الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسعد أيامك يا عراق .

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يسعد أيامك يا عراق ..
من أربعين عام لم تذق طعم الأمان والاستقرار والرخاء والسلام ، وغابت كل مظاهر الفرح والسعادة والهناء والأمن والتعايش والتعاون والإخاء .
دخلت حرب ظالمة ضروس لثمان سنوات ، ومن ثم احتلال الكويت عام 1990 م وحرب الخليج الثانية وما لحق بالعراق وبجيشه وبنيته التحتية والضحايا من العسكريين والمدنيين ، نتيجة طيش وجنون وحماقة النظام المقبور و( نهج القائد الضرورة !! ) .. تلا كل هذه التضحيات الجسام ، ليفرض على الشعب العراقي حصارا ظالما ومدمرا للإنسان وللضرع والشجر والحجر ، وهذه وحدها تحتاج لمجلدات من الشرح والتبيان ، لنعكس الصورة الحقيقية لتبعات وأثمان ما نتج عن هذا الحصار الذي ليس له شبيه بتأريخ الشعوب في عصرنا الحديث ، ودام ثلاث عشرة سنة ، وامتد من عام 1991 م حتى احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في 9/4/2003 م .
هذا الاحتلال وما تم دفعه من أثمان بالنفس والنفيس وما تحمله العراقيين والعراقيات ستتكلم عنه أجبال وأجيال .
وما أعقبه من أحداث ونوائب فهي معروفة لأغلبية شعبنا وحتى للكثير من شعوب الأرض وحكومات العالم .
الناس استبشرت خيرا بعد هزيمة هدام ونظامه الإرهابي الدموي ، كانت تأمل في بداية نهاية تلك الحقبة المظلمة والظالمة ، على أمل حدوث انفراج في مناحي الحياة للعراق وشعبه ، ولكن الذي حدث بعيد كل البعد عن أمال وأحلام وطموحات شعبنا ، بل ربما ما قاساه على أيدي من ورث الحكم من هذه القوى الفاسدة لا بقل سوء ودمار عن سابقه وهذا مؤلم وحزين .
السبب الحقيقي للذي جرى وما زال كذلك ، غياب الرؤيا في بناء دولة العراق ، والذي كان يتوجب أن يقوم على أساس المواطنة والوطنية والقانون والدستور ، وبفترة انتقالية تعيد بناء ركائز هذه الدولة ، وفي مقدمتها إعادة بناء المنظومة الأمنية والعسكرية ، وعلى أساس وطني ومستقل ، والكفاءة والمهنية والنزاهة تكون هي المعيار ، وهذا لم يحدث ، بعد أن تم حل هذه المؤسسة الوطنية والحيوية .
كذلك لم تجري المراجعة الشاملة لتنظيم دستور يمثل مصالح البلاد العليا ويعبر عن إرادة جميع العراقيين ، ولكن الذي جرى صياغة دستور على مقاس الكتل السياسية وبما يخدم مصالحها ، وهي بالضد من وحدة العراق الجغرافية والسياسية ، والحفاظ على تماسك النسيج العراقي والفسيفساء العراقية ، مما خلق نزاعات وتقاطعات وتمزق ، وأفرز حروب أهلية وبدوافع مذهبية وعرقية وعلى أساس المنطقة والعشيرة والحزب .
كما هو معلوم ومفهوم ، أي بناء لا يقوم على أسس وطنية نزيهة ، وبمشورة ودعم ومساهمة أصحابي الخبرة والكفاءة والنزاهة والوطنية ، ومن رجال ونساء دولة لا هواة سياسة ، ويدركون حجم المهمة التي ستقع على عاتقهم وتقلدهم مراكزهم الوظيفية ، سينتج عنه بناء ضعيفا وفوضويا متداعيا ، وسيتهاوى من أبسط اختبار أو تعرضه للهزات .
وكما هو معلوم فإن الدولة كمؤسسة اجتماعية تمثل إرادة ومصالح الشعب كل الشعب ، وخيمتهم المسؤولة عن حماية أمنهم وسلامتهم ، والمسؤولة أمام الشعب بتوفير الحياة الحرة الكريمة ، وتضمن العدالة والمساواة بين جميع أفراد الشعب .

المحتل الأمريكي لم يراعي ما بيناه وغيره ، ولم يساعد على قيام حكومة انتقالية لفترة محددة تناط بها مسؤولية ما بيناه .
مما سمح لقوى غير مؤهلة للنهوض بهذه المهمات الكبيرة والخطيرة ، وهذه القوى ( قوى الإسلام السياسي ! ) غير راغبة أصلا في بناء دولة ناجحة وعصرية ، دولة المواطنة .. الدولة الديمقراطية العلمانية ، المخلص الحقيقي لشعبنا ووطننا .
ونتيجة جهل هذه القوى في إدارة الدولة ، وتفتقر للنزاهة والوطنية ، ورؤيتها الأحادية الضيقة واللاغية للأخر ، وولائها الغير وطني ، والحياة أثبتت ما بيناه أنفا وهي من تتحدث عن كل الذي جرى .
فنتج انهيار كامل لكل ( مرافق الدولة والمجتمع على حد سواء ! ) .
الحقيقة لا أستطيع التوقف عند العديد من المفاصل الهامة وما عاناه العراق والعراقيين وما أفرزته ( العملية السياسية ! ) فهي واسعة وكبيرة متعددة وشائكة وصادمة في الوقت نفسه .
الذي يعنيني كعراقي هو العراق وشعبه ، وسلامته وعيشه الرغيد ، ولا تعنيني المحاور التي خلقها وساهم بها وَدُفِعَ العراق إليه دفعا ، وألحق أفدح الأضرار بالشعب والوطن ، ودفعنا أثمان غالية بالنفس والنفيس ، وأفقد العراق حريته واستقلاله ، واستبيحت الحرمات والأرض والعِرض ، وساهم بإفقار الشعب الذي يعيش على أرض وتحت أقدامه ، من الخيرات المادية ،والمعادن الثمينة والمياه والأرض الخصبة والإمكانات البشرية العظيمة ، التي كان من المفروض أن يكون العراق بمصاف الدول المتقدمة الرخية والسعيدة ، ولكن أصبح أكثر البلدان تخلفا وفقرا وفي المجالات ( الاقتصادية والخدمية والاجتماعية والسياسية ، والمساس في المنظومة القيمية والأخلاقية والأعراف والتقاليد ، وهذا يعكس حقيقة النظام وسلوكه الفاسد والمتخلف والظلامي ، ورؤيته لحركة التاريخ وللحضارة الإنسانية .
اليوم هناك تصعيد خطير للوضع الإقليمي والدولي ، والصراع على أشده بين دول إقليمية ومحاورها [ إيران روسيا سوريا وحزب الله ] هذا محور والعراق غارق ومنغمس فيه حتى قمة رأسه ، والمحور الثاني [ أمريكا وحلفائها .. إسرائيل والغرب ، والخليج والأردن وربما حتى مصر ! ] هذا المحور الثاني .
ولكن العراق وأرضه ونتيجة لما بيناه ، وانغماس العراق بالمحور الإيراني ، الذي يجعله في مرمى نيران المحورين ، ولن نكون بمأمن من صراع الثيران ، كون الحلبة هي العراق وأرض العراق وشعب العراق .
زيارة وزير الخارجية الأمريكي اليوم وما يحمله في حقيبته ، كانت إشارات واضحة حول ضلوع مجاميع عراقية مسلحة ، تدين بالولاء لإيران ، والتي تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية ولقواتها المتواجدة في العراق وسوريا حسب زعم وزير الخارجية الأمريكي !...
أقول وبكل وضوح للساسة العراقيين وللحكومة العراقية والبرلمان ورئاسة الجمهورية ، بأن يعوا حقيقة ما يجري ومنذ مدة في العراق وما حوله ، من تداعيات ، المطلوب منهم أن يكونوا رجال دولة لا سماسرة وأمراء وشيوخ ومعممين وسدنة قبل فوات الأوان ، وإلا سوف لن ينجو أحد منكم من المحاسبة والمسائلة والعقاب ، ولا عذر لأحد عندما يقع الفأس في الرأس .
إني أرى على من بيدهم ناصية القرار ، والمسؤولية الأدبية والأخلاقية ، ومن يعتقد بأنه صاحب ضمير وصاحب قرار ، بالتعجيل في اتخاذ القرار السليم وفي وقته وزمانه ومكانه ، ويتخذ الخطوات التاريخية والمصيرية والأن :
1- إصدار قرار بحل الحشد الشعبي وجميع الميليشيات الطائفية والمجاميع المسلحة فورا ..
2- مصادرة كافة الأسلحة والمعدات والأموال الثابتة والمتغيرة ، العينية والنقدية ، وإيداعها في وزارة المالية وخزينة الدولة .
3- القيام بتشكيل حكومة إنقاذ وطني من الوطنيين النزيهين الأكفاء ولهم الخبرة في بناء الدولة ، المشهود لهم بالوطنية ونكران الذات وتغليب مصالح البلاد العليا ، بعيدا عن الأحزاب الحاكمة الفاسدة والمتخلفة .
4- تكون هوية الدولة .. دولة المواطنة ، دولة ديمقراطية علمانية في عراق موحد واحد .
5- تناط مهمة الحكومة التي ستنبثق ، مهمة إعادة بناء مؤسسات الدولة وعلى أساس هوية هذه الدولة ، وتعمل على إعادة بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية وعلى أساس الوطنية والمهنية والاستقلال الكامل ، وبعيدا عن التجاذبات والصراعات السياسية والمصالح الفئوية الضيقة .
6- على الحكومة أن تعمل فورا على تشكيل لجنة موسعة تمثل إرادة العراقيين تناط بها مهمة إعادة النظر في الدستور ، وبما يتفق مع هوية الدولة العلمانية ، ويمثل مصالح مكونات شعبنا المختلفة ويصون وحدة العراق الجغرافية والسياسية .
7- يُمْنَعُ قيام الأحزاب السياسية على أساس ديني أو طائفي ، وعلى الأحزاب الدينية أن تعمل على حل نفسها ، وتعيد تشكيل أحزابها ، لتتحول لأحزاب عراقية وطنية وتخلع عنها هويتها الدينية والمذهبية المعادية للديمقراطية وللحقوق والحريات وللمرأة .
8- على المؤسسة الدينية أن تتوقف عن التدخل في بناء الدولة وفي الشأن السياسي ، وأن تتفرغ الى مهماتها كمؤسسة تهتم بالتوعية والإرشاد الديني فقط .
9- إصدار قرار بحل جميع الأوقاف الدينية ، وإعادة وزارة الأوقاف ، وإناطة مهمات هذه الهيئات الدينية وممتلكاتها الى وزارة الأوقاف ، والتحري عن تلك الأموال وما جنته هذه الهيئات والمؤسسات من عام 2003 م وحتى اليوم .
10- العراق دولة مستقلة ذات سيادة تقيم علاقاتها مع الدول الإقليمية والعربية والدولية على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤونها ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى ، ونعمل على توثيق عرى الصداقة والتعاون والمصالح المشتركة وحسن الجوار ، والابتعاد عن المحاور وزعزعة الأمن والسلام الدوليين .
11- جمهورية العراق دولة ديمقراطية علمانية مستقلة ، تحرص كل الحرص على بسط سيادتها على كامل التراب العراقي ، وتعمل جهدها على التأخي والتعايش والمساواة بين جميع العراقيين ومن دون تمييز ولا إقصاء وتهميش ، وتعمل على التعايش السلمي الديمقراطي ، واحترام وتعميق روح التعاون والتكافل والعمل المشترك لبناء هذا البلد العظيم .
وتعمل الدولة بكل مؤسساتها على حماية الحقوق والحريت العامة والخاصة .
وتعمل الحكومة على حماية المرأة ومساواتها الكاملة بأخيها الرجل ، وضمان تلك الحقوق في القانون وبناء الدولة .
وتعمل الدولة على ضمان التعليم المجاني بمراحله المختلفة والخدمات الصحية المجانية وتأمين الخدمات الضرورية للحياة الحرة الكريم للفرد والمجتمع .
إن تجاوز السنوات الخمس عشرة الماضية وما خلفته من نوائب ومحن ، ومن جوع وموت وفقر وخراب وتشرد ، لا يمكن تجاوزه ومعالجته إلا بما بيناه ، وغيره من العوامل التي أرهقت العراق وشعبه ، وعلى الجميع أن يدركوا ويعوا هذه الحقائق المروعة ويتحملوا مسؤولياتهم والمساهمة الفاعلة في انتشال هذا البلد من المستنقع الأسن وإخراجه من هذه الالام والنوائب والسير به نحو بر الأمان والعيش الرغيد .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
8/5/2019 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتيجة غير حاسمة للانتخابات الرئاسية الإيرانية والانتقال للجو


.. جدل ونقاشات داخل الحزب الديمقراطي حول أهلية بايدن للتنافس ال




.. إلياس حنا: المقاومة لا تقاتل بفوضوية وإنما تستخدم أسلوب حرب


.. البرهان يزور جبهة القتال شرق السودان والدعم السريع يعلن سيطر




.. مستوطنون يعتدون على شاب فلسطيني في الخليل وإحراق سيارة مستوط