الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموجة الثانية من الربيع العربي : الجزائر مثالا

الأسعد بنرحومة

2019 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يتحكّم الجيش الجزائري بكامل الحياة السياسية منذ خروج فرنسا من الجزائر ، وخاصة في جزئه ”المخابرات العسكرية“، فجهاز المخابرات العسكرية هو الذي يحمي النظام والرئيس ويشرف على كل حركة سياسية في البلاد،كما أنه المراقب الفعلي للجيش . هذا الدور المهم والمحوري لجهاز المخابرات العسكرية مكّن عديد الجنرالات العسكرية من تكوين ثروات طائلة وعقد صفقات من رجال أعمال فاسدين تشاركوا مع الفاسدين في السلطة في نهب ثروات الجزائر والتمكين للتدخل الأجنبي من بسط نفوذه وتنفيذ أجنداته ليس داخل الجزائر لوحدها بل في كامل المنطقة وخاصة مع ظهور شعار ” الحرب على الارهاب ” الذي تستعمله الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من أجل السيطرة والاستعمار.
ومع ظهور أوّل بذور الربيع العربي المنطلق من تونس في 2011 كعنوان جديد فرضته أميركا على المنطقة وحكّامها من أجل احداث تغييرات جوهرية فيها تمكنها من بسط نفوذها نهائيا على مكان هو الأكثر حيوية في العالم بما يضمن لها سيطرتها المطلقة عليه وتفردها بالموقف الدولي ، هذه التغييرات التي تبرز أهم معالمها في اعادة صياغة المنطقة سياسيا وفكريا وجغرافيا واقتصاديا بما يخدم مصالحها ، مع ظهور أول بذرة لهذا الربيع العربي ، عمل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال عهدته الرابعة على تهيئة الأرضية داخل الجزائر لهذا الانتقال الجديد المفروض أمريكيا ، فمنذ 2004 جاهرت الادارة الامريكية بمطالبها الموجهة للحكام والسياسيين وجوهر هذه المطالب القطع مع الاعتماد على الحكام لوحدهم والتركيز على الشعوب ودعم تحركاتهم ضد زعمائهم من أجل بعث حكم يحظى بدعم شعبي في كل بلد بما يسهل لها طريق الاستعمار، ومن مطالبها أيضا تقزيم دور الجيوش وتغيير وظيفتهم من حماية البلد وحدودها الى خلق حروب داخلية بين شعوبهم باسم الحرب على الارهاب أو حرب الجريمة المنظمة.
وهذا ما قام به الرئيس بوتفليقة في الجزائر خلال كامل عهدته الرابعة، فقام باستبعاد العديد من جنرالات الجيش وخاصة جنرالات من داخل المخابرات العسكرية، والحدّ من تدخّل الجيش في الحكم والسياسة، الى جانب استبعاد بعض رجال الاعمال الفاسدين والمتواطئين مع جنرالات العسكر. وأمام استفحال مرضه حوّله أخواه كلّ من السعيد بوتفليقة والناصر بوتفليقة الى مجرد دمية يخرجونها من الخزانة كلما أرادوا لحماية مصالحهم الشخصية وعبثيتهم في السلطة بما بات يهدّد أي انتقال للحكم تريده أميركا أن يحدث.
و منذ يوم 2/4/2019 م دخلت الجزائر في منعطف سياسي هام بعد إعلان مؤسسة الرئاسة في بيان لها منسوب لعبد العزيز بوتفليقة يقول فيه "يشرفني أن أنهي رسميًا إلى علمكم أنني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيسًا للجمهورية". إن هذا البيان ما كان ليصدر لولا التحذير المباشر الذي وجهته قيادة الأركان في الجيش إلى الرئاسة بوجوب تفعيل المادة 102 فورًا من الدستور.
فقد ورد في بيان أركان الجيش الذي صدر قبل أقل من ساعتين من بيان الرئاسة: "فنحن نرى أنه لا مجال للمزيد من تضييع الوقت وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102، ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية. وعليه فقرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ أننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة".
ومنذ أن أصدر قائد الأركان أحمد قايد صالح يوم 26/3/2019 م بيانًا طالبًا فيه تفعيل المادة 102 من الدستور المتعلقة بالشغور تحرك جناح الرئاسة الذي يتحكم فيه السعيد بوتفليقة وبالتنسيق مع جناح المخابرات ممثلًا في محمد مدين الذي يطلق عليه لقب الجنرال توفيق، المدير السابق للمخابرات العسكرية قبل أن يتم تفكيكها، من أجل الالتفاف على أوامر قيادة الأركان.
فبتاريخ 30/3/2019 م أصدرت قيادة الأركان بيانًا ذكرت فيه "إنه بتاريخ 30 /3/ 2019م، تم عقد اجتماع من طرف أشخاص معروفين، سيتم الكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، من أجل شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش الوطني الشعبي وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور".
ورغم أن بيان قيادة الأركان لم يذكر أسماء "العصابة" كما وصفهم هو نفسه، لكن قناة الشروق المقربة من الجيش ذكرت أن هذا الاجتماع كان يضم السعيد بوتفليقة ومحمد مدين (رئيس المخابرات السابق) وعثمان طرطاق، رئيس المخابرات الحالي، بحضور عناصر من المخابرات الفرنسية. وذكر بيان الجيش أن هذه "الأطراف ذوي النوايا السيئة تعمل على إعداد مخطط يهدف إلى ضرب مصداقية الجيش الوطني الشعبي والالتفاف على المطالب المشروعة للشعب".
وما زاد من الأمر خطورة بالنسبة لأحمد قايد صالح هو اللقاء الذي وقع في نفس اليوم بين محمد مدين (الجنرال توفيق) وبين الرئيس السابق الأمين زروال في مقر إقامته بالعاصمة. وأمام اشتداد صراع أجنحة السلطة الذي خرج للعلن وخوفًا من أن يُستعمل مطية في يد جناحي السعيد وتوفيق، قام زروال بإصدار بيان يوم 2/4/2019 يشرح فيه لقاءه بالجنرال توفيق، ذكر فيه أنه: "بداعي الشفافية وواجب احترام الحقيقة، أود أن أعلم أنني استقبلت يوم 30 مارس بطلب منه الفريق المتقاعد محمد مدين الذي حمل لي اقتراح لرئاسة هيئة مكلفة بتسيير المرحلة الانتقالية. وأكد لي أن الاقتراح تم بالاتفاق مع السعيد بوتفليقة، مستشار لدى الرئاسة".
أما الجنرال توفيق فأمام رفض الأمين زروال السير معه في مخططه وبسبب الاتهام الخطير الذي وجهه له قايد صالح عبر قناة الشروق فإنه اضطر أن يصدر بيانًا يوم 1/4/2019 يدافع فيه عن نفسه وبخاصة تهمة التآمر مع المخابرات الفرنسية. وقال الجنرال توفيق في تصريح مكتوب: "إن الاتهام الموجه لشخصي والمتعلق بمقابلتي لرجال مخابرات أجانب، قصد إثارة مواضيع مرتبطة مباشرة مع السيادة الوطنية ما هو إلا محاولة متعمدة لإيذائي والمساس بشخصيتي المعروفة، داخل البلاد وخارجها، بطابع التصدي لكل التدخلات الخارجية سواء كانت سياسية، ثقافية أو اقتصادية". وتابع يقول: "فلا يمكنني أبدًا، تحت أي ظرف من الظروف التخلي عن مبدأ الدفاع عن السيادة الوطنية مهما كانت خطورة المشاكل السياسية التي تمر بها البلاد، إنها القاعدة الثابتة التي أحترمها وأعمل بها في جميع تصرفاتي".
وكأن كل هذه التحركات لجناحي السلطة (الرئاسة والمخابرات) لم تحفز قيادة أركان الجيش للتحرك حتى قام السعيد بوتفليقة باسم الرئاسة يوم 31/3/2019م بتغيير وزاري جديد أبقى فيه على نورالدين بدوي في رئاسة الوزراء وتخلص من أكثر الوزراء كرهًا من قبل عموم الناس في الجزائر. ولم يكتف السعيد بذلك بل أصدر يوم 1/4/2019 بيانًا ذكر فيه أن عبد العزيز بوتفليقة سوف يستقيل من منصبه قبل يوم 28/4/2019م موعد انتهاء عهدته رسميًا، وتحدث البيان عن"فترة انتقالية" بمجرد استقالته. ولم يكتف البيان بذلك بل أخبر أن "قرارات هامة" سوف تصدر في وقت لاحق وذلك من أجل ضمان "استمرارية سير الدولة".
وهنا تحديدًا فهم قايد صالح أن "العصابة"، ويقصد بها السعيد بوتفليقة مدعومًا من الجنرال توفيق، تناور من أجل الإطاحة به عبر قرار عزله من منصب قيادة الأركان ومنصب نائب وزير الدفاع. ومما زاد في شكوك القايد صالح أن جناحي السلطة (المخابرات والرئاسة) روجوا في وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك اليوم أخبارًا تتحدث عن إقالة قايد صالح وتعويضه بالجنرال سعيد باي بعد أن فشلوا في استمالة الأمين زروال إلى خطتهم وجعله حصان طروادة؛ أي رئيسًا انتقاليًّا يعبرون منه إلى بر الأمان أمام ضغط الجيش والمتظاهرين معًا.
وهنا تحركت قيادة الأركان بسرعة وقامت بتطويق الإذاعة والتلفزيون وحتى منزل السعيد بوتفليقة لبعض الوقت من أجل إيصال رسالة مفادها أن أي قرار بعزله سوف يدفع قيادة الأركان نحو اعتقال كل عائلة بوتفليقة. وكانت قيادة الأركان قد قامت قبل ذلك بأيام باعتقال عدد من رجال الأعمال المحسوبين على الرئاسة وبخاصة منهم علي حداد والأخوة كونيناف (رضا وطارق وعبد القادر) والأخوة طحكوت (محي الدين وناصر وبلال). وهي إشارة واضحة إلى السعيد بأنه إذا لم يعلن عن شغور منصب الرئيس فإن قايد صالح لن يتردد في اعتقاله وكل أفراد عائلته، وبخاصة بعد أن رفض السعيد الالتزام باتفاق عقده مع قايد صالح الذي طلب منه إعلان استقالة أخيه مقابل الخروج الآمن له ولعائلته بالإضافة إلى الخروج المشرف لأخيه عبد العزيز.
لقد كان يوم 2/4/2019م يومًا هامًا في التاريخ الحديث للجزائر؛ لأنه حُسم فيه إلى حد كبير صراع أجنحة السلطة في الدولة الجزائرية علنيًا، وإن ظهر في قالب دستوري. فاستقالة بوتفليقة ليست ضربًا فقط لجناح الرئاسة بعد انضمام رئيس الحرس الجمهوري بنعلي بن علي إلى الاجتماع الكبير الذي عقده قايد صالح في مقر قيادة الأركان مع قادة أركان الجيش وقادة النواحي العسكرية الست بالإضافة إلى قادة الدرك والقوات البرية والجوية والبحرية، بل هو أيضًا إضعاف لجناح المخابرات ممثلًا في الجنرال توفيق الذي يمثل الدولة العميقة التابعة لنفوذ فرنسا.
ورغم أن رجال أعمال مثل يسعد ربراب (المحسوب على الجنرال توفيق والمدعوم من فرنسا) قد نزلوا إلى الشارع متظاهرين وداعمين للحراك الشعبي فلا يعني ذلك بحال أنهم قد توافقوا مع جناح قيادة الأركان. بل كل ما في الأمر أنهم يريدون ركوب موجة التظاهرات على أمل توجيه سفينتها نحو شاطئ فرنسا حيث يكون الجنرال توفيق أو تابعه الجنرال علي غديري أو حتى علي بن فليس في انتظارها ليكون رئيسًا لها خلفًا لبوتفليقة.
أما بالنسبة لتداعيات الأحداث فإن الإجراءات الدستورية تقول بأن يتولى رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح منصب الرئيس لمرحلة انتقالية حتى تجري الانتخابات العامة. ولكن يبدو أن هذا غير ممكن في ظل رفض شعبي واسع لابن صالح ولحكومة نورالدين بدوي التي عينها السعيد بوتفليقة. ولذلك لم يبق أمام السعيد سوى أن يقوم بتعويض عبدالقادر بن صالح ونورالدين بدوي بل وحتى رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز بشخصيات مقبولة شعبيًا ويكون ذلك بالتوافق مع قايد صالح.
وفي حال مماطلة السعيد أو فشله في العثور على شخصيات مقبولة فإن الحل الآخر هو أن يقوم قايد صالح مباشرة بتفعيل المادتين 7 (الشعب مصدر كل سلطة) و8 (السلطة التأسيسية ملك الشعب) معتمدًا في ذلك على المادة 28 التي تعطي الحق للجيش في تمثيل الطاقة الدفاعية للأمة من أجل الحفاظ على الاستقلال والسيادة والوحدة الوطنية.
وإذا ما تم السير في الحل الثاني فإن الإجراء العملي هو أن يتم التوافق إما على شخصية مقبولة جماهيريًا ومن قبل أحزاب المعارضة أو يتم انشاء مجلس رئاسي. وفي الحالتين يكون الجيش هو الضامن لهذا الانتقال المرحلي نحو رئيس منتخب شعبيًا بعد إيجاد قانون انتخاب جديد ولجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات. ومع ذلك فإن موضوع إعادة كتابة الدستور تظل موضع جدل بين مطالب بتنقيحه فقط من قبل لجنة دستورية قبل الانتخابات وبين مطالب بتكوين جمعية تأسيسية تكتب دستورًا جديدًا ليكون قاعدة انطلاق نحو انتخابات رئاسية وتشريعية.
ومهما تكن تطورات الأحداث والقرارات بعد مظاهرات الجمعة 5 /4/2019م، فإنه من المؤكد أن قايد صالح (وكل المؤسسة العسكرية من ورائه) قد نجح في تمكين جناح قيادة الأركان من أخذ مركز القوة الأولى داخل الدولة بعد ضرب جناح الرئاسة وإضعاف جناح المخابرات ضمن سياق صراع بين ثلاثة أجنحة حكمت تاريخ الجزائر الحديث. وهو صراع يجري لحساب عصابات داخلية ولحساب مصالح دولية ذلك إن إيجاد خليفة لبوتفليقة لا يتوقف فقط على موازين القوى الداخلية في أجهزة الدولة بل لا بد من إقرار وتزكية من قبل القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية صاحبة اليد الطولى في البلاد.
ولا يستطيع أحد أن ينكر التأثير الخارجي على قرار منصب رئاسة الدولة والانتخابات القادمة، فقد ظهر ذلك في الزيارة التي قام بها وفد من الكونغرس الأميركي إلى الجزائر يوم 23/2/2019 تحت غطاء بحث ملفات إقليمية، وفي هذا اللقاء اجتمع جيمس إنهوف، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي برئيس الوزراء أحمد أويحيى وبحث معه ملفات الأمن والسلم في المنطقة مثل الملف الليبي والمالي ونزاع الصحراء المغربية، ثم انتقل الوفد الأميركي في اليوم التالي إلى مخيمات تندوف، حيث التقى زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.
أما الجنرال علي غديري فهو أيضًا يخطب ود أميركا ورضاها كما نشرت صحيفة "لوموند أفريك" الفرنسية في التاسع من حزيران/يونيو 2017، عندما تحدثت عن "لقاء جمع غديري ومسؤولًا حكوميًّا جزائريًّا سابقًا بمسؤولين عن المخابرات الأميركية في مقر سفارة واشنطن بباريس، ودار اللقاء حول ترتيبات مرحلة ما بعد بوتفليقة".
ونظرًا لأهمية وخطورة الوضع في الجزائر فقد اجتمع يوم 2 آذار/مارس 2019 رؤساء مخابرات دول كل من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا من أجل بحث تأثير أي تطورات سياسية وأمنية على أوروبا. ذلك أن تغير الأوضاع في الجزائر على غير ما تريده دول أوروبا الكبرى له تأثير مباشر على الأمن الاستعماري الأوروبي، سواء مرحليًا بموجات هجرة كبيرة أو استراتيجيًا بوصول المسلمين إلى الحكم أو حتى مشاركتهم فيه.
وخلاصة الأمر فأن الخاسر الأكبر في كل هذه الصراعات هم المسلمون في الجزائر لأنهم ما زالوا بعيدين عن فرض سلطانهم في إدارة شؤون السياسة والمال والثقافة، وفي اختيار عقيدتهم الإسلامية قاعدة لبناء دولة لعموم المسلمين. ولا يجب أن ينخدع المسلمون في الجزائر بالمواقف الأخيرة لقايد صالح الذي يلمع بعضهم صورته في حين يروج له بعض آخر وكأنه البطل المنقذ للبلاد وفق "نظرية المخلص".
إن ما حصل في الجزائر من وقوف الجيش إلى جانب بعض مطالب الشعب وضد جناح الرئاسة لا يعدو أن يكون "تضحية" برأس النظام من أجل المحافظة على قاعدة النظام وجوهره العلماني التابع للوصاية الغربية منذ العام 1962. وبعبارة أخرى فإن ما يجري هو تثبيت استمرارية الدولة العلمانية عبر تغييرات مدروسة وإعادة إنتاج النظام نفسه تحت فزاعة الخوف من "الفراغ الدستوري".
ولذلك لا يجب أن نستغرب إذا ما تم اعتقال بعض أفراد أسرة بوتفليقة وبخاصة السعيد الذي رفع "مواطنون" ضده شكاوى لدى النيابة العامة في العاصمة بتهمة التزوير وانتحال شخصية، من خلال الاستيلاء على ختم الجمهورية وانتحال صفة رئيس الدولة. فمثل هذه الإجراءات في ظل ضغط شعبي متصاعد لا يراد منها سوى إيهام الناس بأن الجيش يقف إلى جانبهم وفوق ذلك فهي "تنازلات" يقوم بها أذناب الكافر المستعمر من أجل امتصاص غضب الناس وشق صفوف المتظاهرين حول حدود المطالب الشعبية التي يمكن تحقيقها.
ويكفي أن يسأل أحدهم نفسه: أين كان أحمد قايد صالح قبل 22/2/2019م، موعد انطلاق التظاهرات الشعبية في الجزائر؟! ألم يكن يمجد عبدالعزيز بوتفليقة ويدعم ترشحه لعهدة خامسة؟! ألم يكن قايد صالح حاميًا لعائلة بوتفليقة ولكل عصاباتها السياسية والمالية والإعلامية والاستخبارية؟! أو ليس عبدالعزيز بوتفليقة هو الذي وضع قايد صالح في منصب قائد الأركان ثم نائبًا لوزير الدفاع، بعد أن حماه من مساعي محمد العماري (رئيس الأركان السابق وسليل الجيش الفرنسي) لإحالته على التقاعد مرتين عندما كان قايد صالح قائدًا للقوات البرية؟!
إن الجواب البسيط والسهل على هذه الأسئلة كفيل بأن يجعلنا ندرك أن ما حصل وما قد يحصل في الجزائر ما هو سوى سيناريو مكرر لما حدث في تونس ومصر واليمن وليبيا عندما تمت التضحية برأس النظام فداءً لبقاء نظام الوصاية الغربية الكافرة مهيمنًا على المسلمين ومانعًا لهم من التحرر وامتلاك إرادتهم في حكم أنفسهم بعقيدتهم والسيطرة على ثرواتهم ومدخراتهم. وإنه ما لم يتم التخلص من أذناب الاستعمار الكافر وقلع وسائل تحكمه في مصائرنا فإن الحديث عن انتخاب رئيس أو وضع دستور أو تشكيل مجلس نيابي يبقى مجرد حديث لا يسمن ولا يغني من جوع.
وإن الكافر العلماني لن يعدم وسائل الضغط على الجماهير ودفعها للقبول بالأمر الواقع، ليس فقط عن طريق استعمال العنف والإرهاب كما حدث في العشرية السوداء بعد انقلاب 1992م، بل أيضًا عن طريق استعمال الضغط الإقليمي. وإن اختيار المجرم خليفة حفتر هذه الأيام للقيام بهجومه على طرابلس والعمل على إدخالها تحت حكمه بقوة الحديد والنار وبضوء أخضر من القوى الغربية ما هو إلا مقدمة للضغط على المسلمين في الجزائر وإعطاء جنرالات الجيش مسوغًا لعدم الاستجابة لمطالب الناس تحت ذريعة التصدى للعدوان الخارجي أو التخويف بعشرية سواء جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحوار المتمدن
نور الحرية ( 2019 / 4 / 28 - 22:04 )
هذا موقع علماني تنويري ديمقراطي محرم على الدواعش من أمثال هذا الكاتب الذي ينطلق من ذهنية اسلاماوية مهترئة

اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس