الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم فلسطين

رامز صبحي

2019 / 5 / 11
الادب والفن


تجاهلها وهو يرتدي ملابسه على عجل ولم يعطيها اهتمام لتصفيف شعره الأشعث، لكنه ضرب معها موعدًا للقاء وهو يرتدي سلسلة من الدوبار زينت بأيقونة لعلم فلسطين من جهة وفي الجهة الأخرى المسجد الأقصى، فتلك هي الفائدة الوحيدة للمرآة في منزله من وجهة نظره، ألا وهي رؤية علم فلسطين أسفل عنقه بقليل، وكان يحرص على بقاءه ظاهرًا وكأنه يحمل لافتة في مسيرة صامتة، من المنزل إلى العمل ذهابًا وإيابًا.
واليوم هو في أمس الحاجة إليه، لأنه على موعد مع معركة ضد صاحب مصنع ألمنيوم في أطراف القاهرة الكبرى، ذلك الرجل الذي يرتكب جريمة ضد الأطفال يوميًا لا تقل بشاعة عن جريمة الاحتلال عندما قصف مدرسة بحر البقر، فهو أيضًا له ضحايا من عشرات الأطفال الذين يعملون داخل مصنعه ويصابون أثناء عملهم بقطع في الأصابع وفقدان للنظر وغيرها من مخاطر تفتح لهولاء الأطفال ذراعيها بمجرد دخولهم إلى مكان العمل، لدرجة دفعت أحد سكان المنطقة المقام بها المصنع للاستغاثة بالصحفي صاحب العلم ليسلط الضوء على تلك الجريمة لعل وعسى يتم محاسبة مرتكبها.
غادر منزله وفي مخيلته المشهد قبل أن يراه، أطفال تكسو ملامحها البراءة لا يعكر صفوها إلا إصابات العمل تغادر المصنع في طابور وهي تتبادل الضحكات أو تستلم لصمت الإرهاق من يوم شاق أو يائسًا من غد لن تنتهي فيه المعاناة.
استوقف أحدهن أمام المصنع وساءلها عن عمرها وطبيعة عملها والإصابات التي تعرضت لها هي أو زملائها، وقبل أن تزيد عن إخباره بأن عمرها 13 عامًا قاطع حديثها صاحب المصنع، كما تخيله تمامًا، طويل القامة يكتظ من خديه دماء الأطفال يرتدي سلسلة من الذهب الخالص ورغم أنه قد تجاوز الخمسين من عمره إلا أنه يبدو كشابًا في الثلاثين يحظى بصحة جيدة جدًا، وصوت يثير الرعب في نفوس الأطفال.
-مين حضرتك؟
-صحفي
-طيب عشان ما نزعلش من بعض أتفضل وما تتكلمش مع حد من البنات ولا انت عايز تعمل مشكلة؟
قال الأخيرة بنبرة تهديد وهو ينظر إلى حراسه الذين يفوقه في القوة الجسدية، فدائمًا كلاب الحراسة تكون أكثر شراسة من ملاكها.
تدارك صاحب العلم الأمر وأكد عدم رغبته في افتعال المشاكل، ومضى وهو يفكر في طريقة للحصول على المعلومات دون أن يكون طعامًا شهيًا لكلاب الحراسة.
بمشاورة من مستدعيه، قرر الوقوف في حارة يمر عليها الأطفال أثناء عودتهم إلي ديارهم، وكأنها بمثابة "دشمة" يحتموا بها من العدو وبالفعل تجاذب أطراف الحديث مع عدد من الأطفال لكن كانت هناك "طائرة استطلاع" ترصد تحركاتهم أبلغت العدو بمكانهم وسرعان ما أتى صاحب المصانع وبرفقته كلاب الحراسة ونزلوا من سيارتين جيب سوداء وشنوا هجومًا على الصحفي أسفر عن قطع سلسلة العلم الفلسطيني الذي تاه بين الأقدام وتراب الحارة وكاد أن يسفر أيضًا عن إصابات لكن أهالي الحارة تصدوا للهجوم بفرمان من مستدعي الصحفي، وأمام ثورة الأهالي المدعومة بالشوم وما خفي كان أعظم، بدأ صاحب المصنع في الدفاع عن نفسه بإدعاء الأكاذيب والصراخ.
-ده أنا بحمي بناتكم منه ده جاي يعتدي عليهم انا غلطان
وغيرها من إدعاءات لم تنطلي على الأهالي الذين حرروا الصحفي من قبضة يده وتركوه يتفرغ للبحث عن علم فلسطين التائه وسط غبار المعركة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع