الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاسم السلطة والثروة بين مناطق الدولة؟ (محاولة للفهم!)

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2019 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


مشكلة تقاسم السلطة والثروة بين مناطق الدولة!؟
------------------------(محاولة للفهم!)--------------------------------
(1) مفهوم (التقاسم)؟
-------------------
كلمة (تقاسم) تعني أن هناك (تفاهم) بين ممثلي وقادة سكان مناطق البلد الرئيسية على توزيع وتقسيم سلطة وثروة البلد العامة - بالتشاور والتراضي - بينهم من جهة ومن جهة بينهم وبين (مركز الدولة) بشكل يحقق العدالة المناطقية من جهة (الشعور بالعدالة) ومن جهة أخرى بما يقلل كثيرًا من مركزية الحكم والادارة في الدولة أي بما يحقق تمتع سكان المناطق باستقلالية كبيرة في حكم ذاتهم وإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم (الشعور بالحرية) وهو شكل من أشكال الديموقراطية المحلية، وبما يضمن تحقق التنمية المكانية بجهود السكان انفسهم (النمو المحلي).. فهذا هو مفهوم عبارة (التقاسم)!.
* * *
(2) مفهوم (السلطة)!؟
---------------------
والمقصود بها هنا (سلطة الدولة) أو (السلطة العامة) والتي تتمثل في ثلاثة سلطات رئيسية:
أ - السلطة التشريعية (وهي سلطة الحكم أي سن القوانين واصدار القرارات، ورسم السياسات) ويمارسها نواب وممثلي الشعب في البرلمان... وفي بعض النظم قد يشترك الملك أو الرئيس في سلطة التشريع ولو من خلال اقتراح بعض القوانين.
ب - السلطة التنفيذية (السلطة الحكومية والادارية في تنفيذ القوانين وتحقيق السياسات المقررة من قبل مجلس الحكم أي المجلس التشريعي) وتمارسها الحكومة بمساعدة الجهاز الإداري للدولة.
ج - السلطة القضائية (أي سلطة تطبيق القانون على القضايا المعروضة للتقاضي والفصل في المنازعات بشتى أصنافها ودرجاتها!) ويمارسها القضاة والمحاكم.
فهذا هو مفهوم السلطة، فكيف يتم تقاسمها سواء في النظام الفيدرالي الاتحادي كما في أمريكا وسويسرا وماليزيا والامارات أو النظام الواحدي الذي يطبق اللامركزية الموسعة في الحكم والادارة كما في فرنسا وايطاليا واندونيسيا ويهب بعض المناطق نوعًا من الحكم الذاتي؟؟؟
الجواب:
- أولًا؛ يتم تقاسم هذه السلطات الثلاث فيما بين هذه المناطق المكونة للبلد بحيث تتمتع كل منطقة بقدر كافٍ من هذه السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) فيما يتعلق بشؤونها المحلية وفي نطاق حدودها الإدارية.
- ثانيًا؛ يتم تقاسم هذه السلطات الثلاث بين مجموع المناطق من جهة، ومركز الدولة (مجلس الأمة والحكومة الوطنية ورئاسة الدولة) من جهة أخرى، بحيث تحتفظ الدولة بالسلطات السيادية مثل الدفاع والخارجية والسلطة المالية (المصرف المركزي) وغير ذلك من الصلاحيات والمؤسسات الوطنية العامة التي يتم التفاهم على أن من المناسب والأفضل وضعها تحت يد مركز الدولة!.
ملاحظة مهمة: يتمتع القضاء على مستوى الدولة كالمحكمة الدستورية العليا أو القضاء الاداري أو على مستوى المناطق باستقلالية تامة عن حكومات المناطق وعن الحكومة الوطنية المركزية.
* * *
(3) مفهوم الثروة؟
-----------------
والمقصود بها هنا الثروة العامة وليس الثروة الخاصة التي يمتلكها المواطنون أفرادًا وعوائل وشركات!، فالكثير من القراء بل وحتى بعض المتخصصين حتى في الاقتصاد يخلطون بين مفهوم (الثروة الوطنية) أي ثروة البلد والوطن، ومفهوم (الثروة العامة) أو ما يسميها البعض بأموال الدولة كمؤسسة عامة أي الأموال والممتلكات التي في عهدة الدولة نيابة عن المجتمع، الدولة كجهاز حكومي واداري وليس الدولة ككيان وطني يشمل الارض والشعب وجهاز الحكم والادارة!... الثروة الوطنية هي محصلة جمع (الثروة العامة + ثروات الافراد والشركات الخاصة).... وبالتالي حينما يكون الحديث عن (تقاسم الثروة) فلا يعني تقاسم ثروة الناس المملوكة للأفراد والعوائل والشركات الخاصة، بل المقصود تقاسم الثروة العامة الموجودة في يد الدولة كجهاز حكم وإدارة!، وهذه الثروة العامة إما تتمثل في ثروات طبيعية مثل النفط والغاز والمعادن...الخ.. أو تتمثل في دخل الدولة من الضرائب المضروبة على دخول الافراد أو على اشخاصهم مثل ضريبة البلدية!، أو تتمثل في الجمارك والرسوم التي تفرضها الدولة على المعابر والموانئ والمطارات...الخ، أو تتمثل في دخل الشركات والمصانع والمزارع والمشروعات التجارية التي تديرها الدولة، أو تتمثل في ايجارات العقارات المملوكة للدولة والتي تقوم بتأجيرها للأفراد أو الشركات المحلية أو حتى الاجنبية بغرض الاستثمار!.. هذه هي أهم أصناف الثروة العامة (أموال وممتلكات الدولة: الجامدة والسائلة أو الثابتة والمنقولة) القابلة للتقاسم بين المناطق (الولايات أو المحافظات أو المقاطعات) وبين الدولة كجهاز حكومي واداري يمثل المجتمع الوطني ككل، بحيث يكون لكل منطقة نصيبٌ ثابتٌ من هذه الثروة العامة الموجودة في نطاقها الاداري بما فيها الضرائب أو الجمارك أو المشروعات العامة أو حتى الثروات الطبيعية.
* * *
كيف يتم تقاسم هذه الثروة العامة التي تشرف عليها الدولة أو السلطات المحلية في المناطق!؟
الجواب:
يكون (التقاسم) وتحديد نصيب (المنطقة) ونصيب (الدولة) من خلال التفاهم والتوافق والتراضي، فليس هناك نسبة محددة لكن بكل تأكيد فإن النسبة التي تذهب لمركز الدولة هي الأكثر والأكبر دائمًا حيث تعيد تدويرها وتوزيعها أولًا على الانفاق على ذاتها كمؤسسة خادمة للمجتمع الوطني تحتاج للمال لكي تعمل، وثانيًا على المشروعات الوطنية العامة!!، وثالثًا على المواطنين والمناطق الأقل دخلًا وثروةً طبيعية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية!.
كما أنه يجب ملاحظة أن مفهوم ومبدأ تقاسم الثروة العامة أو التوزيع العادل أو الرشيد والجيد للثروة كما يشمل المناطق أي يتم تطبيقه على مستوى المناطق، فيجب أن يشمل الأفراد، أي يتم تطبيقه على مستوى المواطنين!... فلابد أن يكون لكل مواطن بغض النظر عن المنطقة التي يستقر فيها نصيبٌ من الثروة الوطنية العامة، وكما ذكرنا أن الثروة الوطنية هي (الثروات الخاصة + الثروة العامة) ولهذا فإنه عليه أن يجتهد بجهده وكده في سبيل أن يحصل على نصيب من هذه الثروة من خلال عمله في مجال من مجال الارتزاق.. ثم إذا لم يتمكن - لسبب من الأسباب - من الوصول إلى (المعدل القانوني) الذي يجب أن يتمتع به كل مواطن وكل أسرة من الدخل والمعاش والحياة الكريمة، فإن الدولة - ممثلة وخادمة المجتمع والافراد - تتكفل بسد هذا النقص من خلال مساعدة محدودي الدخل أو العاطلين عن العمل لسبب اضطراري.. والأهم من هذا كله تساعدهم على الحصول على وظائف جيدة أو تعلمهم طرق الاستثمار كي تتحسن مداخيلهم، وبالتالي يرتفع مستوى معيشتهم، فالثروة الوطنية جزء كبير منها ليس بيد الدولة بل هو بيد الناس في صورة أموال ثابتة ومنقولة، يتداولونه بينهم من خلال آليات السوق أو الميراث وغير ذلك من آليات تداول المال بين الناس، وبهذا لا يمكن مساواة الناس في الرزق كما يتمنى الحالمون كالشيوعيين، ولكن يجب توفير الفرص أمام كل الافراد للتفوق والنجاح ورفع مستوى معيشتهم بأنفسهم وجهدهم ومن يعجز لسبب ما فإن الدولة - خادمة وراعية المجتمع وأفراده - تكفل له الحد الأدنى من الحياة الكريمة، فتوزيع المال العام ينبغي أن يقوم على مبدأين: الأول مبدأ (العدالة) الاجتماعية، والثاني مبدأ (الكفالة) الاجتماعية!.... فمن يعجز أو يفشل في الحصول على نصيب كافٍ من ثروة المجتمع بكده ويده واجتهاده وجهده من خلال العمل فإن المجتمع يكفل له حاجاته الأساسية والحد الأدنى من الحياة الكريمة بحسب الظروف الحضارية والاقتصادية في كل بلد، فما قد نعتبره مستوى جيد من المعيشة في بلد فقير اقتصاديًا ومتخلف حضاريًا، ربما يُعتبر في بلد آخر ثري اقتصاديًا ومتقدم حضاريًا يقع ضمن خط الفقر(!!).... وربما يكون لحديثنا بقية بتوسع فيما يتعلق بمبدأ التوزيع العادل والرشيد للثروة كمبدأ عام أكبر من مفهوم تقاسم السلطة والثروة على مستوى مناطق الدولة سواء في ظل نظام فيدرالي واتحادي ((مركب)) كما في أمريكا وسويسرا وبريطانيا وماليزيا والبرازيل والامارات ونيجيريا أو في ظل نظام أحادي ((بسيط)) يطبق اللامركزية الموسعة سواء على مستوى الحكم (التشريع) أو مستوى الإدارة (التنفيذ) على السواء كما في فرنسا وإيطاليا واندونيسيا!.
*******************
سليم نصر الرقعي 2019
(*) هل توزيع السكان أمر قدري أم بشري؟؟؟
سؤال يجب أن نفكر فيه كما يجب أن نفكر في مسألة توزيع الثروة والسلطة؟؟ فالمسألتان مرتبطتان، فالاختلال في توزيع الثروة والسلطة قد ينشأ عنه اختلال في توزيع السكان!، والعكس صحيح!.... هل عملية توزيع السكان (الحركة الديموغرافية) هي عملية تلقائية عفوية تحدث في المجتمع بشكل عفوي طبيعي أم بشكل جبري وقدري وحتمي أم بشكل ارادي بشري واع؟؟ .. والأمر في تقديري هو خليط من الحتمية والحرية، فأنت تملك حرية الخيارات ولكنك لا تملك حتمية المسارات التي تنتج عن هذه الخيارات، الله استخلف الانسان في الأرض ومعنى ذلك أن مهمته الاساسية هي إعادة تشكيل وترتيب الأرض من أجل عمارتها على أسس عادلة وفاضلة ورشيدة، وعدم ترك الأمور للعفوية الطبيعية (الفوضى الخلاقة وغير الخلاقة!) بل لابد من التدخل الانساني الارادي الواعي لتحسين وتنظيم الأمور!.. ولكن المشكلة الكبيرة والخطيرة هنا أن التدخل البشري في مسار حركة الاشياء الطبيعية والتفاعلات الاجتماعية إذا قام على جهل بسيط أو جهل مركب وقصور في العلم وسيادة للوهم فإنه يكون تدخلًا ضارًا يزيد الأمور سوءًا على طريقة ((جاء يريد أن يداوي العين فعماها!!)) وهذا عادة يحصل مع سيطرة الايديولوجيات بكل اصنافها (دينية وعلمانية وقومية ووطنية) في قرار ومسار الانسان الفرد والمجتمع!، فيُفسد الانسان في الأرض ويظلم من حيث يظن أنه يُصلح ويعدل!!.. وقد يعيش ويموت وهو يعتقد أنه على الحق المبين وأنه صاحب مشروع اصلاحي عظيم دون يدرك بأنه بسبب القصور العلمي والمعتقد الوهمي يُزيد طينة البشر ومجتمعاتهم وطبيعتهم وأخلاقهم سوءًا على سوء!!، فكل الطغاة كانوا يزعمون - وربما يصدقون أنفسهم - بأنهم مصلحون ويريدون تحقيق العدالة بل وربما المساواة التامة بين البشر!!... لهذا لابد مع توفر (الارادة) و(العزم) توفر (العلم) ومع العلم لابد من توفر (الحكمة والحلم) و(فهم طبائع البشر وحقائق الواقع وقوانين التغيير والاصلاح الصحيحة للمجتمعات)!.. فلا تكفي الشعارات الجميلة والتصورات المثالية النبيلة لتغيير واقع الناس نحو الأفضل!.... تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضمادة ترامب تسرق الأضواء بمؤتمر الجمهوريين.. والديمقراطيون ي


.. محادثات مصرية إسرائلية بشأن معبر رفح.. ما هي الحلول وسط شروط




.. مهمة إنقاذ مفاوضات غزة.. ماذا يحدث بين مصر وإسرائيل؟ | #رادا


.. العلاقة مع روسيا وحرب أوكرانيا وحرب غزة والسلام.. أجندة فانس




.. شبكات | لأول مرة.. الاحتلال يعترف بنقص دباباته بسبب تدميرها