الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر على مفترق طرق التغيير

ثائر دوري

2006 / 5 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


(( .......يراقب عامل واجهة المركز التجاري الذي صار رماداً بعد تفجيرات الصيف الماضي والذي عاد جديداً اليوم. كثير من زملائه قضوا في الانفجار . ومع ذلك يقول منتحباً :" أتمنى لو أن أحداً يفجره من جديد ." لماذا ؟ " لأنني أعمل مثل العبيد مقابل راتب ..." )) الأوجه المحجوبة لسيناء - لو موند- 25-4-2996 مبعوث خاص- ترجمة نشرة سوريا الغد1-5-2006

ما إن تطأ بقدميك أرض القاهرة و تحلق بناظريك في سمائها و شوارعها و ساحاتها حتى تدرك أن هناك قاهرتين و مصرين .
القاهرة الأولى - أو مصر الأولى - لا فرق فإن تحدثت عن القاهرة فكأنك تتحدث عن مصر و بالعكس ، هي القاهرة الطافية على السطح . فهي قاهرة الأغنياء و الفنانين و الشريحة العليا من الطبقة الوسطى من أطباء و محامين مشهورين و سياسيين و صحافيين يكتبون في صحافة الخليج و من بعض العاملين في الشركات الأجنبية.......الخ ، و هم رواد شرم الشيخ و الغردقة و الساحل الشمالي . و هذه القاهرة هي التي تظهر في وسائل الإعلام ، و هي التي تنتخب ، و هي التي تمارس الحياة العامة ، و هي التي تتمثل في جهاز الدولة . فهي صاحبة الحياة الحزبية ، سلطة و معارضة ، و هي من تملك الصحف أيضاً سلطة و معارضة . فكل الحياة السياسية و كل الحراك الاجتماعي يدور ضمن هذه الطبقة التي يقدرها بعضهم بخمسة عشر مليوناً . و حتى الإخوان المسلمين تدور حركتهم و تعبيراتهم السياسية ضمن هذا الطبقة . و هنا استغرب أحد الأصدقاء عجز هذه الحركة ، رغم تاريخها الطويل في العمل السياسي ، عن إفراز تيار اجتماعي يعبر عن مصالح المهمشين و يؤسس لتجربة شبيهة بلاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية .
أما مصر الأخرى ، الغارقة مقابل الأخرى الطافية ، التي تشكل ثلاثة أرباع المصريين أو ربما أكثر فهي في حالة اختفاء و كأنها لابسة طاقية الإخفاء . إذ لا وجود رسمي لها سوى في أخبار الكوارث ،مثل قطار الصعيد أو عبارة الموت ، أو الجرائم .......
عالمان منفصلان لا صلة بينهما سوى عبر السائق و البواب و الشغالة .
سألت محدثي أستاذ العلوم السياسية سؤالاً مباغتاً :
- هل تعتقد أنه مر في التاريخ ،منذ حروب الفرنجة و حتى اليوم ، زمن بلغت فيه مصر مثل هذا التراجع من الخراب الداخلي و انحسار الدور الإقليمي .
و فهم محدثي غاية سؤالي فقد كنا نتحدث عن انحسار دور مصر في القرن الإفريقي و في السودان و المشرق العربي و الخليج . فلم يفكر إلا قليلاً ليجيبني بثقة بالغة :
- لا اعتقد .
و أكد إجابته مرتين
أما السؤال عن المخرج من هذه الأوضاع المزرية داخلياً فقد كان في مكان آخر . أحد قادة العمل الطلابي في انتفاضة الطلاب أواخر الستينيات و أوائل السبعينيات يرى أنه لا يوجد حل من داخل المؤسسات القائمة و لا من خارجها في المدى المنظور . بل إن الأوضاع تتجه نحو انفجار شامل شبيه بانتفاضة يناير77 ، حيث سيحتل المهمشون الشوارع فيحرقون و ينهبون و يكسرون لمدة ثمان و أربعين ساعة أو لاثنين و سبعين ساعة، و بعدها ينزل الجيش إلى الشوارع ليضبط الأمن .
نمحص قليلاً في احتمالات التغيير من داخل المؤسسة ، الجيش ، الشرطة ، رجال الأعمال ، الطبقة الوسطى . لكن محدثي يستبعدها واحدة إثر الأخرى لأسباب مختلفة . ثم فجأة يتوقف و يصمت قليلاً ، و كأنه اكتشف للتو احتمالاً لم يخطر على باله من قبل و يمكن أن يكون بداية للتغيير . قال :
- هناك احتمال وحيد حالياً من داخل المؤسسة هو تحرك القضاة المصريين . و السلطة تدرك ذلك لذا تراها متوترة منه .
راجعت كلامه يوم الاثنين و أنا أشاهد العنف البالغ الذي تتعامل به السلطات المصرية مع اعتصام القضاة ، و قبلها ما فعلته من إحالة اثنين من كبار القضاة إلى مجلس التأديب لأنهما فضحا البلطجة و التزوير في الانتخابات .
لكن هل هذا هو الاحتمال الوحيد للتغيير في مصر ؟
أبداً فقد طرح يوم الاثنين ، الذي بدأ بضرب القضاة ، احتمالاً آخر هو : تفجيرات سيناء ، أي التغيير العنيف من خارج المؤسسات القائمة .
مصر الآن في سباق بين هذين الاحتمالين تغيير من داخل المؤسسات القائمة و يؤشر له حراك القضاة . و تغيير من خارج المؤسسات و تؤشر له تفجيرات سيناء .
فبأي الطريقين ستسير مصر ؟
هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة . لكن الأمر الأكيد أن مرحلة قد وصلت إلى نهايتها في مصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل