الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خديعة الحرب الكبرى

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2019 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


بينما تعبر البوارج الحربية الأمريكية إلى منطقة الخليج، ويقوم الإعلام العربي والأمريكي بتضخيم حجم القوات، والحديث عن سفن طبية ضخمة، وحاملات طائرات، يتعاظم الحديث و التنبؤ بوقوع حرب أمريكية ضد إيران، وحتى إيران ذاتها تشارك في تضخيم المشهد، ويطلق الحرس الثوري الإيراني تهديدات كبيرة تجاه المصالح الأمريكية في المنطقة ، بل ويستغل ما يجري لاستعراض قوّته ليخيف خصوما افتراضيين .
لكن المظاهر الخارجية لهذه الحشود العسكرية تختلف تماما عن حقيقة نواياها في الغالب ، حيث أن أمريكا دائما تحافظ على وجود الفزاعة الإيرانية في منطقة الخليج ليتسنى لها الاستمرار في امتصاص خيرات دول الخليج وأموالها الضخمة ، والحرب ضد إيران لن تكون حربا عادية لو حدثت ، بل ستستمر وقتا طويلا ، وتوقع خسائر فادحة في المنطقة بأسرها ، والسؤال ماذا ستستفيد أمريكا من تدمير إيران؟! ، لو افترضنا جدلا نشوب الحرب و أن إيران صمدت وقاتلت و أوقعت خسائر كبيرة في القوات الأمريكية وأضرت بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ، لكن في النهاية ستكون الغلبة العسكرية لأمريكا كما يقول الواقع ، لأن استخدام القوة الفتاكة سيكون مطروحا بشكل مؤكد في مثل هذه الحرب .
واستخدام القوة الفتاكة يعني إنهاء القوة الإيرانية تماما واستسلام إيران بعد نزع مخالبها تماما ، فما هي المصلحة الأمريكية من ذلك ؟
إذا كان وجود إيران كتهديد استراتيجي مزعوم لدول الخليج هو الدافع لانتزاع المال والنفط ، فعندئذ تتلاشى المصلحة تماما في إزالة هذا التهديد ، لأن إزالته هو الضرر الحقيقي للمصالح الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الخليج ، بل وفي منطقة الشرق الأوسط برمّته .
لذلك فالأرجح أن هذه الحشود تطمينية لا أكثر، وكأن أمريكا تقول لدول الخليج نحن في ظهوركم، لكنها لن تخوض حربا لا ضرورة لها من أجل دول الخليج دون وجود مصلحة واقعية هائلة تتطلب خوض مثل هذه الحرب.
خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تاجر علني ، يتعامل بحسابات الربح والخسارة ، ولا يتعامل من منطلق استراتيجية عسكرية بحتة ،ولن ينجر بسهولة لحرب قد تنهي طموحاته في الترشح لولاية ثانية
أما حادثة تخريب أو " تفجير " السفن ، فلا بد أن المخابرات الأمريكية تعلم جيدا حيثياتها ،وأنها وقعت لاجتذاب القوات الأمريكية إلى المنطقة ، اعتقادا أن هذا قد يسرّع من وتيرة الأحداث وإشعال فتيل الحرب ضد إيران ، لكن كل خطوة محسوبة جيدا بما يخدم المصالح الأمريكية ، لذلك لا أتوقع بتاتا وقوع هذه الحرب قريبا وقد لا أبالغ إن قلت أن هذه الحرب لن تقع أبدا في عهد ترامب على الأقل .
هذه الحرب هي الخديعة الكبرى التي يطبّل لها المطبّلون ، ويدافع المدافعون ، ليست حربا واقعية ، ولو أن لأمريكا مصلحة حقيقية في الهجوم على إيران لما انتظرت مؤشرات خليجية ، ولأقدمت على الدخول بقوة إلى سورية وفرض معادلات مغايرة تماما على الأرض قبل أن تبادر لأي عمل عسكري ، لكنها على العكس آثرت سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية ، وتركت لروسيا التحكم في طبيعة التواجد الإيراني هناك بما لا يتعارض مع الأمن الإسرائيلي الذي يحتل الأولوية الأولى لدى الولايات المتحدة الأمريكية .
وللأسف فإن الأنظمة العربية لا تتعلم من أخطائها ، ولا أخطاء أسلافها ، وما زالت تتبع سياسة جلب الدببة إلى كرومها وتختبئ خلف السور وتتفرج على المشهد ، هذه السلبية وانعدام القرار المستقل خلل جيني متجذر لدى تلك الأنظمة ، ولكن العبث مع الدببة دائما ينتهي بمشاهد دامية ، والتاريخ شاهد على ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س