الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للاستقطاب الثنائي على الساحة الفلسطينية، لالسلطة المليشيات نعم لسلطة القانون

وليد العوض

2006 / 5 / 2
القضية الفلسطينية


لا للاستقطاب الثنائي في الســاحة الفلسطينية
نعم لسلطة القانون لالسلطة المليشيات
كنت قد ختمت مقالي السابق بنداء قلت فيه (ارحمونا يرحمكم الله) ، والرحمة من الله عز وجل مطلوبة في كل وقت، ولكن مبعث طلبها في المقالين السابق والحالي يكمن في تنامي الشعور لدي ولدى العديد من أبناء شعبنا الفلسطيني ما تؤول إليه الأحوال في بلادنا وفي قطاع غزة بشكل خاص وينذر بدون تهويل بقرب انفجار الصدام الداخلي الذي تتراكم عوامله لدرجة بات من الممكن القول أن حدوثه لا قدر الله بات مسألة وقت ليس إلا، وما المحاولات الصادقة التي تحول دون ذلك حتى ألان إلا مسكنات سرعان ما سينتهي مفعولها وسعتئذ سوف لا ينفع نداء أو استغاثة ، أقول ذلك لان طبول الصدام تقرع بصوتها المزعج على شاشات التلفاز،وكلي أمل أن يتحرك العقلاء لبذل مزيد من الجهود لإسكات تلك الأصوات النشاز والسعي لانتزاع كل عوامل الاحتقان والتوتير الداخلي الذي سيقود لو استمر على هذا المنوال إلى انفجار الفتنة التي نجحت حتى ألان كل الجهود المخلصة في وأدها، يحكمني في الدعوة هذه حكمة الأجداد التي تقول سلمت أيادي الذين يجبرون الجرة قبل أن تنكسر خاصة وان الذين يتقاذفونها هذه الأيام مجموعة من الهواة الذين لايدركون طبيعة الظروف الدقيقة التي تمر بها قضيتنا الوطنية وطبيعة المخاطر التي يتعرض لها مشروعنا الوطني في ظل تزايد وتيرة العمل لتنفيذ خطة اولمرت أحادية الجانب التي يجري تنفذها في ظل حصار وعزلة مفروضة على شعبنا بدعم أمريكي ومشاركة أوروبية وصمت عربي، بالإضافة للعديد من المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد مجتمعة إذا لم نحسن إدارة الصراع والخروج من عنق الزجاجة، مشروعنا الوطني بالانهيار، ويبدو أن هؤلاء الذين ينفخون في أبواق التوتير الداخلي لا يقدرون كما يبدو حجم الويلات والمصائب الذي تقودنا إليه نزواتهم وسعيهم للاحتفاظ بالسلطة أو العودة إليها بأي ثمن، وهنا أقول يحق أنه لحركة فتح أن تعتز وتفتخر وهي التي قادت النضال الوطني على مدار أكثر من واحد وأربعين عاما حققت خلالها العديد من الانجازات التي لا تعد ولا تحصى وكان أخرها سعيها لإنجاح العملية الديمقراطية في فلسطين وتسليمها بالنتائج التي لم تكن في صالحها ، كما يحق لحركة حماس أن تزهو بفوزها الكاسح في الانتخابات التشريعية الأخيرة وتشكيلها متفردة الحكومة الفلسطينية العاشرة، ولكنني أقول بصراحة ودون مواربة لاحق لهما أن يخرقا السفينة التي يبحر فيها كل شعبنا الفلسطيني، ولا بد لهذا الاستقطاب الثنائي الضار من أن يتوقف وعلى كل أبناء شعبنا رفع صوت الاعتراض على هذا المنهج الضار وتشكيل جبهة عريضة تضم كل المعترضين على هذا الاستقطاب الحاد وما يقود إليه من نتائج يدفع شعبنا ثمنها يوميا من قوت وامن أطفاله. بهذا رغبت القول أن ما يجري فاق القدرة على الاحتمال وبات المرء يخشى من حدوث الأسوأ في كل لحظة، فالمتتبع للأمر يلاحظ على شاشات الفضائيات وكافة وسائل الإعلام أن احتراف سياسية التراشق وكيل الاتهامات المتبادلة باتت هي السياسية التي ينتهجها فرسان الفضائيات مما خلق حالة من الاحتقان الداخلي انفجرت في إعقاب خطاب السيد خالد مشعل بمسيرات وتجمعات تخللتها أحداث عنف خاصة في جامعتي الأزهر والإسلامية في قطاع غزة وقد أصيب نتيجة ذلك العشرات من أبناء وخربت الممتلكات العامة وبعد تدخل العناية الإلهية عاد الهدوء ولكن النفوس لم تهدأ وما زالت حملات التعبئة مستمرة بأشكال متعددة .
وفي موازاة ذلك يلاحظ المراقب لتفاعلات الوضع الداخلي أن عوامل انفجار الصدام تتراكم على الأرض وتتشكل أدواتها ، ففي سابقة هي الأولى من نوعها أعلن الأخ سعيد صيام وزير الداخلية عن تشكيل قوة أمنية من الأجنحة العسكرية للفصائل مهمتها مؤازرة الشرطة الفلسطينية في منع الفوضى ووضع حد للفلتان الأمني، وقد أثار هذا القرار مؤسسة الرئاسة الفلسطينية والرئيس ابر مازن باعتباره حسب القانون الأساسي القائد الأعلى لقوات الأمن الفلسطينية بفروعها وأجهزتها المختلفة وعلى ضوء ذلك اصدر مرسوما ألغى بموجبة قرار الوزير بهذا الشأن ، ولكن يبدوا ن ذلك لم يحل دون استمرار ومواصلة العمل في تشكيل القوة الأمنية التي بدأت نشاطها بالفعل حيث تدخلت وحدة خاصة من كتائب الشهيد عز الدين القسام بزيها المميز مستخدمة أسلحتها وسياراتها الخاصة في إنهاء حادثة الاعتداء المرفوضة جملة وتفصيلا التي تعرضت لها وزارة الصحة وقد أصيب هذه الحادثة ثلاثة أشخاص بعضهم ليس له علاقة بما حدث ، وقد أثار هذا التدخل الذي يفتقر لأي مسوغ قانوني، حالة من الجدل والاعتراض خاصة من قبل حركة فتح وكتائب الأقصى على زج الأجنحة الفصائلية في الشأن الداخلي الفلسطيني وفي أن تقوم اجحنة مسلحة بمهام هي من صلب عمل الشرطة الفلسطينية،وفي سياق الحديث عن هذه القوة مثار الجدل، لاحظنا أن أجنحة عسكرية لها مكانتها ووزنها على الأرض أعلنت انضمامها لهذه القوة وقد أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إن عديد هذه القوة سيصل إلى ثلاثة الآلاف عنصر بدءوا يجرون استعداداتهم لأخذ دورهم ميدانيا على الأرض، بينما أعلنت الأجنحة العسكرية لحركة فتح وعمادها الأساسي كتائب شهداء الأقصى والشهيد أحمد أبو الريش رفضها الانضمام لتلك القوة واعتبرتها إحلال لمليشيا الفصائل مكان الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وفي خطوة تبدو لمواجهة ذلك أعلنت الأجنحة العسكرية لفتح عن تشكيل قوة أمنية خاصة مهمتها الحفاظ على المشروع الوطني الكبير وحماية أبناء فتح، ، بكلمات أخرى أقول أن هناك قوتين يجري تشكيلهما خارج نطاق القانون و بمعزل عن قوات الأمن الوطني والشرطة والأجهزة الأمنية المنصوص عليها في القانون الأساسي،مما يجعل أمر الصدام وارد في كل وقت لان كلاهما تستعدان حسب إدعائهما للقيام بمهمة حفظ الأمن الداخلي ووضع حد للفلتان الأمني ، وحماية المشروع الوطني وكل على طريقته، ونلاحظ هنا أن الدور الذي تتنطحان له يتنافى مع المهمة الأساسية التي انطلقت هذه الأجنحة من أجله واكسبها مكانة واحتراما لدى أبناء شعبنا، ألا وهو مقاومة الاحتلال والتصدي لعدوانه المتواصل ومواصلة الكفاح الوطني بأرقى أشكاله ضد المحتل،خاصة وإن الدور الذي يجري إعداده لهذه الأجنحة في كلا القوتين ينزع عنها ثوبها المطهر الذي اكسبها حب شعبها ويحولها إلى مليشيات مسلحة للقيام بدور أرى انه غير مناسب لها و لم تنشأ هي أصلا القيام به ،علاوة على أنه يصادر دور الشرطة الفلسطينية ومهمتها الأساسية حفظ الأمن الداخلي ووضع حد للفلتان الأمني وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء خاصة وأن المؤسسة الأمنية والشرطة الفلسطينية مؤسسة قائمة ويزيد عدد منتسبيها على ستين ألفا والمطلوب في هذا المجال هو توفير الدعم لها وإفساح المجال أمامها للقيام بواجباتها وليس تشكيل قوة (قوتين) بديلة أو موازية لها خاصة وان مثل هذه الخطوة وبالرغم من محاولة تجميلها وتلطيفها لم تحظى بقبول العديد من القوى والأطراف علاوة على إنها تمثل مخالفة وخروجا عن القانون الأساسي.
أقول ذلك في هذه المرحلة التي تتزايد فيها خطورة مثل هكذا خطوات، وكنت قد عبرت في مقالات سابقة في الأعوام التي خلت عن رفض أي مشاركة أو تدخل لأي من هذه الأجنحة المسلحة في الشأن الداخلي الفلسطيني وأدرك في نفس الوقت عمق الحاجة إلى ضرورة وضع حد لحالة الفوضى والفلتان الأمني، ولكنني أقول جازما أن هذه الفوضى التي لم ولن يقم بها المواطن البسيط الذي يبحث عن كسرة خبز ليطعم أطفاله في هذا الظرف الصعب ، بل إن ما يقومون بها هم في غالبيتهم من منتسبي الأجهزة الأمنية وممن يأخذون من الأجنحة العسكرية المقاتلة غطاء لممارساتهم المنبوذة ، ولذلك فإن معالجة أمر الفوضى والفلتان والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة وعلى أمن المواطنين وحرياتهم العامة والخاصة يتطلب أولا من الأجهزة الأمنية ضبط عناصرها ومنتسبيها ، ومن الأجنحة العسكرية رفع الغطاء عن كل من يختبئ بممارساته المرفوضة تحت عباءتها التي يجب أن لا تأوي إلا الشرفاء ، هكذا يمكن أن يتم وضع حد للفوضى والفلتان وأن يسود حكم القانون لا حكم المليشيات وسيادتها ، إن كفاح شعبنا وصموده وتضحياته على مدار السنين كان ولا يزال من أجل دولة القانون وليس من أجل دولة المليشيات وأختم لأقول مرة أخرى ليس بهذا الاستخفاف يكافئ شعبنا البطل.
بقلم:وليد العوض
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
30/4/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة