الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزء الثاني من هل من عودة

وصفي أحمد

2019 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الثاني من هل من عودة
وبعد هذه السنوات الطوال من حكمه للعراق سقطت تجربته بفعل الغزو الأمريكي للبلد في التاسع من نيسان 2003 .
لكن حزباً على شاكلة حزب البعث لا يمكن له أن يرفع الراية البيضاء بكل سهولة وذلك لأسباب أهمها :
1 ـ لديه تجربة سابقة , إذا تم إسقاط تجربته الأولى في الحكم على عبد السلام عارف وحلفائه الناصريين والقوميين في تشرين الثاني 1963 .
2 ـ قدرته الكبيرة في تجميع حلفاء من المعارضين , كما حصل في تحالفه مع جماعة عبد الرزاق النايف , ليتمكن من اسقاط نظام حكم عبد الرحمن عارف رغم أن الظروف تختلف كون أن عارف ونظامه كان غاية من الضعف بسبب الخلافات التي كانت مستشرية بين أركان حكمه . وهو اليوم يكرر هذه التجربة من خلال تقاربه مع مجموعة من القوى الإسلامية واليسارية والقومية المعارضة للحكم الذي تشكل بفعل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 .
3 ـ التذمر الجماهيري من العملية السياسية الحالية التي تسبب تشكلها وفق ما عرف بدولة المكونات وما سببته من انعدام الأمن الذي وصل إلى حد الحرب الأهلية وما رافقه من فشل غير مسبوق في تقديم الخدمات وما رافقه من فساد مالي وهدر للمال العام .
4 ـ كان لبقاء الحزب طيلة العقود الطويلة في الحكم الدور الكبير في تمكن حزب البعث في أن يضرب جذوره في الدولة العراقية والتي أصبحت من القوة بحيث عجزت كل اجراءات الحكم الجديد من اجتثاثها .
بعد كل هذا الاستعراض يبقى السؤال : هل يتمكن حزب البعث إلى السلطة , ولو بنسخة جديدة , بعد مرور ستة عشر عاماً على سقوط نظام حكمه ؟
هناك عوامل عديد تجعل هذا الحزب يحلم بعودة ثالثة إلى السلطة , منها , رصيده الشعبي لدى الجماهير العربية كونه ضرب إسرائيل إبان حرب الخليج الثانية ووقوفه أمام المخططات الأمريكية كما تعتقد هذه الجماهير .
كما يدعي البعثيون أن طبيعة الحزب العلمانية كانت قد عملت على رص صفوف المجتمع العراقي من خلال إبعاد الشيعة العاديين عن التيارات الإسلامية الراديكالية المتهمة بالولاء إلى الجمهورية الإسلامية في إيران . لكن هذا الزعم يجافي الحقيقة في كثير من الأمور منها :
1 ـ فشله في تطبيع الأوضاع في كردستان من خلال تطبيق بيان 11 آذار / مارس الذي وقعه مع الملا مصطفى البارزاني رغم أنه لا يتحمل كامل الوزر في هذا الفشل .
2 ـ ضربه لكل القوى السياسية قومية كانت أو يسارية , لا بل لم يقف الأمر عند هذا الحد , فقد قام صدام بتصفية حزب البعث ذاته من خلال إعدام خيرة القيادات البعثية في عُرف بمجزرة قاعة الخلد , ومن ثم تحويله هو وسائر المنظمات الجماهيرية إلى مجرد أجهزة أمنية بحتة . وقد أدى هذا الواقع إلى نكوص الجماهير نحو هوياتها الفرعية .
3 ـ حملته الإيمانية التي لجأ إليها , بعد شعوره بالخطر عندما أخذت الأفكار السلفية تغزو الوسط الاجتماعي الذي كان يعتبره سنده في إدامة حكمه , كما ساهم في إبعاد الشيعة عن نظام حكمه لتوليده احساس لديهم بالتهميش .
4 ـ ولو أن ابتعاد الشيعة عن نظام حكم البعث كان سببه الأكبر ما قام به النظام خصوصاً بعد وصول صدام إلى السلطة من قمع وحشي غير مسبوق ضد معارضيه من الشيعة والذي توجه في قمعه للانتفاضة الشعبية عام 1991 .
وبالرغم من هذه المعطيات التاريخية , فإن أعضاء حزب البعث ـ الذي تمكن من إعادة ترتيب أوضاعه ـ مازال قادراً على مغازلة مشاعر الملايين من الناس وفي مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافي مستغلاً فشل الأحزاب والقوى السياسية النافذة مع فشل القوى المدنية في لملمة صفوفها بالشكل الذي يمكنها من قلب المعادلة السياسية بسبب العديد من الظروف الذاتية والموضوعية التي لا مجال لذكرها الآن ـ من خلال اعتراف العديد من قادة الحزب من أن صدام انحرف عن مباديء الحزب بعد أن استولى على الحزب وحوله إلى أداة لإدامة مجده الشخصي .
لكن لهذا الادعاء ما يدحضه فحزب البعث ـ جناح عزت الدوري ـ متهم بالتعاون مع الحركات الإسلامية الجهادية في مقاتلتها للأمريكان وللقوات الأمنية العراقية .
وبالرغم من ذلك , فإن لحزب البعث سجل طويل في التعاون مع الإدارات الأمريكية من أجل الوصول إلى السلطة تجعل الأمل يراوده باستنساخ الماضي . وما يزيد من حدة هذا الأمل الصراع الأمريكي ـ الإيراني وما ستؤول إليه الأمور في قابل الأيام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا