الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو صار حزب الحب واقها؟

رجراحي عبد الرحيم

2019 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية




تم في الآونة الأخيرة إحداث صفحة فايسبوكية عنوانها حزب الحب، وهي صفحة تضم المئات من الأعضاء، ويدير هذه الصفحة عبد الكريم سفير، وهو للعلم الكاتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة ومفتش تربوي؛ وهو ما يجعلنا نتساءل، ما علاقة الحب بالفلسفة؟ بل ما علاقة الحب بالتحزب؟ هل يأتي يوم نتحدث فيه عن حزب الحب باعتباره تنظيما سياسيا مهيكلا؟ ولو حدث ما حدث، فما القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها حزب للحب إلى جانب العشرات من الأحزاب؟

هذه مجرد أسئلة للتفاعل مع الموضوع قيد النظر، وقد يكون لها ما بعدها في مقام آخر؛ وحسبي هنا أن أدلي ببعض المقدمات جوابا عما تقدم.

لا شك أن الحب موضوع استأثر بالنظر الفلسفي، بين من اعتبره تعبيرا عن نقص، وبين من جعله عين الكمال؛ بين من عده مجرد حيلة من حيل الطبيعة لحفظ النوع، وبين من جعله صنو العقل، ومدخلا للإبداع والتحرر والفعل.

الحديث إذا عن حزب للحب يستوى ضمن الطرح الذي ينزل الحب منزلة الكمال والفاعلية والإبداع، أو قل منزلة القوة الخلاقة التي يعول عليها لإحداث التغيير؛ فيصير عندئذ الحب سياسة، بل يصير حينئذ من الجائز الحديث عن سياسات الحب، وهي سياسات تروم النهوض بتدبير الشأن العام. فماذا باستطاعة حزب أن يقدم أو يؤخر وهو الذي اتخذ من الحب مرجعية له؟

جرت العادة أن نصنف الأحزاب إلى نوعين: يمينية ويسارية؛ الأولى محافظة وتخدم الوضع القائم، والثانية تقدمية وتطمح لتغيير الوضع. فمن أي نوع هو حزب الحب هذا؟ هل هو يميني أم يساري؟
اعلم أن الحب شعور نبيل يرخي بظلاله على العالمين، وهو بالتالي يسع أهل اليمين وأهل اليسار؛ فهو الذي يؤلف بين القلوب على الرغم من الاختلافات بينها، وهو المشترك الإنساني بين الملل والنحل، وهو البدء والمنتهى، حتى أن الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي جعل من الحب دينا، فأنشد يقول:

قد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني وإيماني

هذا بيان الحب على الكمال، بيان يسلب كل التقابلات الميتافيزيقية المتوارثة عن الصراعات الإديولوجية التي عفا عليها الزمان؛ إذ أنى لنا، اليوم، أن نميز بين يميني ويساري في زمن التقنية التي هي عصر من عصور العالم؟ وأنى لنا أن نفصل بين الملل والنحل وقد صارت الكونية قدرنا؟

قد يكون الحب منقذا من ضلال الأنفس التي ألقت بها النزعات من كل حدب وصوب في هوة عميقة من الأحزان، وقد يكون منقذا من الدمار الذي يتهدد الطبيعة ببرها وبحرها وجوها وكل ما يتصل بها من كائنات، وقد يكون يكون مناسبة لاستئناف أخلاق النبلاء والأسياد، حين كان الحب رمزا للشجاعة والبطولة والقوة والفاعلية، تلك القيم التي ينفر منها العبيد معلين من شأن الذل والمسكنة، حتى صار الحب في عهدتهم مرادفا للمهادنة والانحطاط، وليس قوة جبارة للسمو والارتقاء.

أليست هذه مبررات كافية لكي تجعل من حزب الحزب ينتقل من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل؟
أليس حزب للحب هو الكفيل بتحرير الناس من العبودية وجعلهم أسيادا؟
أليس هو الدواء الشافي والكافي للنفوس العليلة؟
ألا يمكن أن يكون بالتالي أداة ثورية لتقويض الاستبداد؟

هذه أسئلة لعابر سبيل، وحده الزمان كفيل بالجواب عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكلمات عربية تعبر عن ألم أطفال غزة.. هالوك ليفنت يتضامن مع ف


.. -الجنرال الكتوم- يترشح لرئاسة إيران




.. حملة ترمب الدعائية تصف ابتسامة بايدن بشأن ترمب بـ -الشريرة-


.. انقسام في الناتو حول استهداف روسيا بأسلحة غربية




.. -أشتاق إلى أمي وموطني الإفريقي-.. حكاية مهاجر من غينيا يئس ا