الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاطع المسارات في الواقع السياسي العراقي! الحلقة (1)

صبحي مبارك مال الله

2019 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


عند النظر إلى الواقع السياسي العراقي بعمق ،نجد انهُ يعبر عن عدة مسارات تتجلى في تداعيات كل مسار وتأثيره على السبب المباشر لتوقف العملية السياسية وتخلف القوى السياسية المتنفذة عن ملاحقة التطوارات السياسية وتطلعات الشعب العراقي نحو البناء والتغيير الحقيقي. لقد تعددت هذه المسارات حسب طبيعة النظام السياسي الذي بدأت أزمته البنيوية منذ تبني نظام المحاصصة السياسية والقومية والطائفية والإثنية بعيداً عن جوهر ومتطلبات الدستور، وبالتالي أدت إلى أزمة متحكمة ومستعصية منذ تأرجح العملية السياسية بين الرعاية الأجنبية والرعاية الوطنية المسلوبة الإرادة والتي لم تستطع إرساء بناء الدولة الجديدة وإعادة هيكلة مؤسساتها على أسس وطنيىة بعد سقوط النظام السياسي الدكتاتوري في التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003، حيث تكون واقع سياسي مشوه نتيجة لإن التغيير حصل على أيدي قوة أمريكا وحلفائها حسب ما طرحته بعض قوى المعارضة ، لأن هذا الرأي تبلور بعد الإعتقاد بأن تغيير النظام لايمكن إن يتم وبعد فشل العديد من المحاولات، إلا بالتعاون مع قوى أجنبية بموجب قرارات أممية لغرض إسقاط النظام المستبد. وعندما أصبح الراعي الأمريكي هو الماسك الرئيس بالعملية السياسية فكان رأيه هو الحاسم بعد التنقل من فقرة إلى أخرى من خطة نقل السلطة إلى العراقيين وحسب الأسلوب البرغماتي المعروفة به السياسة الأمريكية . فأصبح المشهد بهذه الصورة دولة محتلة من قبل دولة عظمى وحلفائها بعد شرعنة الاحتلال وهي صاحبة الأمر والنهي، وقوى سياسية كانت معارضة، تحمل تناقضاتها وخلافاتها فيما بينها وأهدافها التي كانت تقتصر عند بعضها على تقديم مصالح أحزابها أو كُتلها السياسية على مصالح الشعب العراقي وولوج طريق الهيمنة بشكل وآخر، ومنذُ تشكيل مجلس الحكم من قبل الراعي الأمريكي والذي لم يمتلك خلفية عميقة عن واقع العراق وطبيعة مجتمعه والتركيبة السكانية والتوزيع الجغرافي والأزمات والظروف الاقتصادية والمجتمعية التي خلفها النظام السابق وحروبه المستمرة آخذاً بنفس الوقت بالنصيحة البريطانية القديمة وهي (فرق تسد) عند إدارة هذه البلاد فنشأ التمثيل المحاصصي والطائفي والسياسي بعيداً عن التمثيل الوطني الحقيقي وتبعاً لذلك نشأت المسارات المتعددة والتوجهات التي إختلفت فيما بينها. وجاءت مرحلة كتابة الدستور الدائم عام 2005الذي نتج عنه انتخابات مجلس النواب العراقي الذي جاء على أسس المجلس الوطني المؤقت والجمعية الوطنية، وتم تثبيت طبيعة النظام السياسي بإعتباره نظام ديمقراطي نيابي(برلماني) فدرالي أو إتحادي تعددي جمهوري ومن خلال الدستور قُسمت السلطات إلى ثلاثة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والتي تمثل مؤسسات الدولة الدستورية مع فصل السلطات بعضها عن البعض الآخر حسب الدستور ويتألف الدستور من 144مادة وستة أبواب وبالرغم من تأخر تعديل الدستور في الكثير من مواده إلا أنه يعتبر جيد بمقاييس الدساتير وفلسفتها وفقهها .
. ولكن لماذا تعثرت المسيرة وإنحرفت العملية السياسية وتأخرت عملية إعادة البناء وترسيخ القيم الديمقراطية والوطنية؟ لقد ترك النظام السياسي الدكتاتوري الصدامي السابق تركة ثقيلة ويعتبر جذر الأزمات والفساد قبل أن تنمو على نطاق واسع . وعندما أصبح العراق في ظل الإحتلال الرسمي ترك ذلك أثراً وأزمات وإشكاليات شجعت القوى المعادية من بقايا النظام السابق بأن تتحرك إلى إثارة الفوضى وخلق أجواء مشبعة بالكره والعداء والعمل على إعاقة العملية السياسية وعدم المشاركة فيها في بداية الأمر خصوصاً بعد أن برزت الطائفية بشكل واضح في الأجواء العراقية الجديدة وأصبح القتل والإقتتال في الشوارع وما سحبت الطائفية خلفها من تداعيات خطيرة ومنها تقسيم المناطق حسب الطائفية خصوصاً في العام 2006م. ولكن أهم الأسباب هو الإختلاف في المسارات والحكومات التي تعاقبت عبر ثلاث دورات تشريعية يضاف لها الدورة التشريعية الرابعة 2018 م ومع التغيرات في الإصطفافات والتحالفات نتيجة فشل الحكومات السابقة والتي تمثل الإسلام السياسي والليبرالي . أياد علاوي (ليبرالي -قومي ) ، أبراهيم الجعفري (حزب الدعوة الإسلامي) ، نوري المالكي (الدعوة -دولة القانون ) حيدر العبادي (الدعوة) وأخير عادل عبد المهدي (مستقل حالياً -المجلس الأعلى سابقاً) ولكن هذه الفترة التي إ،ستغرقت ستة عشر عاماً لم تتغير أوضاع العراق تغيراً جذريا على المستوى الاقتصادي والإجتماعي والثقافي والتعليمي والصحي والتكنلوجي والخدمات والبنى التحتية بل أزداد الأمر سوءً ولم يلمس المواطن العراقي بأن تغيراً قد حصل، بل لم يذق طعم الاستقرار والسلام والأمن ولم يطمأن على حياته وسكنه ومعيشته، ونتيجة للبطالة وإزدياد الفقر والحرمان في أبسط شروط إستمرار الحياة ، تعقدت الأوضاع الاجتماعية وظهرت حالات الإنتحار . كما إزدادت موجات الهجرة إلى خارج العراق للبحث عن مكان آمن . وبظهور المجاميع الإرهابية التي جاءت من خارج الحدود وبالتعاون مع الحاضنة من الداخل تمّ تنفيذ عمليات إرهابية واسعة النطاق تحت لافتة الإسلام، وبالتالي تفاقمت الأوضاع الأمنية تدهوراً ومن ثم إحتلال المدن والتوسع وبالتالي إعلان دولة (داعش) والتي قبلها القاعدة وأخواتها حيث أستشهد الآلاف من العراقيين بسبب ضعف الحكومات وتفشي الفساد وتمزق الوحدة الوطنية وعدم وجود حكم الدولة والقانون بل سادت المليشيات المتعددة وإمتلاكها السلاح خارج سيطرة الدولة عليه والسؤال كيف برزت مسارات القوى السياسية ؟
خلال فترة ستة عشر عاماً كانت ولازالت الأوضاع السياسية العراقية في خط بياني متعرج بين صعود ونزول ، أزمات مستمرة ، خلافات محتدمة بين القوى السياسية، بناء شبكة واسعة من الفساد والفاسدين التي غطت العراق ، حيث شملت الفساد المالي والإداري ، والسياسي فسيطرت على كل مفاصل الدولة ودوائرها ، تقسيم الوزارات والإدارات والمواقع المهمة حسب المحاصصة ، إشغال الوظائف حسب الولاء والإنتماء وليس حسب الخبرة والكفاءة والنزاهة والوطنية ، وخلال هذه الفترة تراكمت مشاكل وإشكاليات عديدة بسبب فرض نظام السيطرة المرتبط بالدوائر الحزبية الضيقة بدلاً من مؤسسات الدولة ورقابتها .ونتيجة لنهب مئات المليارات من أموال الشعب من خلال عدة وسائل ومنها المشاريع الوهمية ، الأموال المخصصة من قبل الدول المانحة ، الوظائف الفضائية ، شبكات التجارة الفاسدة والسيطرة على منافذ الحدود والمرتبطة بالمليشيات تهريب الأموال ، تجارة المخدرات بشتى أنواعها كتحصيل حاصل لهذا الفساد تراجعت الحياة المعيشية ، الخدمات بكل أنواعها ، البطالة والفقر ، تراجع العملية التعليمية والثقافية ، تدهور الأوضاع الصحية على مستوى المستشفيات والمستوصفات إنحلال القاعدة الصناعية والزراعية وتدهور ماكان موجود ، أزمة التعليم العالي ، أوضاع الطلبة والشباب وغيرها . صحيح الحكومات وضعت برامج للعمل ولكن هذه البرامج لم تنفذ بسبب الفساد وهيمنة النظام المحاصصي . كما تراكمت مطالب شرائح الشعب المتعددة فأصبحت الأوضاع لاتطاق فخرجت مئات التظاهرات والوقفات الإحتجاجية وكتابة المذكرات وتشكيل الوفود مما دفع الأمر حكومة العبادي إلى الرضوخ لمطالب الشعب فأحدث تغيرات وأصدر قرارات ولكن معظمها تراجع عنها بسبب موقف القوى السياسية التي تعارض الإصلاح وقبلها حكومة المالكي التي تعاملت بأساليب العنف مع الحراك الجماهيري الذي بدأ منذ 2010 -2011 والذي زاد الطين بلة هو إحتلال المدن من قبل داعش الإرهابية في حزيران 2014والتداعيات المأساوية التي حصلت من تدمير وقتل الآلاف من المواطنين وخلق أجيال مرعوبة وجرحى ومعوقين وأرامل ويتامى وتهجير وهجرة والهروب إلى خارج الوطن ولحد الآن لم تظهر نتائج التحقيق حول ما حصل ومن المسؤول ؟ لقد كانت كارثة رهيبة سوف تذكرها الأجيال لعشرات السنين والمصيبة لازال الفكر التكفيري مستمر دون أن تتخذ إجراءات حقيقية لمكافحته في حين هناك مؤشرات تؤكد على عودة النشاط الداعشي بسبب إستمرار الأوضاع المأساوية .
لقد أدت المسارات المتقاطعة إلى أولاً: إنخفاض مستوى أداء الحكومة وأداء مجلس النواب ثانياً : عرقلة صدور القوانين المهمة ثالثاً : تباطئ مكافحة الفساد وعدم إتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة حول الملفات الخاصة برؤوس الفساد . رابعاً : تأخر إستكمال الكابينة الوزارية خامساً : عرقلة تنفيذ البرنامج الحكومي الجديد سادساً : تأخر إشغال رئاسة اللجان البرلمانية. سابعاً : إحتدام الخلافات في مجالس المحافظات على سبيل المثال نينوى ، بغداد
المسارات المؤشرة وتبعاً للقوى السياسية الموجودة على الساحة السياسية العراقية ، جاءت من خلال المتغيرات التي طرأت على الكتل والتحالفات والأحزاب قبل و بعد الانتخابات الأخيرة في مايس 2018م والتي تأثرت بضغط الشارع العراقي من قبل التظاهرات والإعتصامات المطالبة بالتغيير والإصلاح وعدم الثقة بالطبقة السياسية . فالإختلاف والتقاطع حسب الموقف1-من التدخلات الخارجية في شؤون البلاد 2-من الحريات والديمقراطية وتطبيق المواد الدستورية -الباب الثاني 3- من مكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين 4-من مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية 5- من المرأة 6- الموقف من مطالب الحراك الشعبي 7-من المحاصصة السياسية والطائفية 8-من المليشيات وتسليم السلاح للدولة 9-من الصراع الأمريكي -الإيراني والعقوبات الأمريكية 10-العلاقات مع دول الجوار والمعاهدات .(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع