الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزيزتي: الصامتة

شريف الزهيري

2019 / 4 / 29
الادب والفن



كنت أُفضل أن أكتُب إليكِ صباحًا، كنت أستيقظ في تمام السابعة أو الثامنة بالرغم من أنه لم يمر علي نومي أكثر من ساعتين ولكنني كنت أعلم انك تكونين مستيقظة في ذلك الوقت، أعترف أنني كنت أزداد حنقًا وكرهًا واختناقًا منكِ في صمت الليل الرهيب وأعوض هذا بالحب الجارف في الصباح، كُنتِ بمثابة الحياة بالنسبة إلي، لم أعلم لماذا تُفرّقنا الظروف هكذا وتُبعدنا بهذا الشكل القمئ، لقد تَغَيرّت حياتي بالكامل، كنت دائماً أترجل من المنزل في تمام الحادية عشر مساءًا، كنت من عشاق السير في الشوارع الخلفية بعيدًا عن صخب المدينة، كنت أهرب دائمًا من التجمعات، ولكن تغير كل ذلك، أصبحت مواظبًا علي الخروج في التاسعة مساءًا تزامنًًا مع موعد رؤيتكِ، كُنت أذهب يوميًا الي نفس المكان الذي رأيتِك فيه لأول مرة بعد أول رسالة أرسلتها إليكِ، عندما كنتِ تحدثي إحداهن ثم تلفظتي بكلمة (so what) في وسط الكلام، كُنت كأنني أسمع الإنجليزية لأول مرة بهذه السلاسة، كنت أشعرك طائرة حولي مثل فراشة ذات الوان زاهية، كنت كأنني في الجنة، كنت أود أن نظل هكذا أطول فترة مُمّكنه، كانت رؤيتكِ والكتب في مقابلتك، له وقع الصدمة عَلّي، كان إلتقاء أعز شيئين علي قلبي، فأنتِ الحُب والكتب الثورة، الثورة التي هي أعلي مراتب الحُب، وفي المرة الثانية عندما كنتِ تسيرين بصحبة إحدي صديقاتك (والتي قد أرسلتُ لها رسالة فيما بعد، بعد معرفتي انها من أعز أصدقائك) في أحد شوارع المدينة الصاخبة، أتذكر جيدًا كان ذلك في تمام الساعة العاشرة والنِصف، يومها كُنتما تتهامسان ضاحكين، وعند عودتك بعد جولة، تبادلنا النظرات، لما أعلم جيدًا ما كان ورائها من ناحيتك أهي كانت استكشاف؟ أم كُنتِ تشعرين بما أصابني وأرهقني؟ أم كنتي تنتشي برؤية المغرمين بكِ؟ يومها قال لي أحد الأصدقاء شيئًا غريبًا أصابني بالذهول عندما رأَني أنتبة لَكِ جيدًا "شَبهَك قوي" وكانت تعلو وجهه علامات الجدية، زادني حيرة بهذه الكلمة ولكن ما توصلت إليه أنه كان يقصد بذلك الهيئة العامة وليس الوجوه فأنا لست بجميل.

أصبحت فيما بعد أُفتش عنكِ في شوارع المدينة كلها وفي جميع الأوقات أصبحت أفتش في وشوش المارة لا بدافع الإستطلاع والشهوة بل بدافع البحث عنكِ فقط، كنت اُتابعِك جيدًا، رأيتك مرتين فيما بعد صدفة، ولكن للأسف كان اتجاهنا مغايرًا وكنت أسير بصحبة أصدقائي، تمنيت حينها أن أكون قادرًا علي الطيران وأن أختطفك من وسط هذه الحشود، كانت نظراتي تفضحني أمامهم، كنتِ بمثابة سر أردت أن أخبئه في قلبي خوفًا من شر هذا العالم، ولم تستهوني ابدًا فكرة إيقافك أو التحدث إليكي في أحد الطرقات، فانا لم اكن ابدًا حاجرًا علي حرية أحدًا أو من مخترقي الخصوصية الذين تعج بهم شوارع مدينتنا، كنت أخشي عليكِ أيضًا من القيل والقال.

وعلي مدار السنتين الماضيتين لم أفكر في أن أسأل أحدًا عنك حفاظًا علي هذا السر العظيم، أردت أن أجدك بنفسي ولنفسي، هل كُنتِ تشعرين بي طوال هذه الفترة؟! الاكيد أن الاجابة ستكون بلا.

والأن انا متعب، مرهق حد السمالة، وأصبح الاكتئاب يحلق في أُفقي، بعد أن فارقني منذ حوالي سنة بالكثير بعد مُعاناه، كنت حزين علي نفسي وما وقع بها ومع ذلك كنت أشعر بالخوف القاتل عليكِ، كُنت أخاف عليكِ من نفسي ايضًا فأنا أستهلكتني الحياة، كنت أخاف أن أُعطب روحك.

ولكنني لم أيأس، كنت أشنق الخوف بالاغنيات وأشنق الوحدة بالأمل، كنت في إنتظارك دائمًا وكنت مواظب دائمًا علي أن أتواجد في نفس الأماكن الذي رأيتك فيها وفي نفس الأوقات تقريباً ولكن كما يدور معي دائمًا، لم يحالفني الحظ، ولكنني مُنتّظر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري