الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تحقيق الأمن المائي العراقي ضرورة حتميه (3)
عبد الكريم حسن سلومي
2019 / 5 / 22الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
ماهو مستقبل المياه في العراق بموجب المعطيات الحاليه
تؤكد اغلب التقارير والبحوث العلميه الصادره من منظمات عالميه ومؤسسات علميه تفاقم مشكلة شحة الموارد المائيه بمنطقة الشرق الاوسط مستقبلا بشكل قد يجعل الحروب القادمة حروبا تدور حول المياه فهنالك بيانات علميه تعكس فداحة المشكلة ونتائجها الكارثية وهذا بالطبع سينعكس على امن العراق الزراعي والبيئي مستقبلا .
فمنذ عقود والعراق يشهد انخفاض الموارد المائية المتاحة للإنتاج الزراعي وبشكل حاد رغم ان اغلب دول المنطقه تعاني الحاله لكن مما يؤسف له ان حكومات العراق لاتهتم بهذا الامر الخطير علما ان حوضي دجلة والفرات اللذان يغذيان سوريا والعراق يعيشان اليوم مرحلة جفاف هائلة حيث اقترب العراق فعلا عام 2018 من الوصول للأزمة الحاده
ان هذه الحاله اليوم تثير القلق فعلا ولكن كيف ستكون الحاله مستقبلا بعد حدوث تغيرات كبيره مستقبلا بحوضي نهري دجلة والفرات بحلول عام 2025 حيث سيكونا تحت ضغط مضاعف مرات من الضغط الذي كان عليه في عام 2011 وبحلول عام 2040 قد لا تصل هذه الأنهار العظيمة الى جنوب العراق ولا للخليج كما اوضحت اغلب الدراسات الاستراتيجيه العالميه
ان كل ماسيحدث ممكن ان نعتبره طبيعي اذا كان هذا نتيجة لتغير المناخ فقط ولكن هذا ليس السبب الرئيسي الأوحد كما تدعي بعض الدول فالسبب الرئيسي والاخطر هو السيطره على المياه من جانب تركيا التي هي الدوله الاكبر لمنابع نهري دجلة والفرات ان هذه المشكلة يمكن معالجتها اليوم ان كانت النوايا جاده عند كل الاطراف وقبل ان تستفحل المشكله وتؤثر بقوه على مصدر رزق ملايين من البشر تعيش على حوضي النهرين وروافدهم بدولتي المرور والمصب سوريا والعراق وقد تصل لمراحل يصعب علاجها
- إن امن العراق المائي اليوم يتعرض لمخاطر كبيره حاليا وسوف تكثر مستقبلا بسبب سياسات دول الجوار بالشأن المائي لذلك يتطلب اهتمام حقيقي كبير بالمشكلة من قبل السياسيين والمختصين كل حسب واجبه لتتمكن البلاد من تجاوزها بنسب كبيره فواقع المياه بالعراق يسوء يوميا بعد يوم فقد اختفى من مدننا الكثير من الغطاء الخضري وازداد التصحر وانتهت الكثير من المساحات الخضراء حول مدننا بسبب العطش
فالعراق مازال لايمتلك الخيارات للمستقبل التي تدفع عنه شبح الجفاف فحصة العراق المائية استمرت بالانخفاض ولم تغير تركيا وايران سياستهم المائيه.
ان وضع العراق المائي بالحقيقه هو وضع مخيف ومقلق بشأن مستقبل المياه في العراق في السنوات القريبة وبالاستناد الى كل البيانات المتوفره سواء داخل البلاد او في دول التشارك المائي .
فمنذ عقود لايوجد أي تنسيق بين العراق والدول المتشاركه بالمياه بسبب انشغال العراق بحروب مستمره من عام 1980 مما شجع ذلك دول الجوار لاستغلال الظروف لانشاء مشاريع مائية كبيره واستراتيجيه رغم وجود مذكرات تفاهم وبروتوكولات للتعاون بالمجال المائي وقعها العراق قديما مع تركيا وايران وبسبب عدم وجود اتفاقيات دائميه وثابته مع هذه الدول وزيادة الطلب على المياه ستتفاقم شحة المياه
وللاسف لحد الأن لاتفهم السلطات الحكوميه ولاتعترف بأن العراق يتعرض الى التهديد الجدي من دول جواره الإقليمي بالشأن المائي.
أن المياه اليوم تشكل أزمة عالمية وليست أزمة عراقية فقط ومما زاد من شدتها تدخل المحاور السياسية والاجتماعية والاقتصادية والطبيعيه بهذا الامر .
هنالك عوامل كثيرة لازمة المياه في العراق وقد يكون أحدها بناء السدود في الدول المجاورة للعراق وهنا تكمن الخطورة في الأمر
فالعراق لا يعاني فقط من بناء سدود في الدول المتشاطئة معه لكن من نوعية المياه الداخله له وزيادة تلوث المياه وهذا ناتج عن سوء إدارة واستغلال الموارد المائيه في اعالي الانهار وداخل العراق اضافة الى التغيرات المناخيه نتيجة الاحتباس الحراري في العالم حيث يتعرض العراق الى موجات جفاف وشحة الأمطار منذ عقود اضافة لزيادة تعداد السكان في احواض الرافدين كل ذلك ادى للضغط على استهلاك الموارد المائيه وازدياد نسبة التلوث من جراء النشاط البشري والصناعي والزراعي
لقد بدأت تركيا ومنذ سنوات عدة على تنفيذ مشروعها الطموح لتنمية جنوب شرقي الأناضول والمعروف ب (GAP) والذي خطط له بالعام 1936 ومايزال لم يكتمل لحد الان حيث بوشر بالبعض منه في خمسينيات القرن الماضي هدفها المعلن هو تنمية شاملة للمنطقة وخطة المشروع تشمل بناء 22 سدا بضمنها سد أتاتورك و19 محطة لتوليد الطاقة ومشاريع إروائية لمساحة تصل الى 1,7 مليون هكتار مع طاقة كهربائية متوقعة تبلغ 7476 ميغا واط وقدرت كلفة المشروع ب32 مليار دولار اميركي .
يرى الكثير من المحللون ان هذا المشروع سياسيا أكثر منه إقتصاديا وغايته الأستيلاء على اكبر كميه من موارد دجلة والفرات المائية عموما. فقد صرح الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل حيث قال (بما أننا لاندعي المشاركة في الموارد النفطية فهم لايستطيعون الأدعاء بمشاركتنا للموارد المائية).
لذا فالعراق سيعاني تدريجيا من شحة في المياه فور اكمال تركيا بناء السدود المقررة على نهر دجلة وكذلك اكمال إيران لسدودها على مجاري الانهار المشتركه وخاصة الزاب الصغير والكارون
ان اغلب مصادر المياه للعراق هي من خارج العراق وبذلك فأن دول الجوار هي من تتحكم بكمية تدفق المياه للعراق وبدأت فعلا دول المنبع تستخدم المياه كسلاح سياسي لتحقق أهدافاً سياسية واستراتيجية وهو ماتفعله الجارة تركيا و التي لم تعترف لحد الأن بكون نهري دجلة والفرات نهران دوليان ولازالت تعتبرهما نهران عابران للحدود لكي لايتم تطبيق القانون الدولي الخاص بالأنهار الدولية عليهما لذا فأن مشكلة المياه في العراق حاضرا ومستقبلا هي بالدرجه الاساس سلوكيات دول الجوار بالشأن المائي
لقد ازداد سكان العالم بهذا القرن بمعدل ثلاثة أضعاف القرن الماضي وبذلك زادت إستعمالات المياه اضعاف ماكان عليه بالقرن الماضي
لذا فالطلب على المياه سيزيد ما لم يتم تغير أساليب استعمالات واستغلال المياه وهدرها اليوم وإنخفاض معدل حصة الفرد الواحد من المياه لدون 1000 متر3 يؤدي الى مشاكل كبيره واذا ماوصلت حصة الفرد لما دون 500 متر3 فهذا يعني اننا دخلنا حالة ندرة المياه التي تؤدي
لتداعيات خطيره
وإذا ما مضت تركيا في سياستها المائيه فان المياه التي تصل للعراق ستزداد نسبة الملوحة فيها اضعاف ما مسموح به دوليا للأستعمال فأزمة المياه ليست قاصرة على الكم ولكن كذلك على نوعية المياه المتوفرة للأستعمال
كذلك على سلطات العراق ان تأخذ بالحسبان النشاط الايراني , فقد بدأت إيران في بناء سدود ومشاريع أروائية ضخمة وتغيير مجرى العديد من الانهار الحدوديه المشتركه
ان ازمة المياه في العراق ازمة اصبحت معقده بسبب سلوك بعض دول الجوار غير المسؤول تجاه العراق من جهة وكذلك نتيجة سلوك الفرد العراقي في كيفية التعامل مع المياه وانعدام ثقافة الترشيد للمياه مما سبب الكثير من الضائعات المائية والهدر بالأضافه للخسائر الكبيره بالمياه من جراء التبخر من المسطحات المائيه الضحله بعد ان تم تفريغ الخزين الاستراتيجي من اجل انعاش الاهوار وكذلك ضياع مياه السيول التي تقدر بالمليارات من المياه في حوضي دجلة والفرات بسبب ذهابها لمسطحات ضحله وبحيرات طبيعيه مالحه وللخليج العربي جراء عدم انشاء سدود كافيه لاستيعاب هذه السيول والموارد المائيه ايام السنوات الرطبه للحفاظ عليها من الضياع
حسب التوقعات الاحصائيه ان عدد سكان العراق سيصل الى 52 مليون نسمة في عام 2025 مقارنة بما كان عليه قبل عقود وكانت المياه وفيره في حينه ويتوقع ان تقل المياه مستقبلا اكثر مما يعني شراء الغذاء بكميات اكثر والاعتماد على دول الجوار علما ان العراق لازال يستورد اغلب غذائه من الدول التي استخدمت مياها لانتاجه من حصة العراق المائية التي استحوذت عليها في المنابع ويقوموا اليوم بت
ان مستقبل المياه بالعراق صعب جدا واذا ما تم تنفيذ كل ماخطط له من مشاريع في دول التشارك المائي واستحوذوا على كل المياه الوارده لهم فسيكون وضع العراق حرج جدا واذا ماقام العراق بانشاء السدود وقام بالخزن فأنه سيؤمن حاجة العراق من المياه وبها يضمن الامن المائي والغذائي لعموم العراق وسيواجة سنوات الجفاف في المستقبل بكفاءه ويقلل من اضرار تغيرات المناخ وتحسين البيئة وقد يقول البعض ان تركيا
سوف تضطر الى اطلاق بعض من المياه لتوليد الكهرباء نعم هذه حقيقه ولكن هذه الاطلاقات ستكون قليله ولاتتناسب مع حجم الطلبات ولاتكفي لكافة الاستخدامات وستؤدي حتما لمشاكل داخليه
اليوم علينا الأقرار بأن العراق سيقترب عموما من خط الفقر المائي بحلول 2025 وازمة المياه ستشكل له تحدي خطير لانها ترتبط بحياة كل البشر والكائنات الحيه فيه وهذه الازمه تتطلب استعدادات لمواجهتها
للاسف لازالت الحكومات العراقيه المتعاقبه لاتولي قضية الأمن المائي وخطورتها اهتمام يتناسب مع حجم التحديات التي تتعرض لها
ولانعلم هل من الممكن للدبلوماسيه التي يفكر بها بعض ساسة العراق ان تنفع في إقناع تركيا وإيران بالدخول في مباحثات جديدة تهدف للتوصل لمعاهدة دائميه عادله تضمن للعراق حصته القانونية في المياه وفقا للبعد التاريخي
وهل سياستنا الخارجية عامة ستلزم دول الجوار باستمرار تدفق الانهار الدولية والاقليمية أم سيأتي اليوم الذي نوافق فيه على مبدأ(النفط مقابل المياه)التي تسعى تركيا بالذات لتطبيقه
وهل هنالك قوه بالعالم قادره على مساعدة العراق لكي يحصل على حقوقه المائيه من دول الجوار وهل تستطيع القوانين والاعراف الدوليه والمنظمات العالميه المختصه من ايقاف سلوكيات دول الجوار بالشأن المائي رغم ان هذه الدول لحد الأن لاتعترف بالقوانين الدوليه ولاتقر بأن دجله والفرات من الانهار الدولية التي تتشارك بها مع العراق وسوريا ,فلا يبدوا حاليا وحسب مايجري على الارض الى وجود سلطة دولية تستطيع التدخل لحل مشاكل الحصص المائية ما بين دول المجرى الأعلى ودول أسفل المجرى
ان وزارة الموارد المائيه العراقيه وضعت خطة استراتيجيه لغاية 2035 وبينت فيها انها تحتاج الى 148 مليار دولار لغرض مواجهة المشاكل بالموارد المائيه وزيادة كفاءة ادارة الموارد المائيه ولكن هل ان الموارد الماليه المطلوبه لهذا الغرض متوفره في ظل ظروف العراق الاقتصاديه الحاليه أم ان العراق سوف يستسلم لافعال دول التشارك المائي المخالفه للقوانين والاعراف الدوليه
لذلك على القائمين في ادارة الموارد المائية بالعراق اليوم ان يعلموا شعبهم بالواقع الحاضر والمستقبلي للمياه ومدى أهمية الماء كمصدر مهم لحياة الشعب وأنه لابد للعراق من تحقيق أمن مائي كافي لكل الاستخدامات وأن تكون هناك ستراتيجية واقعيه وحقيقية في الشأن المائي وعليهم ان يدركوا جيدا ان طريق المفاوضات مع دول الجوار لايقبل المساومه على حساب تحقيق الامن المائي للبلاد واستقلاله وبما يخدم مصالح العراق بالدرجه الاولى وعلى الحكومات العراقيه ان تهيأ مفاوضين مختصين اكفاء بغض النظر عن خلفياتهم السياسيه وتدعمهم بقوه من اجل الحصول على حقوق العراق المائيه والمكتسبه عبر التاريخ
----لقد سعى كثير من المختصين والباحثين بمجالات الموارد المائيه والبيئه الذين هم خارج الخدمه اليوم لايصال صوتهم الى السلطات الحكوميه واصحاب القرار المحلي والاتحادي لاتخاذ الخطوات اللازمة لحماية امن وسيادة واستقلال العراق ولتحقيق امنه المائي
ان ماتتعرض له الموارد المائيه الداخله للعراق وسوريا بالذات والأكثر ضررا من كميات المياه الوارده اليوم هو التغير الكبير في نوعية المياه بسبب تلوثها وعدم قيام دول المنابع بمعالجة المياه الراجعة من المشاريع الصناعية والزراعية والتي تحمل كميه كبيره من الاملاح والسموم قبل دخولها لسوريا والعراق لذلك نرى اليوم ان بعض الدول والمؤسسات الأكاديميه تسعى للحيلوله دون جعل المياه مرتبطه بالعوامل السياسيه علما ان كل الوقائع والسلوكيات بالتعامل مع المياه من قبل دول التشارك المائي تؤكد ذلك
أن الأمن المائي العراقي يجب ان يكون هدفا استراتيجيا وعلى كل الحكومات فيه ان تسخر جميع الإمكانيات لخدمة هذا القطاع الحيوي ونظرا لكون الموارد الرئيسة المائية تأتي للعراق من دول الجوار (تركيا وإيران) بالأساس فأن كميات هذه الموارد تخضع لسياسة تلك الدول
علما ان الأمن الغذائي العراقي يتوقف بنسبه كبيره على الأمن المائي
المهندس
عبد الكريم حسن سلومي
16|5|2019
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. في هذه الحالة.. الرد الإسرائيلي على إيران قد يشعل فتيل الحرب
.. بالخريطة التفاعلية.. مسيرتان تخترقان الدفاع الجوي الإسرائيلي
.. تصاعد الدخان إثر سقوط مقذوفات على الجليل
.. كيف استطاعت الطائرات المسيرات تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائي
.. الدعم الدولي شحيح رغم تصنيف أزمة النزوح في لبنان بـ-الكارثة-