الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حِمِيْدْتِي: خَطَرٌ مَاْحِقٌ وَشَرٌّ مُسْتَطِيْر ..!

فيصل عوض حسن

2019 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


حِمِيْدْتِي: خَطَرٌ مَاْحِقٌ وَشَرٌّ مُسْتَطِيْر ..!

فيصل عوض حسن

وفقاً لجميعِ صُحُفِ الخرطومِ يوم 28 أبريل 2019، وبحضور مُدير عِصابة (الأمن والمُخابرات) ونائبه، أشادَ المدعو (حِمِيْدْتِي) الذي اعتلى أمر السُّودان في غَفْلَةٍ من الزمان، بهذه (العِصابة) وأهمِّيتها لاستقرار البلاد، وعدم (تفكيرهم) في حَلِّها، وإنَّما إعادة هيكلتها وترتيبها كـ(جهازٍ قوميٍ ووطني)، مُوضِّحاً العلاقة (المتينة) التي تربطه بعِصابةِ الأمن (تاريخياً وحاضراً)، داعياً لتحكيم القانون بصرامةٍ وعدالة، بعيداً عمَّا أسماه (تصفية حسابات) أو انتماءات سياسيَّة!
التصريحات أعلاه، صادمةٌ جداً ومُتناقضة، وتُعزِّز (تحذيراتي) الشديدة في مقالتي (تَحْجِيْم حِمِيْدْتِي: مَطْلَبٌ حَتْمِيٌ لِإِنْقَاْذِ اَلْسُّوْدَاْن)، بعكس فرحة الكثيرين بهذا المُجرم، والتعويل عليه في نهضة وإصلاح البلاد. مَصدرُ الصدمةِ، أنَّ حِمِيْدْتِي (أكَّدَ) بقاء المُتأسلمين وتَرَابُط مليشياتهم بمُسمَّياتها المُختلفة، سواء عِصابة أمنهم الإجراميَّة أو مَقَاطيع الدعم السريع وغيرهما، الذين فعلوا جميع المُوبِقاتِ ضد الشعب السُّوداني، كالتشريد والاعتقال والإهانة والضرب والقتل والاغتصاب، وإشاعة الفِتَنْ القَبَلِيَّة/العقائِدِيَّة، والإبادة الجَمَاعِيَّة والجرائم ضد الإنسانِيَّة، وتجارة البشر والإرهاب والنَّهب. ومصدرُ التَناقُضِ، إقرار حِمِيْدْتِي بحاجة (عِصابة) الأمن لإعادة الترتيب حتَّى تُصبح (قَومِيَّة/وطنيَّة)، مما يعني انتفاء قوميتها ووطنيتها الآن، فضلاً عن دعوته للاحتكام إلى القانون والعدالة، وهي (قِيَمٌ) لو طُبِّقَتْ فعلياً، ستفرض وضع حِمِيْدْتِي ومليشياته في السُجُون، تبعاً لجرائمهم التي تَقْشعِرُّ لها الأبدان!
المُؤلِم، أنَّ عدداً مُقدَّراً من السُّودانيين يتَعَاطفون مع حِمِيْدْتِي، وبعبارةٍ أدق يتعاملون بمعاييرٍ (مُزْدَوَجَة). إذ تَنَاسُوا جرائمه البَشَعة بدارفور والمنطقتين، وفي عُمق المُدُن السُّودانِيَّة بما فيها العاصمة، وعدم (أهَلِّيَّته) الأخلاقيَّة/الإنسانِيَّة والأكاديميَّة والمِهَنِيَّة للرُّتْبَةِ/المَكَانة الرَّفيعة التي نَالَها، وانبهروا بأكاذيبه المُتلاحِقة بشأن دولة القانون والديمقراطِيَّة، ولم يتَوقَّفوا في (وَقَاحته) ومَنِّه على الشعب السُّوداني، بتوفير الوقود والاحتياجات الضررويَّة وإنقاذه للاقتصاد، وكأنَّه يدفعها من بيت أبيه وليس من (الارتزاق) وتِجَارةِ الأطفال، لصالح حرب الإمارات والسعودِيَّة (العَبَثيَّةِ) في اليمن، وهي مُعطياتٌ تُجْبِرُ العُقَلَاءِ لرفض هذا المُجرم، ناهيك الوثوق فيه أو التعويل عليه!
المُدافعون عن حِمِيْدْتِي، يتَحَجَّجُون بِقُوَّته العسكريَّة، و(يَتَوَهَّمون) بأنَّه حَمَى الثُوَّارِ، ويُطالِبون بعدم استعدائه حالياً حتَّى نَسْتَقْوَى ونُحاكمه لاحقاً، مُستسهلين إجرامه غير المسبوق، وهنا نتساءل: هل البشير وعصابته كانوا (عُزَّلاً) حينما خرجنا لاقتلاعهم، حتَّى نخشى حِمِيْدْتِي ومليشياته؟ وهل ثُرنا على البشير لنقبل بهذا المُجرم؟ وما أثر هذا القبول على أهلنا (ضحايا) الجنجويد؟ ومن يضمن (سَذَاجَة) حِمِيْدْتِي وانتظاره حتَّى (نَقْوَى) ونُخضعه للمُحاكمة؟! وأين كان حِمِيْدْتِي من الإجرام الإسْلَامَوِي طِيلةِ الحِرَاكْ، ولماذا جَلَبَ مليشياته (المُقَرَّبة) بكثافةٍ مُؤخَّراً، وغرسهم في الأماكن الاستراتيجيَّة بالعاصمة؟ ولماذا تدعمه الإمارات والسعودِيَّة، بصورةٍ مُباشرةٍ، بعيداً عن مُؤسَّسات الدولة المَعنِيَّة (وزارة المالِيَّة/البنك المركزي)؟! وهل ترقيته لفريقٍ أوَّل (أولويَّة) في ظل الحالة المأزومة الرَّاهِنة؟ أين البُرهان وبِقِيَّة أجهزة الدولة (لو اعتبرنا أنَّنا في دولة) من تَدَخُّلاتِ حِمِيْدْتِي السَّافرة، في أشياء ليست من اختصاصه، ولا يملك تفويضاً فيها من الجِهات المَعنِيَّة؟ وهل من المُؤسَّسيَّة/الانضباط، تَصَدِّي حِمِيْدْتِي لمُوجِّهات السياسة الماليَّة/النَّقْدِيَّة، وتوفير القمح والدعم الخارجي، وشكل الحُكم والنِّظام الإداري للدولة، و(هيكلة) كلٍ من القُوَّاتِ المُسَلَّحة و(عِصابة) الأمن والمُخابرات وغيرها من الأمور الحَسَّاسة، التي تحتاج لـ(تَخَصُّصيَّةٍ) وتأهيلٍ علميٍ وتَفويضٍ مُؤسَّسي/إداري؟!
من أكبر التضليلات، اعتقاد البعض بأنَّ الجيش حَمَى الثورة، والحقيقة هي أنَّ (بعض) صِغَار الضُبَّاطِ والجنود، انحازوا للشعب، وفي حالاتٍ قليلةٍ جداً، ولو كان الجيشُ (فعلاً) مع الشعب لرَفَض وجود (الجاهل) حِمِيْدْتِي، ومَنَعه ومليشياته من دخول المَقَار العسكريَّة، وعلى رأسها القيادة العامَّة لأنَّهم غير مُؤهَّلين لدخولها والعَبَثِ بمُقَدَّرَاتها. والواقع، أنَّ أفرادَ الجيشِ تَائهون، ولا يَعُون أنَّهم (أقوَى) من حِمِيْدْتِي ومليشياته، الذين لو كانوا هم الأقوى فعلاً، لطردوا الجيش من ثَكَنَاتِه وهذا ما سيفعلوه قريباً، إذ نَشَرَت صحيفة الراكوبة في 22 أبريل 2019، بأنَّ حِمِيْدْتِي يسعى لتنفيذ خِطَّة تستهدف (ظاهرياً) تطوير المُؤسَّسات الدِفَاعِيَّة والأمنِيَّة، وهدفها (المُسْتَتَرْ) القضاء (تماماً) على الشكل الحالي/التاريخي للجيش السُّوداني، وتخفيض/تسريح منسوبيه بنسبة 80%، وإحلال مليشياته مكانهم، بالتنسيق مع ما يُسمَّى هيئة عمليات (عِصابة) الأمن، ودعمٍ دولي/إقليمي بدأت مَلامِحه واضحةً الآن، بما يُفسَّر (حَمْلَة) تضخيم حِمِيْدْتِي و(تجميله)! وهنا علينا استرجاع وقفتنا القَوِيَّة وصمودنا أمام مليشيات المُتأسلمين المُسلَّحة، حتَّى أجبرناهم على (تمثيليَّات) إزاحة البشير، وترفيع ابن عوف ومن بعده البُرهان، وذلك باعتمادنا على وِحْدَتِنا وإرادتنا، دون أي دعمٍ من حِمِيْدْتِي ومليشياته الإجرامِيَّة، ويُمكننا تكرارها مع مجلس البُرهان بكامله حتَّى يكتمل التغيير المنشود. كما علينا استحضار جرائم الإبادة الجماعِيَّة والجرائم ضد الإنسانِيَّة التي ارتكبها حِمِيْدْتِي و(جنجويده)، وآخرها في مدينة كُتُم عقب تنصيبه نائباً للبرهان قبل أُسبوعين، التي تُحَتِّم مُناهضته وإخضاعه للمُحاكمة.
تأسيساً على المُعطيات أعلاه، فإنَّ حِمِيْدِتي هو الخطرُ الأعظم حالياً على السُّودان ووحدة تُرابه ووجدانه، وسيكون (الأداة) لاستكمال المُخطَّطات الدَوْليَّة/الإقليميَّة التي بدأها المُتأسلمون، وتمَّ اختياره وتجهيزه بعنايةٍ لأنَّه (مَعْلُولٌ/نَاقِصٌ) كالبشير وأسوأ، فالعالم الخارجي لم يَخْتَرْه لقُوَّته، وإنَّما لتَوَرُّطه في عددٍ من الجرائم (المُوثَّقة)، حتَّى (يَبْتَزُّوه) بها لاحقاً كما فعلوا مع البشير ومن بعده ابن عوف، وسيتم إزاحة البرهان ليحل مَحَلَّه المُجرم حِمِيْدْتِي، وفي جميع الحالات فإنَّ السُّودان وأهله هم (الضَحِيَّة)!
لا مجال أمامنا سوى رفض حِمِيْدِتي من أساسه، وبنفس الأسلوب الذي رفضنا به البشير وابن عوف، وعدم مَنْحِه (الشرعِيَّة) بالجلوس إليه أو التَفَاوُض معه، وليعلم مُتَردِّدوا الجيش من صغار ومُتوسطّي الرُتَب، بأنَّ هذا المُجرم سيرميهم بمُجرَّد تَحَقُّق مَراميه، فهو أناني وغَدَّار ودَمَوِي ولا يعرف القِيَمْ والأخلاق. والحَلُّ الأمثلُ، يكون بتَلَاحُم شُرفاء الجيش مع الشعب، وإيقاف تَطَفُّل حِمِيْدْتِي ومليشياته على الدولة ومُقدَّراتها، وحَسْمَهم قبل فوات الأوان، والفرصة ما تزال مُواتية لذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24