الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إهداء له / محامية الشيطان

فاطمة هادي الصگبان

2019 / 4 / 27
الادب والفن


إهداء له
محامية الشيطان
ايقظها صوت تنفس خفيف بين شهيق ناعم وزفير متقطع ، رأته جالسا على كرسيها الأثير ، تحتضن أصابعه غليون مطفىء، تبدو على سحنته علامات الهيبة والكبر ، لم تستغرب وجوده في غرفة النوم فلطالما تبارى ابطالها في القدوم اليها وإقلال نومها الشحيح كلما أمعنت في إذلالهم بين سطورها ....
أخذت تشحذ ذاكرتها هل هو الفارس الذي جعلت حبيبته تهجره لتقترن بإحلامها ، أم تراه ذاك المفكر الذي أحرقت كتبه في لحظة فقدت السيطرة على يراها ، او ربما ذاك الأحمق الذي بعثر حروفها في يوم ريح فعاقبته بكيل من الصفات الذميمة التي تعج بها الأبجدية ....ارادت ان تستمر باحتمالاتها لكن همهمة خفيفة منه تمكنت من اسكاتها ...
سألته : أيهم انت؟
أجابها بكبرياء : لاأحد .
أعادت سؤاله مجددا : أيها اللا أحد ماذا تفعل في غرفة نوم امرأة خمسينية عازبة ؟
رد مسرعا : لم تغريني في عشرينياتك فهل ستفعل الخمسين ...
هزت كتفيها : هل جئت تبكت أنوثتي ؟
رفع يديه وأجاب بسرعة : لا فأنا بأمس الحاجة لك .
مر بذاكرتها بطلها المسكين رضا الذي يحاول ان يجد مبلغا يدفعه رشوه ليبدأ في طريق ، لكن فورة غضبها آنذاك جعلته يرهن بعض اعضاءه لحين ميسرة .. تأثرت لذكراه واعترفت بأنها أخطأت فوعدته قائلة:
سأضيف رقما يرفع من رصيد الحظ لديه حتى اشعار اخر ....
أجابها بشبح ابتسامة : لست رضا.
سالته : أي غضب حل في سمائي الداكنة هذه الليلة ؟
أجابها ببداهة : أنا الشيطان .
تساءلت بعدم اكتراث : و ماذا يفعل الشيطان في غرفة نومي هل نسيت ان تسدد نذورها أم تراها أخطأت بالدعاء حين طلبت كل شيء جميل ثم انتبهت لجماله الساطع فسألته مستفهمة :
كيف يكون الشيطان بهذا الجمال؟
أجابها بحسرة وتنهد: أنا هكذا ولكنها اشاعات البشر ، هل تساءلت لو كانت بشاعتي كما تصورها عقولهم لانفضوا عني وأجنحة الملائكة لو كانت ضوئية لهرعوا يلتمسون سماءها ...
ابتلعت لسانها وعلى وشك ان تصمت حتى بادرته :
تشرفنا أيها الشيطان كيف سمحت لنفسك في الدخول الى غرفتي ؟
الشيطان : كانت النافذة مفتوحة .
اعترفت باستسلام :
حسنا سأكتب ملاحظة الى حسوني كي يصلح مزلاج النافذة غدا ،
ثم استدركت لكن هذا لايمنحك الحق بالدخول فاللقاء بك حرام.
أجابها :الضرورات تبيح المحظورات .
هي :ماوجه الضرورة .
أجابها بأسى :لقد ظلمني قومك.
ردت بنعاس ظاهر : لقد ظلموا بعضهم من قبل.
الشيطان : الست مصلحة اجتماعية؟
ردت بتعب ظاهر : الأمر تجاوز الإصلاح لابد من حلول جذرية .
أجاب مسرعا : لم نختلف ابدئي بي .
تحسرت : لقد قطعوا لساني .
أجابها ببعض التشفي : لااخفيك سرا لقد فرح جزء مني ،سلاطة لسانك وحدته وخصوصا في أوقات نومي كانت تزعجني ، ومايليها من عبارات وشعارات فضفاضة لاتسمن ولاتغن من جوع .
غضبت : كيف سأضئ ظلامتك وأنت بهذا السوء؟
صمت حتى أتمت جعجعتها المعتادة وانتظرها حتى تخفت نيرانها ...
سألها بهدوء:
هل تساءلت يوما قبل ان تلقي التهم جزافا لابطال مساكين من اغتصب الطبيعة مراتع الصبا والعشق والشباب ؟ او من قتل الحمائم ومنع رسائل الهيام ؟ من خنق الغمام بعوادم النفاثات بدعاوى التقدم ؟ من سرق الأسرار من خدور العذراى ؟من استباح الشمس ليشعل السجائر ، او من تراه أقام سلما من الجماجم ليلامس السماء ....ياسيدتي بين الحق والباطل اربع استفيقي ....
ارادت ان تجيبه إسكتها راجعي التاريخ وستعرفين ثم استدرك ....
كي اختصر راجعي استاذك العقاد (1) الذي غرر بي ولم ينفذ ماوعده بحجج واهية
صمتت وأخذت تفكر في تاريخ قومها من جهة ومراجعة رواية الشيطان والمصلح لأستاذها العظيم .
فتحت عينها لتجده يهم بالنهوض سمحت له بالمغادرة من الباب
لكنه أجابها من وراء ظهره الشيطان يدخل ويخرج من النافذة
صرخت بين تثاؤبها حسنا لاتنسى احكام النافذة لحين إصلاحها .
(1)مع الاعتذار لأستاذنا العقاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07