الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .
فريد العليبي
2019 / 4 / 27مواضيع وابحاث سياسية
تشتد المعارك في طرابلس منذ 4 أفريل الماضي ، تاريخ بدء هجوم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، وتستعمل فيها شتى أنواع الأسلحة ، بما في ذلك الطائرات ، ويتهم كل طرف الطرف المقابل بقصف المدنيين ، واستعمالهم دروعا بشرية ، والإستقواء بقوى خارجية . ويؤكد كل طرف أيضا أنه كبد الطرف المقابل خسائر جسيمة ، وأن المجتمع الدولي يقف الى جانبه ، وأن النصر سيكون حليفه ، وفي الأثناء تغرق ليبيا في الدم .
كما يشتد الصراع بين القوى الدولية والإقليمية والعربية على ليبيا ، وتستعمل فيه هو الآخر أسلحة مختلفة ، وإن كان الظاهر منها حاليا التصريحات والتصريحات المضادة ، فإن المخفي قد يكون التورط عسكريا ، ليس فقط بتزويد المتحاربين بالسلاح ، وإنما أيضا المشاركة في القتال ضمن هذا الخندق أو ذاك .
وفي خضم ذلك تجد تونس نفسها في دوامة الأحداث ، وهي البلد الذي له حدود جغرافية طويلة مع ليبيا ، وتاريخ لا يقل طولا ، حتى أن رئيسها كثيرا ما كرر أن الليبيين والتونسيين يكونون شعبا واحدا ولكن في بلدين مختلفين . ومع اشتداد المعارك طفت على سطح الأحداث الكثير من الوقائع ، التي تشير الى ارتداداتها التونسية ، من وصول أوربيين مسلحين برا وبحرا الى منافذ حدودية ، ورواج خبر هبوط طائرة عسكرية قطرية في مطار جربة ، وتصريحات وزارية تطلب وقف المعارك فورا ، فهم منها مناصرتها لحكومة الوفاق ومعاداتها للجيش الوطني الليبي ، وهي التي سرعان ما وجدت صدى لها في ليبيا ، فبينما ثمن الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة الوفاق مبروك عبد الحفيظ الدور التونسي ، قال طلال الميهوب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي القريب من حفتر إن "الموقف التونسي تجاه الأزمة في ليبيا يثير علامات الاستفهام ، خاصة أنها تريد أن تدفع الجماعات الإرهابية خارج أراضيها ، بمحاولة مداهنة من يسيطرون على مفاصل الدولة في طرابلس ". داعيا تونس الى رفع يدها عن تلك الجماعات ، موجها تهديدا صريحا للسلطة التونسية ، ففي حال ثبت نقل الطائرة القطرية أسلحة سيكون هناك رد .
ويطرح السؤال عن مدى وجود استراتيجيا تونسية في التعامل مع الأزمة الليبية و ما إن كانت تلك الاستراتيجيا تقوم فعلا على دعم حكومة الوفاق في طرابلس ، أولا بالنظر الى نفوذها في المنطقة المحاذية للحدود التونسية ، بينما ظلت سلطة خليفة حفتر بعيدة طيلة السنوات الماضية ، ومتمركزة رئيسيا في الشرق ، وثانيا لتأثير حركة النهضة الاسلامية داخل السلطة ، وهي التي لها علاقات وطيدة بالجماعات الاسلامية المتحالفة مع السراج .
وإذا كانت تلك هي استراتيجيا السلطة ، فإنها أضحت في مواجهة مأزق لا تحسد عليه ، مع بداية فقدان حكومة الوفاق لمناطق في غرب ليبيا ، ورفع الغطاء عنها من قبل الأمريكيين والفرنسيين ، بتفاهم مع الروس ، حيث يريد الجميع فضلا عن تقاسم المصالح ، التخلص من الاسلام السياسي الليبي ، بعد أن انتهى دوره ، ومن ثمة كان اندفاع الجيش الوطني حتى أبواب طرابلس ، وإذا ما نجح في مهمته فإن الجماعات الاسلامية المسلحة ستتجه غربا ، لتجد في تونس ملاذا لها ، وهو ما سيقوي ساعد الجماعات الارهابية التكفيرية المتمركزة في الجبال ، التي أصبح انتشارها العسكري يمتد من الحدود الجزائرية حتى الوسط ، مقتربة أكثر فأكثر من سلسلة الجبال المحاذية للحدود التونسية الليبية . ومن هنا فإن استراتيجيا السلطة حيال ليبيا لم تكن مبنية على المصلحة الوطنية ، بقدر ما كانت خاضعة لاعتبارات إيديولوجية ، متصلة بإستراتيجية أشمل ، تتداخل في رسم معالمها دول مثل تركيا وقطر وجماعة الاخوان المسلمين .
وإذا كانت تونس جراء الأزمة الليبية قد خسرت سوقا لبضائعها ، ومشغلا لعمالتها ، وموردا لسلعها ، التي كانت تملأ " أسواق ليبيا " ، المنتشرة في أغلب المدن الجنوبية ، فإنها اليوم مهددة بمواجهة خسارة أكبر ، ليس على صعيد التجارة هذه المرة ، وإنما على صعيد الأمن ، بما قد يحول بعض جهاتها الى قواعد عسكرية للإرهاب التكفيري ، ويفتح المجال أمام حضور عسكري أجنبي وهو ما سيفاقم من معاناة التونسيين ، وقد يطلق شرارة حرب لن تنتهي بسهولة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. دول عدة أساسية تتخذ قرارات متتالية بتعليق توريد الأسلحة إلى
.. سقوط نتنياهو.. هل ينقذ إسرائيل من عزلتها؟ | #التاسعة
.. سرايا القدس تعلن قصف جيش الاحتلال بوابل من قذائف الهاون من ا
.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تقول إنها أنقذت محتجزا إسرائيليا ح
.. -إغلاق المعبر يكلفني حياتي-.. فتى من غزة يناشد للعلاج في الخ