الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبور إلى الجحيم

فاطمة هادي الصگبان

2019 / 4 / 30
الادب والفن


العبور إلى الجحيم

مديرة المدرسة تطلبها في المكتب ...نظرت إلى نصف لفافة التن والبيض الحادق
تجولت بأنظارها إلى جدران الحمامات المليئة بفضلات تلك اللامعات المقررات من ينظر إليهن يعجبن الرائي ولكن لو يأتون وينظرون قذارتهن...
رمت بقايا لفافتها ...تراجعت ..رفعتها.. ووضعتها في اقرب كرتون لبقايا الخبز...
مسحت يديها بمريلتها ...
ستذهب إلى تلك المتحذلقة وتلمع في الكلام لترضي أمراض تلك العجوز العانس ستجبرهم وزوجها في تنظيف المنزل ومأوى الكلاب العفنة وتحويل أغراض البيت مئة مرة و و و
لكن هذه المرة ستدع العجوز تنتظر ولن تذهب لانها قررت وزوجها ان يخوضا الأمر المحتوم ...
جاء الليل ومعه رجل مخيف أخذهم إلى منزل على الحدود .....مساحة المنزل لا ترى من كثرة ساكنيه طالبي الرحيل للضفة الأخرى أمسكت ابنتها بطرف وولديها بالطرف الآخر خائفة من تلك السحابة المظلمة ...
دفعهم الرجل وطلب منهم الصمت لحين اعلان الإشارة ...انتظروا أياما وليالي لان الجو كانوا محظورا ومدججا بعسس السواحل ...الحمام الواحد يشغله مئتي أو يزيد ، نظرت لنفسها لقد تزوجت بسبب الحساب ...لا بسبب مدرسة الحساب التي كانت ترسب في تلك المادة كل سنة حتى سئمت من الإعادة وكرهت أخواتها الثلاثة اللواتي يشاركنها الغرفة ...تمنت لو لم تكره الحساب لأصبحت محامية ولقنت احدهم درسا ...نظرت بقوة لذلك المقرف الذي يدق سيجارته الكريهة أمام طفلتها التي تعاني الربو ...لقد حول الغرفة المكتظة إلى مدخنة...كرهته .ونفرت من يده الممسكة بالسيجارة ..وكرهت تركها المدرسة ...حتى كرهت ان تكون محامية...
في اخر يوم بقيت قطعة خبز خبئتها بين ملابسها ...ولكن حين ذهبت لقضاء حاجتها لمحتها إحداهن مخبئها الثمين ...خرجت وإذا بسكين تمزق ثوبها وبعض من لحمها لتنتهك تلك الذخيرة وتبقى تلك الأفواه جائعة ...
تساءلت أنى لهولاء البسطاء ان يمتلكوا اليقين اليه ...هل يراها ..هل غضب منها عندما سرقت قلم الحبر من المديرة وباعته في سوق اللصوص لتطعم صغارها ...لا لتنتقم من تلك العجوز المتكبرة والمتباهية بقلم الباركر والذي لم يجلب ثمنه بضعة قروش ...ارادت ان تبتهل...ان تصلي الضحى لتطلب نذرا ان تدعو ربها...لكنها نسيت ان تصلي لو وصلت هناك ستقيم حضرة محمدية ..هل ستجد دفوف ...هل يحتاج الرب لوقع الدفوف كي يسمع الدعاء... هل سيقبل المتخمين ويرفض الجياع ...التصق الأطفال بأمهم يطالبون بسد الرمق وهي لا تملك سوى دماء الخيبة ...لو اشتد جوعهم هل يحل لهم شرب دماءها وهل يفرق عن حليبها كلاهما يستنزفانها
كرهت الوطن ...كرهت قلة الحيلة ...الجهل ..الفقر ...المديرة ..المدرسات ..الطالبات كل منهن يعايرها بفقرها وجهلها ..كرهت نفسها وذاك القائم الذي كسرته الحياة فأصبحا منكسران....كان اليوم الثامن اصعب فالجوع قد اشتد والماء الحلو نفذ ..لم يبقى الا ماء البحر المج تقيأه أطفالها ...حركت لسانها على وشك ان تذكره ياال...الله
توقفت فقد تركت اللجوء اليه مذ اصبح الاجبار خيارها ...
جاء البغيض وأعلن حرية الإبحار...لم تكن لديهم القدرة على الفرح بسبب الجوع والإنهاك ...غادروا المنزل فرادى حتى وصلوا الزوارق استقلوا وسارت في الليل ..في وسط البحر هبت عاصفة بدأ الوسطاء يخففون من الحمولة الثقيلة بطريقة عشوائية فأبتدأوا بالرجال ...أخذت تنظر للعيون ...والأيادي التي تحاول الإمساك بطرف القارب تقطع وكان زوجها احد الضحايا ...قاومت لتدفع عنه الضرر
أسقطوها ...وهذا اخر ماتذكره من بقايا عقلها ...
في الصباح تجد نفسها على الساحل ومئات الأشلاء من القتلى أطفال ونساء ورجال لم يكن هناك جسدا تعرفه....سوى عيون فضولية ..حاولت ان تهرب ..لكن الشرطة اقتادتها ...تمسكت بها سيدة شابة تعمل في المعهد المقابل للساحل ...
تعهدت بضمانها ...
في الأسابيع المقبلة وما تلاها مرت الأحداث بسلام ... إلى ان بدأت الأشياء المفقودة تزداد كل يوم ...والسيدة تتحمل وفي يوم خرجا للتبرك بماء نيسان حتى أمسكت بالسيدة وارادت خنقها ...لولا تدخل الناس ...بعدها هربت وتهرب وتعيدها ...
سألتها بغضب لم تفعلين ذلك ؟
إجابتها : لست ملاكا لكني جربت فقد الأحبة وضياعهم خلف بريق المال وثمالة الضفة الآخرى ، غرقت في الأسى والقنوط حتى جاء وبقيت حيث هو ...
الحادثة حقيقية حدثت على سواحل مدن التهريب منقولة من ملفات سجن النساء في المدينة نفسها في زيارة ميدانية للكاتبة ،حتى الضحايا كنا نشاهدهم شاهد عيان صباحا والطلاب عين على الدرس وأخرى على الاشلاء شاهد عيان .
هناك تقليد لدى هذه المدينة الأمازيغية في اول نيسان الذهاب إلى البحر فجرا شكرا لله على المطر وللتبرك.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي