الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلول الترقيعية لا تجدي نفعاً

مرتضى عبد الحميد

2019 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


(الحلول الترقيعية لا تجدي نفعاً)
يلجأ بعض المسؤولين أحياناً، إلى حلول أو معالجات لا يمكن وصفها إلا بالترقيعية، لمشاكل وصعوبات قد تكون كبيرة، ولا ينفع معها إلا المعالجات الجذرية التي تتصدى لأسبابها الحقيقية وتعمل على إزالتها، أو التخفيف منها، وتمنع تكرارها مستقبلا.
ولا شك أن هناك صعوبة في الإحاطة بكل الأسباب والدوافع الحقيقية، التي تجعل المسؤول كفرد، أو كمجموعة يبتعد عن المعالجات السليمة، مع إنها واضحة وضوح الشمس، في كثير من الأحيان، ويلجأ بدلاً من ذلك إلى إجراءات بعيدة كل البعد عن جوهر المشكلة التي تطرق الأبواب بقوة وإلحاح.
هل هو قصور في الوعي وعدم القدرة على التشخيص الصحيح؟ أم أن اللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية هما السبب في ذلك؟ أم أن رغد العيش الذي يعيش المتنفذون في بحبوحته يخلق جداراً لا يرون من ورائه، ما يعانيه المحرومون والمعدمون من أبناء شعبهم؟
وربما يكمن السبب في إدراكهم لطبيعة المرحلة، والخراب الذي يلف البلد من أقصاه إلى أقصاه، بحيث يتعذر عليهم القيام بالمعالجات المطلوبة، ويضطرون إلى الترقيع، لعل فيه شيئاً من الفائدة!
إن القرار اللاواقعي الأخير، بوضع سياجات على الجسور، يبلغ إرتفاعها مترين، لمنع حالات الانتحار وخاصة بين الشباب والنساء التي أصبحت ظاهرة في الفترة الأخيرة، ودقت ناقوس الخطر، الذي يفترض أن يسمعه حتى من به صمم سياسي، أو اجتماعي، وقبله الهوس الجماعي ببناء الخنادق والاسيجة الأمنية حول المدن والمحافظات ومنها العاصمة بغداد، لحمايتها من الإرهابيين، وكذلك المعالجة الكاريكاتيرية لملوحة شط العرب، وانقطاع الماء الصالح للشرب عن أهالي البصرة في الصيف الماضي عندما أرسلت إليها صهاريج ماء لا تكفيها سوى أيام أو ساعات معدودة، وغيرها الكثير من الحالات المشابهة التي لا تدل إلا على قصر نظر سياسي فاضح، وعدم الإلمام بطبيعة وحجم المشاكل، التي يعاني منها أبناء هذه المناطق والعراقيون عموماً.
إن حالات الانتحار ظاهرة جديدة وغريبة على المجتمع العراقي، وهي محرمة في جميع الأديان السماوية، والإسلام هو الأكثر تشدداً في تحريمها، فلماذا ينتحر العراقيون إذن؟
الأسباب والدوافع عديدة كما نرى وأولها البطالة، وعدم القدرة على توفير العيش الكريم للعائلة، كذلك شرعنة الطائفية السياسية والمحاصصة المقيتة، اللتين أنتجتا ثمرات مرّة منها، عدم الشعور بالأمان نتيجة الإرهاب والعنف اليومي على اختلاف ممارسيه، والمحسوبية والمنسوبية والفساد المستشري إلى حد النخاع في الدولة والمجتمع، وغياب الخدمات من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وسكن لائق بالبشر وتفاوت طبقي صارخ بين من يملكون المليارات عن طريق الحواسم والرشى، وبين من لا يجد قوت أطفاله، فضلاً عن العادات البالية وقيم التخلف السائدة في هذا المجتمع البائس، دون أن ننسى آفة المخدرات وعواقبها الكارثية.
هذه الخطايا هي التي يجب معالجتها والتكفير عنها من قبل صناع القرار السياسي، والذين بأيديهم مفاتيح السلطة، بعد إن استحوذوا عليها في غفلة من الزمن، وليس بناء السياجات والخنادق، التي سيعتبرها أصحاب الضمائر الميتة منفذاً جديداً للسرقة وتكديس المال الحرام!
مرتضى عبد الحميد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة