الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الذي منحني الحب وعلمني معنى الحياة ...لروحه السكينة والسلام ...الى أبي مع التحية ....

زهور العتابي

2019 / 5 / 5
الادب والفن



لا أدري لما يعتريني ذلك الأحساس في مطلع هذا الشهر الفضيل ...من رمضان المبارك.......
تاخذني الذكريات بعيدا اليك أبي....افتقدك وأشتاق اليك ..ثم أبكيييك ....
لا أخفيك سرأ...أني لم التقي رجلا في حياتي ..مهما كانت درجة قرابته...أحب وأحن علي منك ....!! ولقد سألتها نفسي وأكثر من مرة ؟؟
ياترى هل استحق كل هذا الحب الكبير منك وذاك التميز !؟
سؤال طالما سألته لنفسي ..ووحدك ابي من لديه الأجابة !!
فبك ومعك كانت طفولتي أجمل أيام عمري ...كنت فيها المميزة ابدا والمؤثرة دوما ...ودونا عن كل اخوتي ...
اي نعم انك أب مثالي ..مميز فلم تبخل يوما على الجميع بحنانك....لكن انا غييير ...فأنا المقربة العزيزة ..المدل له..
وعني انا ..كنت أنت أقرب الناس الي
ملكتني بحبك وعطفك ..وأهتمامك ...احتويتني كلي ..كنت معي في كل يومياتي وجميع تفاصيل حياتي... خطوة بخطوة كأني بك تقرأ أفكاري وتفهم أحلامي البريئة البسيطة ....فتأخذ بها وتترجمها إلى حقيقة ..تنفذها على الفور ودون تردد ....
اذكر لك مواقف كثيرة .....
أذكر يوم أن عدتني للمدرسة ورايت صدفة حديقة مدرستي القاحلة ...الفقيرة ...
جئت وبعض من جنودك في اليوم التالي وبجهود جبارة حولتها إلى واحة جميلة فيها أنواع الزهور والرياحين والشجيرات الجميلة ... فأبهرت الجميع . ونلت استحسان ومباركة المديرة والمعلمات مما زادني ذلك فخرا بك وبت سعيدة مزهوة بين الصديقات .....
والغريب ...اني لم أطلب هذا منك !! ابدا ...بل كانت فكرتك....لكني كنت أدرك جيدا وأفهم رغم سني عمري الفتية انك فعلت كل هذا من أجلي أنا ...حبا بي أنا ......
ترى أي رجل انت ..وأي آب....قل لي بربك.. !؟
وماذا أذكر لك ....بعد
وهل لي أن أنسى ذلك اليوم الذي أخذتني خلسة ودون علم امي واصطحبتني لأكبر صالونات الحلاقة في المدينة لتقص لي شعري وجعلتني كما الولد !!
لا لشيء إلا لأنك قرأت دواخلي ..وفهمت رغبتي في أن اكون البطلة في مسرحية( المشاكس الصغير ) التي ساهمت بها المدرسة في مسابقة مسرحيات مدارس المحافظة...ودوري فيها ذلك المشاكس....وكان لي ما اردت .....
ويوم أن عرضت من على أكبر مسارح المدينة ...كنت اول الحاضرين وصفقت لي عاليا مباركا لي فوز المسرحية بالمرتبة الثانية وتسلمي واقراني الجائزة !!! وكان ذلك أجمل يوم في عمري ... .
وأذكر ....
اليوم الذي كنت وصديقاتي نسير معا في طريقنا إلى المدرسة
ومررت انت بسيارة الجيب العسكرية
وحينها ..أوقف السائق المركبة
ليقول لي... اصعدي .. زوزو
عااارضته انت بعد أن سلمت علينا جميعا وابتسامتك الحلوة تملأ وجهك
قلت له ....انطلق رحمن
لو كان لك مكانا يتسع جميع صديقاتها لصعدت ...انها ابنتي واعرف كيف تفكر
وانطلقت السيارة ..وعيوني ترقبها .. وترقبك باعتزاز وفرح كبيرين ...
ولا أنسى .....
اني كثيرا ماكنت اصحو على صوتك صباحا. ويا لحلاوته وانت تقرأ قرآن الفجر !! الرحمن .علم القرآن ..خلق الإنسان. .علمه البيان ..الشمس والقمر بحسبان ...لاخرالاية....كنت اجلس أمامك واستمع بخشوع واشعر بالسكينة والهدوء ...وأتالم !! لأن صوتك يغلب عليه مسحة الحزن فاحبس دموعي عنوة كي لا تخونني...وتراها ...فما أن تنتهي تأخذني بين ذراعيك ..وبكل حنان تقبلني وتعبث بخصلات شعري ....
حتى يوم كبرت. وانا مراهقة وعلى أعتاب الشباب...
كنت انا البنت المميزة ...المؤثرة ...المسموح لها بالكلام وابداء الرأي في أدق المواقف.....لهذا كان كل من في البيت يلجأ الي حينما كنت تغضب او تزعل ...
وحينما كنت تعارض ...كنت أنا المفتاح لكل الابواب ولقراراتك الموصدة .. ..!!
ترى ..مالذي رأيته في أبي ... لتميزني هكذا ...!؟
أعرف أن حب الأب لأولاده فطره ...لايظاهيها احد ...لكني واقولها صادقة بعد كل سني عمري وحياتي التي مضت. لم أسمع ولم أرى ابا مثلك ويملك قلبا كقلبك !!
هناك موقف يحضرني.......
أذكر يوم نشرت لي أول قصيدة في جريدة الثورة ( فلسطين حبيبتي)
جئت فرحا تحمل الجريدة بين يديك ...وناديتني مزهوا .(زهير) قصيدتك نشرت...اسمك في أهم جريدة. في الثورة !!! كنت سعيدا أكثر مني !!
اه أبي .ثم اه .....
حتى وانت تحتضر ...وفي لحظاتك الأخيرة .اخليت المكان من الجميع وطلبتني لوحدي...وامليت علي ماتريد ..وقتها قلت لي .. انا اعرف انك صادقة ..أعطني وعدا .إن تحفظي وصيتي....ووعدتك ...و أصدقتك الوعد بعد الرحيل....
ابي الحبيب ...اني لم اتوانى يوما ان احمد الله كثيرا اني قد أخذت عنك الكثير ..الكثير ...تمسكت بكل ما كنت ترجو وتريد من مثل وأخلاق ومبادئ سامية لاتحتمل التنصل او التزييف وكنت والحمدلله كما عهدتني ابدا... صادقة مسالمة ...متسامحة . متصالحة جدا مع نفسي ومع الاخرين ....التزمت بكل ما علمتني اياه وكل وما زرعته في من فضيلة وانسانية ..واعترف اني ربما أخذتني متاهات الحياة قليلا ..ولم احسن التدبير في بعض الأمور ..وأتخبط لكني اقسم صادقة (وانت الان بين يدي رب كريم يعرف هو قبلك مدى صدقي وصراحتي).. ما ان يحضرني طيفك اصحو واستفيق وأعود بها إلى نفسي من جديد وأصلح ذاك التخبط والتوهان !!
ابي الغالب الحاضر ابدا ..مهما دعوت لك هذه الأيام وغيرها من الأيام ..مهما قرأت لك من آيات وأكثرت من الختمات القرانية.. ومهما تصدقت وصليت نيابة عنك..لايمكن أن اوفيك حقك ..كل ما أفعله لا ولن يصل إلى معشار ما منحتني اياه ....!!!
أنا كل مافي منك....كل ما أحمله من صفات أخذتها عنك ...حتى الفقد ...ورثته عنك ..
فقدت ابنك البكر وأنت في أربعينيات عمرك اختطفه القدر سريعا منك قبل اوانه وقبل ان يحقق أحلامه رحمه الله..وانا كذالك ...فقدت ولدي البمر الحبيب الذي كان بمواصفات ابنك ( خاله العلم ) ..نعم عانيت انا نفس المصيبة... وذات الفقد .. انه الارث أبي.....
ولكني بصدق لم أتعامل مع المصيبة مثلك ...
فأنت حينما رحل عزيزك ..اطلقت لحيتك ..تركت اناقتك.. واستبدلت بدلتك وقميصك الانيق وربطة العنق !! بالدشداشة السوداء حتى آخر سني عمرك ولم أرك والله بعدها يوما تبتسم !!
وكنت أحاول جاهدة ان أخرجك مما انت فيه فلم افلح وانا التي لم تك كلمتها عندك يوما ترد ...فشلت في انتشالك من كم الحزن الذي فيك ...كنت تغلبني بالحسرة والدموع فتجعلني ابكي معك ..ثم انسحب بهدوء ... فيا لحزنك ابي الذي ليس كمثله حزن !! ذاك الحزن الذي لم يمهلك.. لازمك طويلا حتى لحقت بأخي. ....ورحلت....!!!
أما أنا فلا ....
رغم إن حزني على ولدي يأبى أن يغادرني إلى الان وجرحي بفقده لم يندمل بعد .. لكني كنت أكثر تماسكا منك ..تشبثت بالصبر لاني ابيت أن أبدو ضعيفة أمام احبتي .اولادي. ...وأهم من هذا (وأنت تعرفني) اني أكره أن ارى الشفقة في عيون الآخرين ...بل امقت هذا بشدة فاستجمعت قواي وكتمت أحزاني ...جعلتها فقط بيني وبين ربي فهو أدرى بحالي وهو افضل من يرى دموعي وضعفي !!
اتعرف ابي .. !!
على الرغم من أن الصبر أسمى معاني الإيمان لكني وليسامحتي الله حين اقول...ليتني كنت مثلك ....ليتني ممن بعد فقد العزيز رحل !!!! لوفرت على نفسي مامررت به لاحقا من صراااع ..ومحطات حزن أتمناها... ابي... لو تختزل ........!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في