الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم العثماني ونظام الملي العثماني

جاك ساموئيل

2019 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الحكم العثماني و نظام الملي المسيحي


طوال فترة الإحتلال العثماني 1516 - 1918 لم يفلح هذا الإحتلال بإنجاز إنساني واحد سوى أنه ابتكر الخازوق و زراعة الفتن و الحقد والعنصرية والطائفية بحق الشعوب التي احتلها حيث اتبع نظرية (( فرق تسد )) لبسط السيطرة و النفوذ لبقائه و استمراريته في قمع الأمم والشعوب لذلك اتخذت المسألة الطائفية أشكالا عدة و خصوصا في بلاد الشام والتي تحولت إلى انفجار في القرن التاسع عشر و حتى انهيار سلطنة الدم التي لا تزال ذيولها باقية حتى يومنا هذا ..
لقد تحولت الطائفية من ظاهرة دينية إلى ظاهرة سياسية تعود بجذورها شكليا إلى "نظام الملل" العثماني . وتزامن استخدامها السياسي الكثيف مع دخول السلطنة مرحلة الانحدار والتفكك. فنظام الملل المتبع كانت الركيزة الصلبة التي يستند عليها العثمانيون في احتلالهم للشعوب و الأمم .
ويعرف نظام المِلَل العثماني: "الملة جماعة تتألف من المواطنين المحليين لا من الاجانب خاضعة للباب العالي ، لها ديانة محددة ، ولا تنتمي إلى أصل عرقي واحد ، وتكون وحدة سياسية اجتماعية مستقلة أو (نظام الملل) تقليد عرفي نشأ بين الطوائف غير الإسلامية في الأقاليم التي كانت تحكمها الدولة العثمانية وبين السلطات الحكومية .
و بمتقضى هذا العرف أصبح لكل طائفة دينية أو ملية حق استعمال لغتها الخاصة واتباع طقوس مذهبها الديني ، ورعاية مؤسساتها الدينية والتعليمية مع حق التقاضي أمام محاكم خاصة بها وجباية الضرائب المقررة على أفراد الطائفة وتوريدها للخزانة العام وبذلك استطاع العثمانيون بضرب أول تجمع ديمغرافي ديني مسيحي يواجه امتدادهم العنصري القائم على المذهبية و الطائفية الدينية فالهدف لم يكن المسيحيون بل لمن كان ينتمي لقوميات تختلف بثقافتها وحضارتها وجذورها عن ثقافة المحتل التركي و كان استحداث هذا النظام من الظاهر يختلف عما يحتويه من الداخل فقد تم استحداثه محاباة وإرضاء للدول الأوروبية ، عندما بدأت السلطنة العثمانية تتجه في طور الانحدار اضطرت تحت ضغط أوروبي وروسي إلى سن نظام «الملل»، نظام يعترف لكل طائفة باستقلالها «الداخلي»، أي لها الحق في أن تكون لها مدارسها ومحاكمها الخاصة ، يدير شؤون رعيتها مجلس ملّي مسؤول أمام الصدر الأعظم ، أي يشاركه في حكم هذه الطائفة أو تلك وبذلك أصبح التقسيم واضحا جليا و ذريعة تستند عليها حكومة الباب العالي لإحكام السيطرة فأصبح الفرز لجميع القوميات ضمن وعاء السلطة العثمانية و سيطرتها النفعية القائمة على تناحر الطوائف و زرع الفتن فيما بينها .
فرضت الدولة العثمانية التي كانت تدعي التسامح القيود على المسيحيين ففي المجال المالي فرضت عليهم ضريبة الجزية مقابل حمايتهم (( حاميها حراميها )) وكان يأخذها الوالي عادة عند تفقدهم للرعايا المسيحيين في الأديرة كذلك ضريبة العيدية التي تؤخذ من الاديرة من قبل أعيان القدس و الهبات السنوية أو النصف سنوية لعائلات القدس و رسم العبودية الذي تدفعه الاديرة للدولة بعد نهاية موسم الحج فضلا عن رسم عوائد سنوية تدفع إلى الوالي و ضريبة الخفر او الغفر التي تؤخذ من الحجاج لقاء حمايتهم و عند دخولهم كنيسة القيامة و ضريبة العادة المعتادة أو الخرجة التي تؤخذ من الاديرة فيكل سنة من شهر رمضان مقابل حماية الاديرة من التعديات التي تتعرض لها .
هذا وقد فرضت الدولة العثمانية التي تدعي التسامح قيودا أخرى على المسيحيين حيث منعتهم من قرع أجراس الكنائس بصوت مرتفع و من ركوب الخيل والحمير و حظرت عليهم اقتناء وحمل السلاح و من التزين بزي المسلمين حيث فرض عليهم ارتداء اللون الأسود والأرزق و منعوا من ارتداء اللون الأبيض و منعهم من ارتداء العمائم على الرأس و عدم مخالطة المسلمين في الحمامات رجالا و نساء ومنعهم من اقتناء الجواري والعبيد هذا مما يفسر لنا أن مفهوم الجواري لم ينقطع منذ فترة الخلافة الإسلامية العربية وصولا إلى حقبة حكم الخلافة التركي . ووضعت قيودا على دفن الموتى بحيث لا يفنون إلا بمقابر بعيدة ولم تقبل شهاداتهم في أغلب الاحيان ضد المسلمين في المحاكم كما أن شهادة المسلم في المحاكم لا يعادلها سوى شهادة شهادين من غير مسلمين . وبسبب الخناق وفرض القيود على المسيحيين في إطار الدولة العثمانية لجأ العديد من المسيحيين للتحول إلى الإسلام خلاصا من الاضطهاد الذي لازمهم طوال حقبة الحكم العثماني و منهم من عاد إلى مسيحيته (( فجميع الأديان المخالفة لدين الإسلام في الكفر سواء )) وهكذا حرصت الدولة العثمانية على تطبيق جميع المواثيق والعهود التي منحها المسلمون للنصارى عبر العصور الإسلامية ولقد سمح العثمانيون لجميع المكونات العرقية والدينية التعبير عن نفسها في إطار النظام العثماني العادل والشامل تحت اكذوبة ووهم نظام الملل .
حيث قامت الدولة العثمانية بتقوية طائفة على طائفة وتحريض طائفة على اخرى ، و تأجيج الصراعات بين المسيحيين أنفسهم بين الأرثوذكس والكاثوليك حول احقيتهم في إقامة القداديس في القدس وتعيين البطاركة ورجال الدين بحسب ولاء هؤلاء إلى الباب العالي وزراعة الفتن بين المسلمين والمسيحيين كما حصل في الاحداث الدامية في لبنان و دمشق 1850 و1860 وكانت الشعوب هي من تدفع الثمن باهظا .
كان من أولويات السلطنة العثمانية وبسبب اتساع رقعتها الجغرافية المترامية الأطراف دمج جميع القوميات التي قامت على احتلالها في بوتقتها الدينية العنصرية و مسح ذاكرة الشعوب الجمعية لأصولهم ونشأتهم وانتماءاتهم حتى يتم سلخهم عن ثقافة أمتهم كما حصل مع السريان والأرمن إثر المذابح التي قام بها العثمانيون . طبعا تزوير التاريخ وتدليسه وتضليل الرأي العام العالمي والدولي لم يجدي نفعا بالرغم من كل الإحتيلات و الأكاذيب التي يتم بثها فالحقيقة ظاهرة كالشمس لا تزول وهنا أتقدم بنص من احد الذين يعتبرون أنفسهم من ملكات الامبراطورية العثمانية وهم كثر .
(( في كتاب النصارى في العهد العثماني )) لخالد عبد القادر الجندي حيث يذكر أن الدولة العثمانية هي الدولة الوحيدة التي عاملت رعاياها الذين يدينون بغير دينها بالتسامح والإنفتاح والإعتدال فقد اتبعت أوامر الشرع الحنيف و تركت للمسيحيين حرية عبادتهم وعاداتهم وتقاليدهم فعاشوا طويلا متمتعين بهذه الحرية في حين مسيحيي إسبانيا قتلوا المسلمين وهتكوا أعراضهم وأغفل هذا الكاتب الجهبز أن المسلمين كانوا غزاة اجتاحوا اسبانيا ودمروا عمرانها و أديرتها وحولوا الاديرة والكنائس إلى مساجد و أغفل أن العثمانييون قتلوا من الأرمن مليون نصف أرمني و750000 سرياني عداك عن الجرائم التي قاموا بها بحق اليونان و قوميات اخرى بهدف التطهير الديني المذهبي ، للأسف لاتزال شريحة واسعة تعتبر الحكم العثماني بمثابة امتدادا لها بحكم الربط الديني المذهبي دون أن يراعوا احتلالها المظلم الذيدام لقرون وكانت سببا لتخلف و تردي أمما وشعوب ...............



جاك ساموئيل










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24