الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة البيضاء ستصبح قاتمة

مهند احمد شاكر
(Muhannad Ahmed Shakir)

2019 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


هل يعي الشرق الاوسط ... ؟

انفجر بركان الحكم الاسلامي في ايران ولم يعر العالم اهمية تناسب الثورة عام 1979 آنذاك! على الرغم من دعم الولايات المتحدة لحكم الشاه محمد رضا بهلوي الا انه ترك ايران بين يدي الثورة التي اظهرت شكلاً جديداً من اشكال الحكم الا وهو الاسلام السياسي (الاسلاموية) على الرغم ان الثورة كانت تحتوي على ايدولوجيات متعددة (الاشتراكية , الليبرالية والقومية) لكن عودة روح الله الخميني الى ايران بعد اربعة عشر عام قضاها في المنفى وسقوط الحكم الملكي بشكل كامل وذلك بعد وصوله بعشرة ايام مباشرة (عشرة الفجر) ولسيطرة رجال الدين على المجتمع الايراني وظهورهم كرجالات دولة وسياسيين بدء الاسلام السياسي عند هذه النقطة بالذات وبدء معه شكل جديد من حكم ينتمي الى ايدلوجيا المرشد الاعلى. من العوامل التي ساعدت على انتشار فكر الثورة الاسلامي ونجاحها بشكل ملفت للنظر هو ان المجتمع كان بحاجة الى المزيد من الاسلام وحكم اية الله الخميني هو الذي لبى هذا الاحتياج النفسي لدى الشعب الايراني. كان هذا سرداً تاريخياً مع بعض التوضيح لتكوين فكرة لدى القارئ عن شكل بداية الحكم في ايران.

الان وبعد مرور اربعون عاماً على اندلاع الثورة ,ايران وحكم المرشد الاعلى يتصارع مع دول عظمى ليثبت وجوده الاقليمي اولاً والدولي ثانياً بالاعتماد على اقتصاده النفطي والصناعي والسياحي والاهم من كل ذلك هو التسلح النووي وتخصيب اليورانيوم وانشاء مفاعلات نووية تهدد السلم والامن الدوليين!.

لا ابالغ عندما اتبنى فكرة ان امتلاك سلاح نووي يستخدم كتهديد بين الفينة والاخرى (المناورات) يهدد امن وسلام المنطقة وخاصة منطقة الشرق الاوسط لذا تعمدت ايران على اظهار ترسانتها النووية بشكل مفرط ومخيف. وعلى صعيد متصل, لدى الحكم الايراني اذرع ممتدة في دول اقليمية مهمة جداً في المنطقة منها العراق ولبنان وسوريا تنفذ من خلالها مخططات تساعدها على تسوية الصراع بينها وبين دول كالولايات المتحدة الامريكية وحسمه لصالح حكم المرشد الاعلى بذكاء وسخاء وتسخير جنرالات من الحرس الثوري لقيادة هذه المخططات! كذلك القدرة الاستراتيجية على الاستفادة وتسخير جميع الفرص التي تواجه المنطقة لصالح الحكومة الايرانية سواء كانت اقتصادية ام امنية وابسط مثال يمكن الاستعانة به هو تسليح الميليشيات في العراق وتدريبهم في معسكرات داخل ايران واعطائهم امتيازات ورواتب وغيرها من الامور التي تجعل يد الحكم الايراني اوسع وتطال جميع مفاصل الدولة العراقية, اما على الصعيد الاقتصادي فهو الخط الاستراتيجي لتزويد جنوب العراق بالطاقة الكهربائية منذ سنوات بعد سقوط النظام عام 2003 واكبر دليل على ان الحكم الايراني يستخدم ويسخر هذا الدعم هو قطعهم لهذا الخط العام الماضي عن محافظة مهمة جداً اقتصادياً وسياسياً وهي البصرة (كان بامكان الادارة الايرانية اذا كانت بالفعل تريد مصلحة العراق ان تستغل الطاقة والجهد والاموال في بناء محطات للطاقة الكهربائية بدل التزويد المستمر عن طريق الخطوط الاربعة الاستراتيجة ! هنا نستنتج ان الغاية هي جعل العراق بحاجة دائمة ومستمرة للدعم الايراني, لا لشيء سوى ان يبقى العراق خاضعاً للحكومة الايرانية اولا, وثانيا بقائه تحت جناح حكم المرشد الاعلى) فقط لغاية تحريك الشارع السياسي لغايات معينة والاهم من كل ذلك تهديد القنصلية التابعة للولايات المتحدة الامريكية واغلاقها وهنا يأتي التدبير الايراني حيث انها اوعزت بإحراق جزء بسيط من القنصلية العامة الايرانية في البصرة فقط لتضع امام انظار العالم ان لا شأن لها فيما جرى من حراك وتهديد امني على بعثات دبلوماسية وما جرى ادى بالفعل الى اللحاق الاضرار بإحدى قنصلياتها.

ومما يزيد من تعقيد الامور على التصدي لهكذا مخططات هو تداخل الثقافة الدينية بين ايران وعدة دول كالعراق وسوريا ولبنان حيث ان الروابط العقائدية تعد من اهم الروابط المقدسة لدى ايران وهنا ايضا استخدم الحكم هذه النقطة بطريقة ماكرة جداً حيث اصبحت الحدود بين العراق وايران مفتوحة كلياً امام الإيرانيين وعلى الصعيدين السياحي والتجاري واصبح من المعتاد والطبيعي مشاهدة العلم الايراني يرفرف في محافظات عراقية مقدسة ككربلاء والنجف وبغداد واجتياح الملايين من الزوار بدون اي تأشيرة ذات عائد مالي الى العراق برأ وجواً.

اما على الصعيد الدولي فتحاول دول كالولايات المتحدة الامريكية تضييق الخناق وانهاء التدخل الايراني في ادارة دول وشعوب ومستقبل اجيال عن طريق فرض عقوبات اقتصادية على ايران كذلك انهاء الدعم الايراني لمؤسسات تعتبرها الولايات المتحدة ممولة للإرهاب كالمصارف والبنوك والشركات وبعض الشخصيات النافذة في دول ترغب ايران في السيطرة عليها. ومن جانب اخر, يرفض حكم المرشد الاعلى الخضوع او إظهار الضعف امام هذه العقوبات والوقوف بشكل قوي للتصدي رغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الايراني بعد تدهور قيمة العملة الايرانية وتدهور الاقتصاد وانهياره.

لكن السؤال المهم في الوقت الراهن "هل تستطيع القوى الدولية اخضاع الحكم الايراني بعد سلسلة العقوبات الجديدة؟ وتوعد الادارة الامريكية بقيادة دونالد ترامب بجعل الواردات النفطية صفراً خلال فترة قصيرة" هذه ما يود ان يعرفه الشارع السياسي والعالم ويبقى الترقب والانتظار والوقت هو الحكم فلا احد يستطيع الجزم بان الحكم الايراني لا يمتلك ورقة اخرى لتخفيف حدة العقوبات والتهرب من الحصار الاقتصادي والاستمرار في تخصيب اليورانيوم وانشاء مفاعلات والتلاعب في مصير دول وتسليح جيوش من الميليشيات المنصاعة لإمر المرشد الاعلى واشعال فتيل الحروب الاقليمية ودعم جهات تسعى لجعل المنطقة تدور في دوائر لا متناهية من الارهاصات السياسية التي تنهك وتستنزف طاقة البلدان.

وانا على يقين بان ثورة 1979 البيضاء في بدايتها "ستكون ذات لون قاتم " على الحكم وستنتهي بثورة اخرى وكما هو معروف على مر تاريخ البلدان السياسي( الثورة تليها ثورة) ولكن هذه المرة ستكون ثورة قاسية وموجعة لحكم دام اكثر مما كان يستحق ان يحكم.

والسلام هو ما نصبوا اليه ...

مهند احمد شاكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل