الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دبش ...الإنسانية السوداء

فاطمة هادي الصگبان

2019 / 5 / 1
الادب والفن


دبش...الأنسانية السوداء

عرفته منذ نعومة أظفارها دميم الوجه ،غليظ الشفتين ، كل مافيه اسود شعره وجلده وعيناه الا من أسنان ناصعة البياض ...التقطه جدها وأخذه أجيرا عنده وعامله كولد له ...والذي بر به اكثر من ولديه من صلبه بعد وفاة الصغير في مقتبل عمره والآخراخذته الحياة فنسي ...
لا تتذكر من أين اتى ..او ماهي صلة جدها بذاك الأسود المخيف..أو سبب تسميته دبش ..كل ماتعرفه هو شكله المخيف عندما تلتقي به في ارجاء البستان أو حين تعتصر يدها رقاب البطات الصغيرات فيأتيها متوعدا بسحنته والزبد بين شفتيه الضخمة...يلوح لها المارد المخيف في بطلها الكرتوني سندباد...تهرب خائفة ...ولاتشتكي ..فلذلك المارد اثر كبير في تغيير قلب جدها عليها ...وتخرج كفتها خاسرة لا محالة..
في احد الأيام نفذ البلح الذي في يديها فطلبت المزيد ..لم يستجب من حولها ..توجهت الى قلب جدها ..فما كان منه الا ان امر دبش بصعود النخل ..
احتجت الصغيرة
-لااريد ان يقطف البلح لي فهو وسخ ويديه دوما متسختان بالسخام...
اخفض دبش حزنه وانكساره من قول الصغيرة
لكن الجد انتفض قائلا لهما :
-اقتربا وافتحوا ايديكما......
فتحت يديها بعد ان لحست ماتبقى من اثار البلح اللذيذ ونظرت خلسة ليدي المارد
سألها الجد : أي اليدين انظف...
اجابت بنزق : يداي...
امسك بيد دبش وصافحه قائلا لها:
قبل قليل سكب الماء لي وتوضأنا سوية ...وأنا الان اشتهيت بعض البلح من يديه فلا تلمسيه بيديك القذرتين ...
سارت خائبة كالعادة هي خاسرة مع هذا المارد ...
وفي أحد الأيام نفذ مخزون أشجار الرمان الحامض من فمها الشره ...
مشت الهوينا الى (بقچة) جدها الآخر والتي يحيطها سور عال وكلاب
استطاعت ان تحقق مبتغاها ...وهاهي الغنائم تملأ جيوبها ...ماأن عادت ادراجها حتى سقطت فردة النعل في جهة (البقچة)...ارادت ان تعود ادراجها لاستعادته ولكن نباح كلاب الجد والنظرات الجائعة للحمها الصغير من جهة وإشارات المارد الأسود بيديه لالتقاطها .... قرر عقلها الصغير ان ترمي بنفسها في الأحضان السوداء وبعدها تغتسل ...لن تكون لقمة سائغة لوحوش الجد المنشغل بصومعته ولم يسمع نداءات استغاثتها ...
رمت نفسها مباغتة وبجهة ليست قريبة منه ...حاول ملتفتا درءالضرر عن جسدها الصغير ولكن هذه الحركة الحامية اصابت ساعده العاري بقطعة زجاج مهملة
ما بين تقززها ومحاولات مسح اثاره من ملابسها ...أخذت تجول بعينيها وتتساءل المارد ينزف مثلنا ...
حتى ان فضولها حملها ان تلتمس الدم النازف ...بأصبعها
لكنه ابعدها برقة وألم قائلا : احذري ان تتسخي..
غادر المارد الجريح بعد ان أضاف لغنائمها من الثمار...
بعد ان حكت لجدها عن دماء المارد المشابهة للبشر...
قال لها : من يأتي صباحا يقبل يدي ويحضر فطوري ويحلق لي شعري ،يناولني قهوتي ...ولاينام قبل ان يطمئن عني ...هل رأيت خالك يفعلها..
أخذت تفكر بخالها الذي نسيت معظم ملامحه...
اجابت بحيرة :لاأستطيع ان أناديه خالي ..
لديه خوذة مخيفة وأدوات حرب رأيتها عندما أختبأت فيها بعيدا عن الأطفال في لعبة الاستغمايه...
ضحك الجد ومسد رأسها مجيبا ...
هو يعمل حدادا ويخدمني تطوعا لأني بمثابة والده ..
سألته بتردد :وماحاجة للخوذة الحمراء...
أجاب :لدينا طقوس شعائرية ومن ضمن متطلباتها فارس قاتل يرتدي الخوذة الحمراء .....
فهمت من جدها الحكيم بأن الإنسانية ليس لها لون او طائفة اوقومية هي لغة صامتة يتحدث بها ملائكة الفطرة ولاينالها الا ذو حظ عظيم......

دبش : شخصية حقيقية هورجل زنجي وجده بعض المارة تبناه شيخ وكان مثالا للابن البار اكثر من ولده الذي من صلبه وكان مثالا لعفة النفس والنظر وقبره الان مدفون هناك بجانب صاحبه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو