الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين والبحث عن حليف

مهند عبد الحميد

2019 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كل الحلفاء الرسميين والتقليديين يظهرون عجزهم ولا مبالاتهم إزاء الاستفراد الامريكي الاسرائيلي بالشعب الفلسطيني وبقضيته العادلة . القمة العربية تمخضت عن بيان واجتماع وزراء الخارجية العرب الذي طلب منه ترجمة قرارات القمة وبخاصة تقديم شبكة أمان قدم شبكة بلا أمان وانقضى الأمر. لا يوجد تفسير للمواقف الرسمية العربية، غير التناغم مع مشروع ترامب وصفقته، بذريعة انتظار الحل الموعود، مع ان كل المقدمات والمؤشرات تعزز وجود حل مشؤوم وكارثي. الخطر لا يقتصر على "ممانعة " دعم الشعب الفلسطيني وقضيته في المرحلة الأصعب، وما يعنيه ذلك من ممارسة ضغوط ومشاركة في الحصار.، الخطر يذهب الى مستوى المساهمة في فصل قطاع غزة عن الضفة وتثبيت حكم حماس وهو جزء من حل ترامب المشؤوم.
كذلك الامر فان الموقف الدولي الذي لم يوافق على مشروع ترامب وعلى تطبيقاته المسبقة، لم يمارس الضغوط عليه، ولم يضع مشاريع بديلة او لم يضع آليات جديدة لمشروع" حل الدولتين"، وقد تراجع الموقف الفرنسي الذي تميز بالمبادرة وتحريك الركود، وبهذا لم يكسر الموقف الدولي الاحتكار الامريكي للعملية السياسية في صيغتها الترمبية السافرة المتنكرة للحقوق الفلسطينية. وبقي الموقف الدولي يدور في متاهة انتظار الاعلان عن حل ترامب االمدمر للحل في شقه الفلسطيني.
الانسداد الرسمي الدولي والعربي أمام حاجتنا للخلاص من الاحتلال والتحرر وتقرير المصير، يدفع للبحث عن حليف آخر. كان الرهان على التحالفات الرسمية وحدها خاطئا بحسب تجارب الشعوب. وفي تجربتنا الفلسطينية جرى الانتقال الى الاصطفافات الرسمية عربيا ودوليا بالكامل تقريبا، وتراجع او انعدم التحالف مع المعارضات ما عدا المعارضات المستأنسة من قبل الانظمة. وبمرور الزمن لم نعد نملك خيارا ثانيا وخطة ثانية ولا ثالثة. واذا كان النظام الفلسطيني مكبلا بقيود العلاقات الرسمية وغير قادر على تجاوزها، فإن حذو التنظيمات السياسية وبخاصة تنظيم فتح حذو نظامها في الذهاب الطوعي والبراغماتي الى القيود لعب دورا مكملا في استبعاد حلفاء آخرين، وفي الانعزال عن حركة الشعوب حتى وهي تنتفض وتحاول انتزاع حريتها، وتحاول تغيير المعادلات القائمة. صحيح ان انعدام الديمقراطية لدى الانظمة العربية يصعب المهمة على التنظيمات السياسية ويضعها امام خيار له اثمان إذا أرادت التغيير. فلا يوجد تغيير بدون ثمن. اي نظام ديمقراطي او نصف ديمقراطي او غير ديمقراطي لا يأخذ بمصالح شعبه بدون تدخلات وبمعزل عن ضغوط. لماذا لا تنتقد التنظيمات والاحزاب السياسات العربية التي تلحق الضرر بعملية الخلاص من الاحتلال؟ وتحديدا السياسة القطرية والسياسة المصرية الممارسة في قطاع غزة، مع العلم انه يوجد نقد من مصريين وبعض قطريين لتلك السياسات. واذا كان من المفهوم امتناع قيادة المنظمة والسلطة عن النقد فإنه من غير المفهوم امتناع حركة فتح عن النقد. واذا كان من المفهوم امتناع الاخيرة عن النقد باعتبارها حزبا حاكما، فمن غير المفهوم امتناع التنظيمات اليسارية عن النقد. الموقف لا يقتصر على الامتناع بل إن هذه القوى تتبرع بالاشادة بسياسة البلدين الممارسة في قطاع غزة. ان الامتناع عن نقد السياسة العربية المتماهية مع الموقف الامريكي يفقد فلسطين اهم عناصر بناء حليف بديل. الموقف الفلسطيني الرسمي والمعارض من الانظمة غير جاذب للمعارضات العربية وللمؤسسات التي تملك هامشا مستقلا عن الانظمة. هذا الواقع الذي تشكل مع مرور الزمن واصبح عبئا على النضال الفلسطيني وعلى اي احتجاج عربي مناهض للاستبداد والتبعية. نحن الان بحاجة الى نواة او جسر فلسطيني لعبور حلفاء جدد. مهما كانت هذه النواة ضعيفة، ستقوى مع التفاعل ومع تطوير ديناميات التحالف والنضال المشترك ضد التبعية والاستبداد والاحتلال وغطرسة القوة، تجسيدا للمصلحة المشتركة.
بحاجة الى نواة فلسطينية غير رسمية، تثق بالشعوب وبقدرتها على التغيير، وتثق بأن الوضع الذي وصلنا اليه ليس قدرا لا فكاك منه. من كان يعتقد ان الشعب السوداني العظيم سينتفض ويواصل نضاله ويتمكن من عزل الطاغية البشير ويمضي في التحرر من حكم العسكر، ويرفض تدخل البترودولار والغاز دولار تحت شعار المساعدة. ومن كان يعتقد ان الشعب الجزائري سيستخلص خبرة العشرية السوداء وخبرة الانتفاضات والثورات العربية المغدورة وخبرة التدخلات المعادية لحق الشعوب في الانعتاق من براثن الاستبداد والتبعية؟ الشعبان الرائعان جددا الامل والتفاؤل بتغيير سيمتد وينتشر حيث يوجد ظلم ونهب واستبداد. لماذا لا نفتح بشكل غير رسمي مع الثورتين السودانية والجزائرية ومن قبلهما قوى التغيير الديمقراطي في تونس. على سبيل المثال لماذا لا نتضامن وندعم التغيير الديمقراطي في البلدين وتحصيل حاصل، نطالب بربط نضالهما من اجل الانتقال الى نظام ديمقراطي ودولة مدنية، بنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وتحديدا، رفض التطبيع واندلاق بعض الدول العربية على دولة الاحتلال والتماهي مع صفقة القرن. حرية وتقرير مصير الشعوب لا يتجزأ. وحرية الشعوب العربية والشعب الفلسطيني لا يقررها ترامب ونتنياهو ورجال الاعمال واصحاب المليارات والقوى العنصرية والشعبوية ومشاريعهم وصفقاتهم في النهب والهيمنة. كان الخبراء الاسرائيليون يخشون من الثورات العربية، اعتقادا منهم بأن هذه الثورات اذا ما حققت اهدافها ستعيد ربط القضية الفلسطينية بالتحرر من علاقات التبعية، كانوا يخشون إعادة فتح اتفاقات كامب ديفيد المصرية الاسرائيلية. تماما كما كانت الولايات المتحدة تخشى الانتقال من أنظمة مستبدة وتابعة الى انظمة ديمقراطية ومستقلة. بأن تطرح الهيمنة الامريكية على المنطقة على بساط البحث. لهذه الاسباب جرى التدخل لقطع الطريق على هذا الاحتمال. لنتذكر انتفاضة الشعب المصري ضد السفارة الاسرائيلية التي جرى تحويلها من احتجاج على الكولونيالية الاسرائيلية الى عداء لليهود كيهود من قبل الشعبويين الدينيين وغيرهم. ذلك الحدث هز العلاقات الاسرائيلية المصرية، ودفع نظام مرسي الى التأكيد على اتفاقات كامب ديفيد.
لا مناص من مسعى فلسطيني يعيد ربط المصالح المشتركة، ومن الطبيعي ان تكون البداية مع قوى الثورة في البلدين الشقيقين السودان والجزائر وفي تونس، وان يعاد بناء التحالف مع قوى التغيير في كل بلد عربي غدرت فيه الثورة ام لم تغدر. لقد نجحت ال( بي دي اس) في بناء معارضة عالمية لدولة الاحتلال عنوانها المقاطعة وتحويل الاحتلال الى قضية خاسرة ، ونريد (بي دي اس) سياسية تتصدى لصفقة ترامب نتنياهو التي تستهدف اخضاع الشعب الفلسطيني. ان بقاء الوضع تحت رحمة المواقف الرسمية سيؤدي الى اختراق ما. هذا الاحتمال يستدعي البحث عن حلفاء شركاء في التحرر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |




.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة


.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها




.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا