الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طَبَقِيَة الطبقة العاملة والواقع العملي لتغييرات مجدية

مصطفى حقي

2006 / 5 / 1
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية


زجّت الطبقة العاملة في حتمية تاريخية وبشكل علمي وبروح إيديولوجية ووفقاً لتعاليم ماركس ولينين الثورية لتسود الطبقة العاملة على امتداد عقود من الأعوام في المجالين السياسي والاجتماعي مندفعة بغدٍ متفائلٍ بسيطرة الطبقة العاملة واندحار المعسكر الرأسمالي ( دك نير الملاكين العقاريين والرأسماليين ، دك سلطتهم ، تحرير الجماهير الكادحة من هؤلاء المستثمرين – الصفحة 129-الجواب على أسئلة صحافي أميركي-المجلد 9 لينين )...
وفي ربيع الثورة سار كل شيء في تألق الزهور وانتخبت القيادات العمالية والفلاحية في جوٍ من الديمقراطية والإخلاص الحزبي ، وتتقدم الأمور في بدايتها بشكل رائع ، ولكن طبيعة الحياة وطبيعة الأحداث وخفايا النزعة البشرية والتي كان على المفكرين الماركسيين الوقوف عندها طويلاً ودراسة تلك الظاهرة بشكل مفصل ودقيق ولفترة أطول وخاصة نزعة حب التسلط عند الكائن البشري وحب التملك والاستحواذ ورغبة التغيير والتبديل والحرية العبثية ، ولكن النظرية رغم روعتها شيء والتطبيق شيء آخر .. فإذا بالمجتمع الروسي الذي طُبِعَ بالمجتمع العمالي والفلاحي وبعد وفاة القادة الأوائل ، ينقسم إلى طبقتين ، طبقة القاعدة تتألف من جماهير الشعب كافة ، ثمّ طبقة القيادة وهم المنتخبون من القاعدة ..
وهكذا تكوّنت الدولة ووفق التشكيلة الأخيرة وانقسمت إلى ثلاثة طبقات ، في القمة منها أجهزة السلطة الحاكمة والثانية التي تلي الأولى طبقة القيادات النقابية ثم وأخيراً طبقة القاعدة الشعبية وصار هناك حد فاصل مابين القيادة ( السلطة ) والقاعدة
( الشعب ) الطبقة الوسطى وهم كادر النقابات العمالية من قادة وموظفين أو مستخدمين ، وقد أثبت التاريخ أن هذه الطبقة الوسيطة تصانع الحكومات ( القمة) وتتملق لها ومن أجلها بسياسة النفاق ، وتتوجه بما تمليه عليها تلك الحكومات وتنقل إليها رغبات القاعدة العمالية وفق هوى السلطة العليا لا وفق رغبات وطلبات القاعدة ( المنظمات الشعبية والنقابية) لتستمر بنعمة موقعها كقيادة عمالية وتتوارثها.. وإذا بالشعب أو الجمهور الواسع بطبقتيه العمالية والفلاحية يقع تحت كاهل طبقتين ، الأولى والمباشرة وهي التي انتخبت ممثليها ، ومن ثم أجهزة السلطة العليا والتي هي بدورها منتخبة أيضاً بمعظمها ، وبالتالي فان قرارات المجالس العليا هي التي تنعكس تشريعياً وتنظيمياً على السياسة الإقتصادية والاجتماعية على الجميع ولكن لصالح سياسة الدولة الداخلية والخارجية على حساب الكثير من تطلعات وآمال القواعد وصارت صورة الدولة الاشتراكية القائمة على العدل والمساواة على غير حقيقتها وهي أقرب إلى ماإليه الآن الأنظمة الشمولية في العالم العربي والإسلامي وكثير من الدول الإفريقية ، حيث أن المجالس المنتخبة من قبل شعوب تلك الدول ( مجلس الشعب أوالمجالس الشعبية أو المجلس النيابي ) ماهي إلا مجالس ديكورية وتشرع وتصوت ، ولكن لمصلحة السلطات العليا بل تأتيها الطبخة التشريعية بكامل مكوناتها في قدرٍ محكمٍ ، وليس عليها إلا وضعها على النار وإنضاجها عن طريق التصويت البرلماني ليعود القدر وبمافيه إلى أفواه ولمصلحة السلطات العليا ، هذا في الأنظمة الشمولية
ولنرى ماذا حل بالأنظمة الرأسمالية ، انها وبذكاء التاجر استطاعت أن تسرق من المباديء الاشتراكية المكرسة لمصلحة العامل وتدخلها في تشريعاتها بعد أن إضافت إليها مطالب إنسانية بالحرية والتملك وإبداء الرأي والتظاهر فإذا بالمعسكر الرأسمالي عمال ونقابات عمالية وضمان اجتماعي وصحي وإجازات أسبوعية وشهرية وتحديد لساعات العمل ومجالس نقابات تكون في معظم الأحوال نداً للحكومة وتعلن الاضرابات وتسير في مظاهرات وبالمقابل ازدهار ونمو لرأسمال الرأسماليين وزيادة سلطتهم بل وتحكمهم في سياسات تلك الدول لأن العامل في تلك الدول صار من حقه أن يملك مسكناً وسيارة ومحترم من قبل السلطة وصوته مسموع عن طريق نقابته التي تعمل لمصلحة الطبقة العاملة طبعاً وبالمقابل ظهور طبقة رأسمالية في غاية الثراء ووصلت إلى مراكز قيادية في تلك الدول وهي التي تقرر مصير حكومات وشعوب بتسلط غير عدالي لبسط سيطرة الدول الرأسمالية على الدول الأخرى عن طريق العولمة الإقتصادية التي ستجتاح وبقوة أسواق الدول النامية والقضاء على الصناعات البدائية فيها وفتح أسواقها لبضائعها واستيراد المواد الأولية واحتكارها وعلى سبيل المثال النفط ومشتقاته الذي هو عصب الصناعة الأول .. وقد بين ذلك لينين بقوله : خذو السياسة الخارجية . ليس هناك أي بلد برجوازي تـُمارس فيه بشكل سافر ، حتى وان كان أوفى البلدان البرجوازية ديموقراطيةً ، ففي كل مكان ، خداع الجماهير ، في البلدان الديموقراطية ،فرنسا،سويسرا،أمريكا،انجلترا، يتخذ هذا الخداع شكلاً أكبر وأنعم مائة مرة مما في البلدان الأخرى ، أما سلطة السوفييت ، فقد نزعت القناع بصورة ثورية عن أسرار السياسة الخارجية (المختارات ،لينين، المجلد 8الصفحة182).. وكان لينين قد فضح الرأسمالية الأمريكية برسالة إلى العمال الأمريكيين ، صفحه 118 ذات المرجع...
والحال ماعليه وأمام هذه الفعاليات والتبدلات على الجهة المعاكسة في المعسكر الاشتراكي الاستفادة من تجارب ووقائع عملية وفعلية واعتبار العامل إنساناً في المقام الأول وأسبقية صفة الإنسان على صفة العامل ونقول هو إنسان عامل ، الإنسانية أولاً ثم الصفة اللازمة للإنسانية وهي العمل بحيث لاتطغى صفة على أخرى وقد طرحت ذلك في نهاية مسرحيتي ( الولادة ) حيث أن العامل في روسيا كان يوجه للعمل في نسق واحد طوال ثمانية ساعات وليست له حرية اختيار عمل آخر مما يولد في نفسيته الإحباط ويعدم الإبداع وبالتالي حتى في عمله المفروض عليه يتراجع نوعياً وفنياً وكأن نظام العبودية مازال مستمراً ولكنها عبودية رأي وحرية ..!
وأملنا وبعد هذه التجارب التاريخية والواقعية ولادة طبقة عاملة تتمتع بكافة الصفات الإنسانية إلى جانب حقوقه العمالية لتكون طبقة متميزة تنظيمياً وتشريعياً في ظل عدالة اشتراكية تتسم بالحداثة والعلمانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نائب رئيس الوزراء السلوفاكي: روبرت فيكو سينجو من محاولة الاغ


.. فايز الدويري: فصائل المقاومة استدرجت قوات الاحتلال إلى مناطق




.. تصاعد ألسنة الدخان الكثيف من محيط حي الزيتون والصبرة بغزة جر


.. جدل في روسيا بعد تعيين أندريه بيلاوسوف وزيرا للدفاع




.. -GPT-4o- نموذج للذكاء الاصطناعي بمميزات واقعية أكثر تعرف إلي