الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامة العربية و الاسلامية حجر عثرة في طريق تكوين دولة المواطنة العراقية

مالوم ابو رغيف

2006 / 5 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


العراق ليس مثل غيره من بلدان المجموعة العربية، فهو يتالف من عدة قوميات واثنيات وديانات،صحيح ان البلدان العربية تتألف هي الاخرى من مكونات متعددة الانحدار لكنها على تعددها ـ اي المكونات ـ الا انها غير معترف بها، فاغلب البلدان تلحق بها صفة (العربية) لأعطائهابعدا قوميا على حساب الانتماء الوطني، مثل جمهورية مصر العربية وسوريا العربية والجزائر العربية. في حين ومنذ ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة اصبح الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين هما القومية العربية والقومية الكردية اظافة الى المكونات الاخرى. ليس التعدد فقط هو الذي يجعل العراق مختلف انما حقيقة وجود شعور لدى اغلبة العراقيين ينزع نحو الابتعاد عن القومية العربية قاد الى ذلك سوء المعاملة والانحياز الطائفي والتفريق العنصري وعدم الشعور الانساني بالفواجع التي مرت بها اغلب مكونات الشعب القومية الكردية والشيعة بينما وقف العرب موقفا مساندا الى جانب حكومة الحقد الهمجي البعثي وحتى بعد سقوط النظام مدالعرب قطعان الاجرام الارهابية بما يلزمهم من ادواة القتل والجريمة.
الاختلاف الاخر هو ان شعار امة عربية واحدة او الوحدة العربية اصبح ضربا من التذكير بالماضي المر، الماضي المؤلم والمثير لكل الاحزان والمأسي شعار عاش العراقييون تحت كرباجه عقود طويلة من الزمن الظالم، بيما سخر العرب صحفهم ووسائل اعلامهم وشارك قسم منهم في قتل العراقيين.
هذا من ناحية اما الناحية الاخرى التي تجعل العراق مختلف عن غيره من البلدان التي تنتمي الى الجامعة العربية فهي ان الاغبية منه لا تدين بالديانة الرسمية (الاسلام الرسمي بنسخته السنية) فاغلبيته الغالبة شيعة، والشيعة اذا رفعنا المجاملة والتملق وكلمات النفاق، يختلفون عن بقية المسلين بالكثير من النواحي وان اتفقوا معهم بالطقوس، فالتاريخ الاسلامي بالنسبة للشيعة، وهم محقون بذلك، عبارة عن سلسلة من المجازر والمذابح التي شملت الجميع بدمويتها وعانى الشيعة منها مثل ما يعانوه اليوم على يد المسلمين القادمين من خلف الحدود او من الذين اختاروا منهج السلفية الاسلامي الاجرامي البدوي الحاقد على كل تطور انساني.
حتى مفهوم الامة الاسلامية التي تدعوا اليه احزاب الاسلام السياسي على كافة الوانها الطائفية، لا يحمل لا بماضيه ولا في حاضره ضوءا يشد الناس الى وهجه وينور لهم طريقا لسير في دربه، على العكس من هذا، فان الناس تقاتلوا وتحاربوا وتخصاموا وملئت قلوبهم بالحقد وبالغضاء جراءه. فليس هناك من اسلام واحد حتى تتوحد الشعوب فيه، وليس من مشكلة الا وكان الا وكان الدين يزيدها تعقيدا ويبعدها عن الحل العقلاني. لقد تسبب الدين الاسلامي ان يحكم العراق دولا وامبراطوريات غير عراقية، فرس وعثمانين وتركمان قعدوا على افئدة الناس وقلبوهم كالحجارة الثقيلة لا يتحزحون.
يحاول العراقيون ابراز مفهوم الامة العراقية والسعي للتوحد تحت ظلال هذا المفهوم لتكوين دولة المواطنة العراقية والابتعاد عن شيئا فشيئا عن المفهوم الجديد ( دولة المكونات ) بعد ان ادركوا ان كلا المفهومين ( مفهوم الامة العربية ومفهوم الامة الاسلامية ) عوامل للتفرقة والتشتت الوطني ومبعثان للاحتراب وعدم التصافي للمواطنين.
لقد أثيرت مسألة الانتماء للامة العربية اثناء مناقشات الاعداد للدستور وبرزت خلافات في الرؤى وفي الفهم العام بين المتحاورين وجعلت الفرقاء المتناقشين يحسون بانهم غرباء عن بعض وان جمعتهم الجنسية العراقية.
فمن غير المعقول ان تطلب من الكوردي ان يكون جزء من الامة العربية او ان يكون العراق ككل جزء منها. فالطلب بحد ذاته يحمل افتخارا قوميا يثير افتخارا قوميا اخر وتفرض انتماء طفيليا على شعب مغاير تجعله يحاول الابتعاد والانفصال عن مثل هذه الدولة التي تجبر مواطنيها على استبدال الجمداني بالكوفية والعقال وتسلب منه هويته وتدس في جيبه بطاقة تعريف مزورة لا تمت اليه بصلة. واذا كان الشيعة قد اقروا بان الشعب العربي في العراق هو جزء من الامة العربية فان السنة لم تسعدهم هذه العبارة ولا هذا التعريف فراحوا يلطمون الصدور بكاء على هوية العراق القومية الضائعة، لكنهم تناسوا ان الاحتفاظ بالهوية المزعومة سيتسبب في فقدان القومية الثانية المكونة للعراق.
الهوية العربية لا تكون اصيلة الا بالانتماء الى الاسلام السني، فالشيعة العراقيون رغم انتمائهم العربي الا ان هذا الانتماء مطعون فيه لانهم لا ينتمون الى احد المذاهب الاربعة المعترف بها رسميا، فهم صفويون او فرس ، هنود، افغان وفي احسن الاحوال هم شعوبيون. ولقد خلق هذا الاتهام فرصة للمغامرين ضمن الطائفة الشيعية نفسها عن طريق تاكيد عروبتها وطعن الاخرين في انتمائاتهم الوطنية ايضا، فتيار الاخرق مقتدى الصدريتبنى فكرة المرجعية الشيعية العربية، ويعلن العرب عن مساندتهم له لانه يقحم الدين بالسياسية اولا وثانيا لانه يتبنى نفس المفهوم العروبي للدين،رغم ارتباطات الاخرق الصدر الفاضحة مع نظام الملالي المظلم.
لقد انجر الشيعة ايضا الى الدخول في هذا المنزلق العنصري وان حاولوا الاحتفاظ ببعض التوازن فقالوا بان الشعب العربي في العراق هو جزء لا يتجزء من الامة العربية لكن العراق هو جزء من الامة الاسلامية. وهم بهذا لا يختلفون ايضا عن الذين يصرون على الهوية العربية، فالعراق تقطنه ملل ومذاهب واديان مختلفة ومتعددة، من مسيحين، يزيدين، شبك، مندائيين، علويين الى غيرها من مذاهب صغيرة في داخل الطوائف الاسلامية نفسها لكنها مختلفة عن التيار الاسلامي العام. وهم، اي الشيعة يفرطون ايضا بالعراقيين الاصلاء لصالح غير العراقيين، لا لشيئ الا من اجل هوية دينية زائفة ليس لها من معنى ولا قيمة، بل قد تكون وبالا عليهم، فبالاظافة الى لاموال الكبيرة التي تدفعها الحكومة العراقية، عليها ايضا ان ترهن سياستها بكلا المحورين الاسلامي والعربي على ما لسياستهما من روعنة وتخلف وقرارات تتعارض بعض الاحيان مع المصلحة الوطنية العراقية.
لو القينا نظرة ولو عابرة على الصراع الدائر بين الكتل العراقية المختلفة في العراق لوجدنا مناخ عدم الثقة هو المناخ السائد بينها. مناخ عدم الثقة رغم ان بعضه من بقايا الحقبة الماضية، الا ان اسباب استمراره هو بقاء هذين المفهوين والتثقيف بهما، مفهوم الامة العربية والامة الاسلامية. المضحك ان تكون لنا وزارتان للخارجية احدهما للشؤون الدول غير العربية وتسلم للكورد والاخرى للشؤون العربية وتسلم للعرب السنة لان العرب لا يصح تمثيلهم من الكورد ولان الدول العربية وجامعتها لا تحبذ ان تناقش مسائل الامة العربية مع وزير خارجية غير عربي. فاين مفهوم الموطانة العراقية اذن.؟
لا يمكن لمفهوم المواطنة العراقية ان يتجذر في نفوس العراقيين اذا لم يجري الابتعاد عن المفاهيم القومية والدينية، فهذه المفاهيم هي حجر عثرة في طريق المضي نحو تكوين شخصية وطنية عراقية خالصة. الدين هو الام والاب لمخلوق مشوه يسمى الطائفية، والتثقيف بالامة العربية والاسلامية وبامجاد العرب والاسلام وابطال العرب وابطال المسلمين يخلق تنافرا اجتماعيا ووطنيا لدى المكونات غير العربية وغير الاسلامية، كما ان هذان المفهومان هما قوام العنصرية والطائفية اللتان تنظران الى الانسان لا الى ما يقدمه ويبتدعه وينجزه بل الى انتماءه واصالته والقابه وعشيرته زدينه ومذهبة وغفل انسانيته. وهما يتعارض مع مفهوم المواطنة، لان الامة العربية والاسلامية هي اشراك الغرباء وادخالهم دون استأذان الى البيت واعطائهم حقا ليس بالمناقشة فقط بل بادارة البيت نفسه، وهذا ما تحاول الدول العربية والاسلامية وعلى الاخص ايران ان تفعله وهذا ما يصرح به مسيو عمر موسى في جامعته العربانية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تبدو النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات العامة البري


.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز تصريحات وزير المالية الإسرائيلي سموت




.. بايدن يعترف: لقد أخفقت في المناظرة وكنت متوترا جدا وقضيت ليل


.. استطلاعات رأي: -العمال- يفوز في الانتخابات البريطانية ويخرج




.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح