الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن الترجمة

صاحب الربيعي

2006 / 5 / 3
الادب والفن


الترجمة ليست عملية نقل حرفي من لغة إلى أخرى، ولا هي صناعة ميكانيكية تقوم بإحلال كلمة أجنبية مقابل أخرى مغايرة. إنها إعادة صناعة المادة الأدبية وإدخال محسنات إضافية عليها لتكون صالحة للتداول في مجتمع أخر، وهي بالتالي إعادة صياغة للنتاج الأدبي أو الفني بأسلوب جديد.
إنها تأليف جديد لمادة مؤلفة أصلاً في مجتمع مختلف من حيث الذوق والإحساس والشعور والمفردة والمعلومة والتاريخ والحضارة.... فعملية النقل الحرفي للكلمة وبصيغة الإبدال يقتل العمل الإبداعي، فالكائن الإبداعي لايعيش إلا ضمن ظروف خاصة توفر له كافة السُبل للتفاعل مع أقرانه من الكائنات الإبداعية الأخرى.
الإحساس بالكلمة قبل استبدالها بكلمة مرادفة يعمق الإحساس بالعمل، وهذا الأمر لايستقيم إلا من خلال المعرفة الكاملة بالجوانب اللغوية والفنية لكلا اللغتين المكونة لعملية الترجمة. إضافة إلى سعة الإطلاع على الحركة الأدبية لدى كلا الشعبين لإدراك المغزى الحقيقي، لأبعاد النص الأدبي وأهدافه وواقعه.
الترجمة عمل فني يتطلب الدقة والحرفية العالية، لايقل أهمية عن التأليف ذاته فهو إعادة صياغة للأفكار والرؤى والأحاسيس بطريقة منهجية ومهنية صارمة تحاشياً للمساس بتقنية ومهنية النص الأصلي.
يعتقد ((طه حسين))"أن الترجمة في الفن والأدب ليست وضع لفظ عربي موضع لفظ أجنبي، إذ أن الألفاظ شديدة القصور عن وصف الشعور في اللغة الطبيعية فكيف بها من لغة أخرى؟ الترجمة الفنية والأدبية عبارة عن عمليتين مختلفتين وكلاهما عسير".
الشعر في كل اللغات في العالم عمل يعتمد على الإحساس والشعور وبحور اللغة بالدرجة الأولى وهو الأصعب في الترجمة، فالشاعر-المترجم يدرك أكثر من غيره هذه الأبعاد لأنه يتحسس موسيقى الشعر ويعي البعد الجمالي-الحسي بين مكوناته ومفرداته اللغوية. لذلك يكون الأقدر فنياً على ترجمة الشعر من المترجمين الآخرين الذين لاصلة مباشرة لهم بالشعر.
يرى ((رونيه أوبير))"أن الشعور بالجمال هو الإحساس به من خلال نسج علاقة بين الشيء والوعي لإدراكه روحياً، فالوعي يضفي على الشيء تطلعاته ليعكس جماله".
وكما أن لكل الأعمال الإبداعية أوجهها في التخصص، فإن الترجمة الفنية يجب أن تعكس ذلك لتكون دقيقة في نقل المصطلحات العلمية على وجه الخصوص بأمانة علمية. الصياغة العلمية للنص مختلفة تماماً عن الصياغة الأدبية ولايمكنها نقل الفكرة العلمية- التخصصية بصياغة أدبية لأن المحتوى العلمي محدد، ثابت لايقبل التأويل، معبر عن مدلول علمي بحت يفقد معناه ومحتواه عند تغيير صياغته لصياغة أدبية.
واللغة في الترجمة يجب أن تكون سليمة ومعبرة عن الدلالة العلمية أو الأدبية بشكل دقيق، للحفاظ على جوهر الفكرة. والتصرف اللغوي لايعني إطلاقاً المساس بجوهر الفكرة، وأنما اختيار المفردة والصياغة المطابقة والمناسبة للتعبير بدقة عن المعنى والمحتوى لامساك بماهيتها.
الدقة الفنية في الترجمة تتطلب كذلك بذل الجهد والوقت للمراجعة وإعادة الصياغة للتأكد من تطابق المعنى قبل وضع اللمسات الأخيرة على العمل المترجم.
يقول ((أفلاطون))"لاتطلب سرعة العمل وأنما أطلب جودته، فالناس لايسألون عن مدة إنجازه بل يسألون عن جودته".
عموماً تتلخص أهم متطلبات الترجمة بالمعرفة الكاملة بقواعد ومدلولات اللغتين، والقدرة على إعادة الصياغة والتعبير للحفاظ على جوهر الفكرة. والإطلاع الواسع على النتاجات الإبداعية للمؤلف، والمعرفة العامة بتوجهات ومواقف وآراء الحركة الأدبية في البلد الأم للمؤلف وتأثيرها على موقفه وآراءه وبالتالي أهدافه ودوافعه. تعتبر المتطلبات السابقة الأرضية الصلبة التي يقف عليها المترجم قبل البدء بعملية الترجمة الفنية السليمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده