الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد رحلة العودة إلي السودان

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2019 / 5 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



إن دقات ساعة الثورة بين الفينة الأخرى تشير لإقتراب ميلاد السودان الجديد رغم سخونة الساحة وإرتفاع درجات حرارة لحظات الإنتظار في ظل تصاعد وتيرة الإحتجاجات الشعبية المستمرة بشكل يومي علي طول وعرض البلاد، لكن الذي نستبشر به كبارقة أمل تبعث فينا شعاع التفائل هو تنادي المناضلين من كافة الجهات لهجر المنافي والعودة إلي أحضان الوطن بعد سنوات من الحرمان، فبينما نستشرف موسم عودة العصافير المهاجرة إلي حدقات عيون السودان تسوقنا البهجة لتذكر صوت الموسيقار وردي وهو يغني بكل إحساسه المرهف والنبيل "رحلة عصافير الخريف في موسم الشوق الحلو" ونتذكر أيضا الأديب الرائع الطيب صالح عندما سرد بقلمه الرصين حكاوي هجرات السودانيين من مطار الخرطوم حين ضاق بهم الوطن المستلب تحت الحكم "الإسلاموعسكري" حيث تسائل بحيرة قائلا "من أين أتى هؤلاء" وقد أجاب الشعب في ديسمبر بأن هؤلاء الإسلامويين أتوا من الظلام وتمت إعادتهم من حيث أتوا، فمع إنبلاج ضوء الحرية والديمقراطية علي أرضنا الخضراء بدت الأحلام الجميلة تنبت في عيون الكادحين واللاجئيين والنازحيين كأنها شتلات يانعة سقيت بدماء الشهداء ودموع المهمشين فصارت رياض ظليلة تكسوها أهازيج الإنتصار.

ها هم أبناء وبنات الشعب السوداني زهورا تخرج من تحت الثرى لتعطر ما فوقها برياحين الحرية والسلام، وها نحن اليوم نزيل ستار الظلام الذي إكتنف الساحة لسنوات ونشعل شمعات الإنتصار ونبصر المستقبل بعيون وقلوب حالمة تشتاق التحرر ولا تعرف الإنكسار والخنوع، ويجب أن نمد الجسر أمامنا ونمشي بثبات نحو المستقبل، وبذات الصمود نعبر جميعا نحو دولة حرة ديمقراطية تؤسس لحياة إنسانية جديدة لا ظلم فيها لأحد، وكيفما كانت مآلات السياسة والإقتصاد بعد مخاض التحرر الوطني لن نعود إلي النقاط "الصفرية" التي أقعدت البلاد ودمرته بل سنعمل بكل حيوية ونشاط من أجل تخطي المشكلات الإقتصادية والسياسية بحلول سياسية وإقتصادية جديدة تضع السودان في صدارة العالم كما يجب أن يكون، فالسياسة والإقتصاد عناصر تطور العالم ولا ينفصالان عن بعضهما، وبعد تحقيق التحرر الوطني والتحولات الديمقراطية القادمة سعيود السودان إلي المحيط الإقليمي والدولي قويا في كافة المجالات، وسيكون إنسان السودان إينما وجد عزيزا مكرم وكعادته سفيرا للسلام والتسامح وهو يمثل جوهرة ذهبية لامعة تعكس الوجه الحقيقي لشخصية المواطن السوداني الذي تشبع بثقافاته الأصيلة، وسيكتب التاريخ لنا مجدا جديد بعيدا عن تشوهات العهد الظلامي المنتهي.

إن السودان يحتاج لكافة أبنائه وبناته بمختلف أعمارهم وخبراتهم، فهم الأبطال الذين قادوا الثورة داخل وخارج أرض الوطن ويجب أن يحصدوا زرعهم الذي نبت في وطنهم، والعودة إلي البلاد تأتي ضمن إحساس السودانيين بالمسؤلية تجاه بلدهم في وقت الشدة والحاجة، فالنظام المباد توا قد أجبر ملايين المواطنيين علي مغادرة وطنهم تحت ضغط حرب التمكين والعنصرة والفقر المستشري والتهجير القسري وممارسة سياسة تكميم الأفواه والتنكيل بالمعارضيين السياسيين والحقوقيين والصحفيين وغيرهم من الوطنيين علي مدار الحقبة الظلامية السابقة، وبقيام ثورة ديسمبر المجيدة والخالدة أضحى الوطن في مرحلة جديدة تستوجب العودة والعطاء في كل المجالات كيما تتحقق النهضة المنشودة، ومن هنا نحي وفود السودانيين القادمة من كافة أنهاء العالم إلي تراب البلد الحبيبة، والتحية مجددا لرفاقنا الثوار في الحركة الشعبية الذين أعلنوا الرجوع إلي السودان للمشاركة في بناء دولة قانون وديمقراطية ومؤسسات حرة لا تفرق بين السودانيين علي الأسس القديمة بل تجعلهم مصدر رئيسي للبناء والتعمير وأعمدة للتطور السياسي والإقتصادي وصولا إلي المستقبل الزاهي، لذلك يجب العمل علي إستكمال الثورة فهي فرصة نادرة لتحقيق السلام الشامل في السودان ومحو آثار الحروب العنصرية والإفقار الممنهج ومصادرة الحريات وإدعاء الوصاية الزائفة علي الفكر والأخلاق في عهد المتاجرة السياسية باسم الدين ومحاربة المجتمع والعالم الخارجي تحت شعارات جهادية متطرفة، ويجب إصلاح العلاقات الإجتماعية السودانية بعقد مؤتمرات ترسخ ثقافة السلام والعيش المشترك، ويجب أيضا إقامة مؤتمر قومي دستوري لوضع أسس دستورية جديدة ومؤتمرات للإقتصاد والإستثمار والسياحة والعلاقات الخارجية وغيرها من متطلبات النهضة الوطنية، وسيكون السودن بألف خير.



سعد محمد عبدالله
11 مايو - 2019م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. مقتل 3 متظاهرين إثر احتجاجات اعتراضا على نتائج ا


.. شاهد | تجدد الاشتباكات بين الشرطة الكينية ومتظاهرين في نيروب




.. ماكرون.. بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان تجمع اليسار


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: انسحاب أكثر من مئتي مرشح لسد




.. كينيا.. قوات الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين