الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأردن: اطلالة أول أيار مع عام صاخب في النضالات العمّالية

خضر كنعان

2006 / 5 / 2
ملف بمناسبة الأول من أيار 2006 - التغيرات الجارية على بنية الطبقة العاملة وحركتها النقابية والسياسية


في البداية فإن كل شريف في الأردن لابد له وأن يرفع تحية تضامنية حارة لعمّال شركة البوتاس الأردنية الذين يحتفلون بأول أيار هذا العام في أجواء اضراب عمالي متواصل منذ سبعة أيام. إضراب يستمر في مواجهة ليس تعنت اصحاب العمل مما يسمى "بالشريك الإستراتيجي" فحسب، بل وفي مواجهة أذناب الشركة من نواب برلمان، ووزارة العمل، وأخيرا -وليس آخرا - دخول رئيس الوزراء على الخط الذي طلب اليوم من العمال فض إضرابهم مقابل أن يتم الترتيب للقائهم معه، وترتيب إعادة الحوار مع الشركة. هكذا في نظر هذا البخيت وفذلكته أن العمال من الدونية بمكان بحيث يهبوا لهذه الفرصة بلقاء "الباشا" رئيس الحكومة - الله لا يخّسر !- وجاء ردّ العمال الحاسم وقيادة الإضراب أن الإضراب مستمر حتي تتم تلبية المطالب العمالية. يعني مش كل يوم نادي خالتك! ه
وقد شهدت السنة الماضية ومنذ أيار 2005 عددا متزايدا من الإضرابات والإحتجاجات العمالية على اختلافها. ومنها إضراب عمال المغنيسيا وقطعهم للطريق الرئيسي بين عمّان والعقبة. بعد أن سبق الإضراب العديد من الخطوات التصعيدية. ثم إضراب عمال ومستخدمي مصفاة البترول ، الذي تدخلت وزارة العمل للتوسط بين صاحب العمل والعمال حيث تم الوصول لإتفاق علق بعده العمال اضرابهم لتتراجع الشركة بعدها عن وعودها في حين لم تلزمها وزارة العمل بما قد وعدت، فعاد العمال للإضراب من جديد. إضراب عمال الفوسفات ومهندسي شركة الفوسفات. وعلّق عمال ومستخدمي شركة الإتصالات إضرابهم بعد الإستجابة الفورية لمطالبهم من قبل ادارة الشركة، بالطبع في حالة الإتصالات ولأن السوق ملئ بالشركات المنافسة التي تتنافس بشكل حاد فيما بينها على حصة أكبر من السوق فأن توقف أحداها يتبعه خسائر هائلة لتلك الشركة لا يمكن تعويضها بمجرد عودة العمال والمستخدمين للعمل خصوصا وأن تحويل مشترك من شركة لإخرى يتم إلكترونيّا وبغاية السهولة. لذلك لايمكن أن تخاطر أي شركة في السماح بالإضراب بهذه السهولة.
بالمقابل فهناك هامش من المنوارة في حالة شركة المصفاة، فإضراب المصفاة التي ليس لها منافس وبالتالي الأضرار تنحصر في عدم إنتاج وتوزيع النفط، الأمر الذي قد يكون خدمها أن تحافظ على احتياطها من النفط في ظل تزايد اسعاره عالميّا، وفي ظل معرفتها نيّة الحكومة الوشيكة برفع اسعار المشتقات النفطية.ه
عودة للنضالات العمّالية مرّة اخرى، فقد اضرب عمال مصنع الأسمدة في العقبة عن العمل الإضافي ، لم يتحل المصنع وانصاع لمطالبهم. ثم إعتصام موظفي مؤسسة الموانئ احتجاجا على تحويلهم من مؤسسة الخدمة المدنية إلى الضمان الإجتماعي، واعتصام عمّال المياومة في بلدية اربد مطالبين بزيادة اجورهم. واحتجاج متقاعدي الفوسفات على تحويل تأمينهم الصحي لشركة خاصة.، إضافة لإعتصام العمال الوفدين في مصانع النسيج في الكرك ومطالبتهم بدفع اجورهم المتراكمة منذ اشهر، وإضراب سائقي الشاحنات في الكرك ومعان.ه
تشكل الآن ظاهرة اضراب شركة البوتاس تطوراً مهما. إذ أن البلدة المجاورة للمصنع اعلنت تضامنها مع العمال المضربين خصوصا وأن الشركة بعد تخصيصها لم تعد تلقي بالا للمجتمع المحلي وتطويرة، هذا ما أكده جمعة الشعّار النائب ورئيس بلدية غور الصافي. الجانب الآخر في أهمية هذا التحرك هو تضامن نقابة عمّال المناجم والتعدين في مواقع العمل الأخرى - الحديد والألمنيوم والصناعات الهندسية - في إعلان التوقف ساعة عن العمل تضامنا مع عمال البوتاس. هذا التطور اللافت تابعه الأنحياز شبه التام لكتاب الأعمدة في الصحافة المحلية للإضراب ، لما لا، فأي زيادة سيحصل عليها العمال ستبقىوتصرف في البلد بينما لا رابط على ارباح اصحاب الشركة ولا ضابط عليها.ه
إن دخول الحكومة واجهزتها على الخط ليس جديدا، فالعمال يخضعون لكافة انواع المضايقات من الأجهزة الأمنية، وإضافة إلى التدخل غيرالبرئ لوزارة العمل لصالح المستثمرين، ودائما للضغط على العمال وتنفيس مطلبهم وتجريدهم من عناصر قوتهم في الضغط على المستثمرين. ه
أهمية هذه التطورات انها قد تساهم في خلق قيادات عمّالية جديدة على مستوى الأردن، ليس بالمستوى المطلبي فحسب بل أيضا في المستوى السياسي. إن معركة عمال ومستخدمي ومهندسي الأردن هي معركة الوطن بكافة فئاته ضد نهج التخاصية وتجريد البلاد والعباد من لقمة عيشهم، ومن شبكة الآمان الإجتماعي التي تحميهم، وهي تعمد في النهاية إلى تركهم فريسة لما يسمى "آليات السوق." وسوق على هالناس سوق..ه
والمعارك المطلبية التي يخوضها العمال في كافة مواقعهم اليوم في الأردن لهي مخاض لخارطة سياسية قادمة. إنها تضئ طريق التحول الديمقراطي الحقيقي في الأردن وتشير إلى روافعه الجذرية بدون ريبة. إنها اللبنة الأساس في بناء موازين قوى مضاد للإنهيار الحاصل.ه
إن الحكم يدرك ذلك، وهو مهئ بتجربة كبيرة في احتواء أي تصعيد وتمييعه وحصره في حدودة المكانية والمناطقية الضيقة، حتى وهو يتنازل مرغما لبعض المطالب ببعض الفتات الإقتصادي فإنه سوف يعمد إلى أن يجرد الطبقة العاملة والحركة الديمقراطية في البلاد من أي نصر سياسي ديمقراطي لتحركها، على مستوى الشارع أوعلى نحو مؤسسي. مما يساهم أولا بتكبيلها وقمعها من داخلها وبالتعاون مع قيادات التزكية في اتحاد العمال وقد بدأ ذلك فعلا ومؤخرا عندما صادق مجلس الوزراء على قانون يعطي صلاحيات أوسع لرئيس الإتحاد ونائبه مقابل المجلس المركزي ذو 102 عضوا. إن معركة ديمقراطية النقابات العمالية وتهيئة الضروف لأوسع مشاركة عمّالية في قيادة واتخاذ القرارات التي تطال مصيرهم هي المعركة والمدرسة الدائمة للحركة العمالية بدون شك وهي عنوان المرحلة القادمة.ه
الحركة والأحزاب السياسية بشكل عام بعيدة عن هذا الحراك - أرجو من القراء أن يمدونا بمواد واخبار وتحليلات بهذا الخصوص إن وجدت - فحزب جبهة العمل الإسلامي بالطبع له تاريخ من التعاون مع السلطة واجهزتها في قمع الحركة العمالية والإنصياع لرغبات اصحاب العمل. فمقال الكاتب الإسلامي واحد أعضاء الحزب المذكور اعلاه سميح المعايطة في الغد بعد أن بدأ بتفهم ومحاباة مواقف العمّال عاد في نهاية المقال وبشكل رخيص في تقديري ليؤيد موقف رئيس الوزراء البخيت: ه
"في تقديري آن الأوان لحل هذه القضية من خلال الحوار البناء والتفاوض المثمر، الذي يكفل تقوية العلاقة مستقبلا، والشعور بوجود بيئة مريحة في العمل تؤدي إلى تعزيز الانتاج"
بالله صحيح؟!ه
العمال بحاجة لأوسع تضامن شعبي لآنهم خط الدفاع الأول والأخير في وجه السياسة الإقتصادية النيوليبرالية التي يتبعها الحكم الأردني بنهم منذ عام 1989 لغاية الآن، وهي تأخذ عالميا منحى اساسي في النهاية ليس هدفة فقط فتح وتخاصية الإقتصاد وبيع مقدرات البلاد وقوة عملهم بأبخس الأثمان فحسب، بل والأنكى من ذلك أنه يتم إدارتها من قبل المؤسسات المالية البنك وصندوق النقد الدوليين لخدمة الإمبريالية الأميريكية بشكل رئيس وربط هذا التحول بمصالح هذه الأخيرة اولاً. ه
من المؤمل أن الأحزاب والحلقات السياسية الشبابية والطلابية والنسوية المعنية في الهم العام ومن مثقفين-ات ويساريين-ات وليبراليين-ات وطنيين-ات أن يساهموا-ن في فك الحصار والتعتيم عن نضالات الطبقة العاملة. وأن ينقلوا مثال قدرتهم التضامنية في تخطي الفواصل الأقليمية والمناطقية والدينية الضيقة نحو مصالحهم المشتركة وبشكل موحد وديمقراطي، أن ينقلوا هذا المثال المذهل والجبّار إلى حقول علاقاتهم الإجتماعية الأخرى، ويغتسلوا به من رؤاهم المشوهة حول ما هو حقيقي واساس في التحرّر وفي الحراك والتطور الإجتماعي الإقتصادي وفي بناء موازين قوى شعبية حقيقية قادرة على اجتراح مثل هذا التغيير. ه
يبقى رفض عمّال البوتاس طلب رئيس الوزراء لقاءه بهم يوم مشهود في تاريخ الأردن الحديث، وعلامة بارزة في سيرورة نهوض حركة عمّالية مستقلة عن اوهام الحكم ولفيف الأغنياء والرأسماليين ودهاليز بيروقراط دولتهم. استمرار هذا المنحي الإستقلالي هو الشرط الأول في قوة الحركة العمّالية وفاعليتها.. وهكذا فهذا العامل الذي لمدة بسيطة خلت يكاد لا يرى، وتخلو الصحف اليومية منه، ويعف عنه قراء الحظ..الذي لم يكن له أن يحظى يوما بلقاء وزير أوحتي في مكتب مدير في الشركة، يرفض بقفى يده موعدا مع رئيس الوزاء، و"الله" وكفو!ه
تحية لعمال بلادي في الوطن والمهجر في عيد العمال العالمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو


.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو




.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس


.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟




.. ماذا قال المطرب الهندي شبيه الرئيس الراحل مبارك للشعب المصري