الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العجوز والبلبل

فاطمة هادي الصگبان

2019 / 5 / 10
الادب والفن


العجوز والبلبل
في يوم نصف مشرق دافىء أعدت إفطارها لتتناوله في الشرفة ...اعتادت ان يكون الربيع في بلدها حار جاف شبيه بالصيف الا من تباين طفيف في درجات الحرارة اما هنا فنسمة الربيع عذبة تحمل بعضا من قرصة شتائية باردة ...
بينما تعدل أطراف غلالتها جاء بلبل الجوار من الشرفات البعيدة كعادته ...يلتقط الفتات من يديها ..رنين هاتفها المحمول ..هيأت أذنها لشكوى شقيقتها ..بادرتها الأخرى بالبكاء والنحيب من ذاك الزوج الذي شاء سوء حظها ان تقترن به وفؤاده لازال ينبض لقلب زميلة دراسته التي فضلت مكانة الأستاذ ونبذت قلب شاعر ....
وسألتها هل وجدت اخيرا دليلا على خيانته؟....صور ..لقاءات ..محادثات سرية..
تجيب لايتجرأ ان يذكر اسمها أمامي ...وكل وقت أحسبه بالدقائق عليه ...لكن روحها الشريرة لازالت تستوطنه....لسانها يلهج بذكره ...خطوط وجهها تكتب بأنامله حتى أني المح عيونها الذئبية تفترس خصلات شعره ..تمسدها بوله..
وماأن تاخذه سكرة النعاس حتى تبدأ تراتيل حروف اسمها كتميمة خالدة ..يتنفس عبقها ..تخترق تفاصيلها هندامه...يعيش سلوكياتها في يومه ..حتى محاكاة الألوان التي تفضلها ...
يجن جنوني في معظم ليالي الباردة وأهم بخنق أنفاسه كي أجلد طيفها...أوأد الحروف البكر التي ترسم ملامحها ..ضحكاتها ..حزنها .. ذلك اللعين أنى لي بإقتلاع سحرها منه؟؟
لقد حاولت مع المشايخ والأسياد دون جدوى..
أصبح ظل الخائنة هوسا لي ..اتابع تحركاتها ..أقلد شعرها ..ملابسها ..تصنعها حذلقتها..رغم فارق الذوق بيننا ..حتى فقدت زمام نفسي ..أملك كل أزرار التحكم في ذاك المأفون لكن أنى لي بذاك الزر الخفي الذي يجعله ينصهر في عالمها...
يوما سأقتلهما وأقتل نفسي ...
أكملت سماع مخطط الجريمة الوهمي المعتاد وعادت لذاك الخائن الصغير ترتشف فنجان قهوتها وتطعمه باليد الأخرى ...
تنظر في عيونه البريئتين النهمتين تترقب لما تجود به يدها من بقايا فتات
أي سر فيك ؟
مالذي يغريك في عزلتي ؟
شرفة مهزومة صدئة ...شجرة هرمة تصارع اوراقها الصفراء معظم شهور السنة ..تستقبل مسرات الصيف بذاكرة ملونة او بتدرجات الرمادي ..
وأنت أيها الصوت المسموع في مباهج الدنيا ...
مالذي يغري حنجرتك لتودع ألحانك الشجية في أفنان يابسة ....
أي طير سعد غادرك لتلتهم السلوان من بين أناملي المرتجفة ..
ماهي الوشائج التي تجمع بين أثنين من عالمين مختلفين ومتناقضين ..
أي مفردة تجمع بين لغتي الحرب والسلام ...
ماذاك الرباط الذي لم تتمكن شياطين الأرض من قطعه ..
أيها البلبل الأحمق ...أمامك العالم الزاهي برونقه..
لسانك الذي يتحدث كل لغات الطيور ..في أجمل حدائق الأرض ..
مباهج الحياة مترعة أمامك ..الطيور بأصنافها وألوانها والزهور واقحواناتها
لكن السؤال ..ياطائري الغريب الأطوار..
مالذي يدعوني لإطعامك وأنا انشد من يعين أيامي المنهكة ...
مايدفعني لمسح الآثار التي تخلفها على زوايا شرفتي وأنا التي أترقب إحدى حواري الأرض لتبسط يدها في معاونتي ..
لو أنك أطعت ولم تأتي .. وصارت شرفتي قاحلة من غناءك الشجي ..
ألن يمزق ذاك نياط قلبي المتعب من نوائب الدهر؟؟
الا تشتاق الروح التي تحلق لإغاريدك الأعجمية ..والتي لاتفهم معظم عربها لجهلها في السلم الموسيقى ..
يقولون أصعب الفقدان في آخر العمر ..فهو موت او جنون ..
وأنت القاتل في كل هذيان ..
طار صاحبها ينشد المتعة في الشرفات المجاورة ..
أخذت أدواتها لتمسح مخلفاته من أرضية الشرفة.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص