الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج التنموي والعمل السياسي، أية علاقة ؟...

عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)

2019 / 5 / 11
الادارة و الاقتصاد


من المستحيل تحقيق الرفاهية المجتمعية دون التزام من الكل بتحقيقها؛ ومن المستحيل أيضا تحقيق أهداف الفرد أو جعل الآخرين يلتزمون به عندما لا يستطيع الفرد أن يذكرهم بوضوح بما يجب القيام به خلال فترة زمنية معينة وضمن استراتيجية واضحة الأهداف...
فإذا اقتنعت الدولة بأن لا بد لسياساتها من مراقبة وتقييم ومسائلة لأنه السبيل الأمثل إلى الرقي والتطور والبناء المجتمعي الصحيح على أساس العدل والمساواة واحترام الآخر. فإن الممارسة السياسة من طرف الأحزاب تحتاج بدورها إلى توجيه وموجه واضح، وإلى مسائلة ومراقبة.
إذا كان الاختلاف في وجهات النظر السياسية داخل المجتمع تعبير عن الممارسة السياسية المتعددة والمفتوحة وشكل من أشكال الممارسة الديموقراطية. فإن بناء الدولة الاجتماعية يتطلب إرساء قواعد واضحة للتنافس الشريف على أساس ضوابط موضوعية تراعى فيها المصلحة العليا والعامة والفردية، ولا تتناقض مع ما يصبو إليه البلد للانخراط في بناء دولة الحق والقانون.
إذا كان الاختلاف هو صحي في التطور والتراكم الديموقراطي للبلد دون أن يمس بالمبادئ المؤسسة له، وهي مبادئ ليست فقط سياسية، بل أيضا ثقافية ودينية وحضارية ولغوية وبيئية. فإن عدم مراعاة هذه المبادئ يعتبر معيقا للتطور ومزعزعًا للمبادئ العامة المؤسسة للدولة.
من جهة أخرى، إذا كانت مختلف التقارير الوطنية والدولية تعتبر أن التنمية المستدامة ليست رهينة فقط بالعناصر المادية، بل أيضا بتلك اللامادية كالثقافية والسياسية والثقة والعدالة. فإننا وجب علينا أن نسائل ليس فقط ما هو النموذج التنموي الاقتصادي الأمثل للمغرب، بل أيضا دور الأحزاب في بناء وإرساء دولة حديثة ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان وتهدف إلى تنمية الفرد والجماعة بعيدا عن كل لون من ألوان التطرف والتعصب.
ضمن هذا السياق العام، أتساءل ألم يئن الأوان أن تتنافس الأحزاب فيما بينها حول البرامج والمشاريع التنموية ويتم الإغلاق النهائي لكل المنافذ التي تستغل الدين أو العرق أو غيرها من الأسباب التي تغرقنا في التخلف ..ألم يئن الأوان أن تتطور البنيات التنظيمية للأحزاب وباقي الإطارات المدنية لتتماشى مع المتغيرات الجيوسياسية الجهوية والقارية والدولية... ألم يئن الأوان أن نضع معايير المحاسبة والمسائلة لمسيري وممثلي الأحزاب والجمعيات والنقابات. ألم يئن الأوان أن تعلن الدولة أنها لا تمثل الدين الواحد وأن الوطن هو للجميع..
إن كان من الضروري وضع قوانين لمعرفة ممتلكات المسؤولين درئا لكل فساد مالي، فإن أيضا محاسبة الأنواع الأخرى من الفساد والتسيب ضروري، لأنه يسبب بطرقة أو أخرى في فقدان الثقة وتقوية المحسوبية وعدم الإفلات من العقاب.
يلاحظ خلال السنوات الأخيرة بالمغرب بعدما ابتلينا بالتيارات الإسلامية في المؤسسات العمومية، أن هناك مجموعة من الكلمات النابية استعملت في الخطابات السياسية والرسمية وتم استغلال النفوذ والدِّين؛ وأيضا عدة أساليب تم نهجها في الممارسة السياسية عززت المنطقة الريعي المتفشي في المجتمع وقَوَّت الفساد الإداري، ممَّا زاد من تمييع العمل الحزبي والمدني، لتنتقل عدواه إلى مؤسسات الدولة ليفسد صورتها ويهز ثقة المواطن فيها ؛ لن يربح من وراء ذلك إلَّا الحركة الداعشية وما جاورها... لم يكن الكمال صفة الإنسان في يوم من الأيام، لكن فقط هناك المطالبة باحترام المؤسسات والقانون.
لذا قبل الحديث عن العزوف السياسي، لا بد من ثورة في الأشكال التنظيمية الحالية وربما إحداث هيئة تشرف على تتبع ومراقبة وتحليل الخطابات والبرامج كمرحلة ظرفية تهدف إلى صيانة المبادئ العامة كاحترام حقوق الإنسان والتدين والهوية والتعدد المتضمنة في الدستور المغربي 2011. أكيد يمكن اعتباره أنه ضرب للحريات، لكنها خطوة ضرورية لحماية المواطن الذي لم يأخذ حقه من المعرفة والتعلم ولا يستطيع تتبع صفحات الجرائد الإليكترونية والتواصل عبر المواقع الاجتماعية وفهم تحاليل الخبراء؛ كما أن الهجوم الذي تعرض له المواطن من الإعلام الوهابي طيلة عقود من الزمن مما جعله عرضة للمساومة والابتزاز بمختلف الأشكال وقابل للتدجين والتطرف. في هذه الحالة يمكن أن نقبل بقليل من التقيد. ودون ذلك، فمهما فعلنا فإننا سنظل في العبث والقلل المستقبلي، وفي فشل دائم لاتخاذ المسار الصحيح للتنمية... الكل جزء لا يتجزأ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة


.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل




.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده


.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال




.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.