصرية مؤخرا ببعض المناطق.

كما أن الحركة النقابية المغربية قوية بوجود تيار يساري، متعدد الألوان السياسية، مناضل من أجل إنماء كفاحية النقابة وطابعها الديمقراطي، رغم ما يطبع قسما منه من نقص الفعالية بسبب تصوراته الخاطئة، أو تعارض فعله مع مزاعمه.

هذه العناصر مجتمعة هي مايجعل التمسك بالنقابات، والعمل لتطوير أدائها، وعلاج أمراضها، وتوسيع امتدادها، وتحقيق وحدتها، واجبا أوليا لكل مناضل-ة من أجل تحسين أوضاع الكادحين على طريق تحررهم النهائي.

إن هذه المهمة تؤول، قبل أي كان، إلى مناضلي اليسار المنتسبين إلى قضية النضال العمالي، وهي مهمة أبعد ما تكون عن اختزالها في التشهير بالبيروقراطية النقابية. فالاكتفاء بفضح البيروقراطية لا يقل خطأ عن مسايرتها والسكوت عن جرائمها توخيا لمقاعد بالأجهزة. لا بل قد ينقلب هذا التشهير إلى مجرد غطاء لحجب العجز عن إتيان فعل خلاق في بناء النقابة، فعل استقطاب وحدات إنتاج وقطاعات جديدة، وإطلاق نضالات وإنجاحها، وتجسيد التضامن الميداني، المادي والنضالي، وتكوين الكوادر النقابية، إلخ.

إن انتقاد أوجه العطب والانحراف في النقابات هو عمل أشد المناضلين حرصا على تصليب منظمات النضال، والعدو لا يستفيد من النقد بل من استفحال السلبيات المنتقدة. لكن اليسار النقابي ليس جماعة نقدية تحترف التعليق على عمل غيرها، بل جسم مناضلين يعارضون نهج التعاون الطبقي مع البرجوازية بالتقدم ببديل نضالي متكامل فيما يخص المطالب وأشكال النضال والتضامن والتنظيم.

إن بناء اليسار النقابي ذاته يعني، في المقام الأول، ضخ دماء جديدة، لا سيما الفتية والنسوية، في النقابات، وتسليحها بالفكر العمالي، فكر الكفاح من أجل تغيير شامل وعميق لنظام الاستبداد والاستغلال.

كما أن بناء النقابات العمالية، وضمنها اليسار النقابي، وثيقي الارتباط بتنظيم الكادحين غير العمال، بالمدن والقرى. ثمة بالمجتمع جماهيرالكادحين الخارجة من نطاق النقابات بفعل اتساع البطالة والهشاشة وشتى صنوف تدبر العيش خارج قطاع الانتاج المنظم. إنها قاعدة شعبية عريضة محرومة من الحقوق الأولية ومدفوعة إلى اليأس، .يجب بناء أشكال تنظيم خاصة بها تضعها في موقع الحليف للحركة النقابية.

ولا يقف النضال العمالي عند حدود تحسين شروط بيع قوة العمل، فالغاية القصوى هي التحرر من الاستغلال، أي القيام بثورة اجتماعية تدك أسس النظام الرأسمالي ودولته لإقامة مجتمع المنتجين المتشاركين بحرية. إنها غاية لا غنى لبلوغها من منظمة سياسية ثورية تحقق استقلال العمال عن الطبقات المالكة، أي ترقى بهم من تابع لأحزاب قد تكون معارضة لكنها برجوازية (لا يخرج مشروعها الإصلاحي عن نطاق الرأسمالية القائمة) إلى فاعل سياسي قائم الذات ساع إلى أهدافه الطبقية الخاصة به. و تنبع الحاجة إلى هكذا حزب يطيح نظام الاستبداد والاستغلال من استحالة تخلص ضحايا هذا النظام ( عمال ونساء وشباب وعموم فقراء المدن والقرى) منه بمراكمة التحسينات الجزئية، لأن جذر المشكل يكمن في التملك الخاص لوسائل الإنتاج والتبادل والدولة المطابقة له.

تتمثل وظيفة هذا الحزب في قيادة الفعل الجماعي الواعي للأغلبية الكادحة ضد الأقلية المالكة، بأن يضم أفضل عناصر الطبقة الكادحة، ويلف حوله بثقة ويقين أوسع الجماهير، ويجسد ويعبر بوضوح عن إرادة النضال، ويدل الجماهير الكادحة على سبل ووسائل خلاصها.

وقد رفعت أفواج من ثوريي المغرب راية هذه المهمة التاريخية منذ عقود، لكن الواقع ما زال ينطق بالحاجة الماسة إلى انجازها. فعمال المغرب لا حزب لهم، ويدل العقد الأخير من مسار اليسار الجذري على تعثر السير نحو الحزب المطلوب إما بمراوحة المكان، أو حتى التقهقر.

لذا يمثل تقييم محاولات بناء حزب عمالي ثوري بالمغرب إحدى منطلقات النقاش الضروري حوله. وهو نقاش لا ينفصل عن نقاش واسع وصريح من أجل توحيد الرؤية حول حقيقة أزمة الحركة النقابية، وسبل حلها، بتواز مع مواصلة مراكمة تجارب نضال نقابي على أسس كفاحية وديمقراطية .

إنها مهام المناضلين-ات الذين لا يكتفون بادعاء أنهم اشتراكيون حقيقيون بل يطابقون الفعل مع القول. والتقدم في تحقيقها هو الذي يفتح، دون سواه، بوجه كادحي وكادحات المغرب، أبواب مستقبل آخر غير تعفن الوضع وصعود القوى الرجعية الرامية إلى إلقائه قرونا إلى الوراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواكشوط تعلن اقتناء جيشها مسيرات وأسلحة متطورة، لماذا؟


.. مندوبة بريطانيا بمجلس الأمن: نحن فى أشد الحاجة لتلبية الحاجا




.. الجيش الإسرائيلي ينشر مقطعا لعملية تحرير 3 رهائن من غزة| #عا


.. عاجل | مجلس الأمن يتبنى قرارا أمريكيا يدعو لوقف إطلاق النار




.. نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في القدس