الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عين في شباك العفن

فاطمة هادي الصگبان

2019 / 5 / 22
الادب والفن


إنت مصور حالم ذو وجدان حي ينطق أبجدية الجمال رغم قباحة ماحولك ..إنتقائية إحساسك المرهف ينفذ من شباك العيب والممنوع لكنك في عالم سىء جدا إذا لم تصالح نفسك وتنتشل حواسك من التخبط لن تتمكن من إزاحة اللثام عمن يحاول إسقاطك وتشويه منافذ الجمال في روحك التي تنعكس في نتاجك الفوتوغرافي الباهر ، إذا لم تكن إسدا ستتهاوى أمام شبق السلطة وشهوة النفوذ اللذان يتطلبان تركيزاً عاليا في احتساب البعد البؤري لدرجة إنتقائية عدسات الفطرة حسب مواطن الخير والشر في نفوس المحيطين بك ...
إذا وقفت موهبتك عاجزة أمام تصوير المؤثرات الوجدانية بكل حيادية وموضوعية إذن حطم كاميرتك وانتحر بيدك كي لاتمنحهم متعة تدميرك واليك السبيل
بكل ثقة وجلد رمت وصفته الدوائية الدورية فسقطت على مقربة منه وقف متثاقلا ومشى الممر الطويل بخطى مترنحة ...
جلس في كرسيه يستعيد كلمات طبيبته المشوبة بلكنة اوكرانية محببة للنفس ...قهوته باردة مزيج الكريم يطفو بملل وقرف على سطحها ... يفضل كوب البن ساخن ومر لدرجة تعلق لسانه بحبيباته الداكنة في عمق السواد يلوح ضوءا بعيدا يمنح بارقة الأمل ...عيون خضراء في عمق المحيط الهادىء أخذت كاميرته بعيدا عن المياه العذبة والواحات الجافة أنقذته بطوق فضي تحيطه ماسات خمس وعهود كتبت بحروف مماثلة العدد داخل الطوق لازال يتذكر رغوة الكابيتشنو على شفتها الناحلة لم تكن جميلة بمقاييس الجمال المتعارف عليها لكن موهبته في صقل الماس من الأحجار البكر، مكنته من صنع مثال لأفروديت ...استطاع نقاءها وطهرها ان يكون مثالا أبديا لايقوناته الذي تم بمثال صغيريحمل لثغتها المحببة للنفس ..يلوي فمه بعصبية ويده تفرك الحبوب المهدئة .....
في قيلولة أربعين صيفا مضت تهادى جدول صغير بأوراق النخيل التي تمزج الوانها فراتا عذبا... غفت عيونه على حلم عدسة كاميرا تصور التدرج اللوني الأخضر المنساب حوله ..من ذاك الوقت ترسخت رؤياه في منصة كبيرة وجمهور مهيب تتوج إحساسه الدافئ وتمنحه صولجان التفرد في أعظم ما صورت ذائقته من لقطات تستشعر الحب وتنشد السؤدد والسمو ...
في أول لقطات كاميرته فتاته الموديل الوحيد ورفيقة طفولته في لباس بسيط وهيئة عفوية ، الظفائر السوداء تتخللها قشور تترك أثرها على الكتف أحيانا...في معظم المناظر كانت بعين الأرض العطشى وشح الماء وتحجر المقل ..لكن عينه الواسعة و روحه التي تمني النفس بصورة متكاملة تليق بحلمه أخذت تلح على ظميائه بأن تملأ الفراغات داخلها حتى صارت طيرا مشوشا لا يلائم سطوع أمنياته ..
ذكرى عبير مريرة فقد كانت السبب الرئيسي في خسارة صداقته رفيق عمره كامل الذي هدده يوم الإقتران بها بأن يدعها لشأنها ويكفي ما نالته من شطحات نرجسيته وجنون العظمة لديه ...
هل تراه كامل السبب وراء خساراته المهنية والإجتماعية التي تسببت بإدمانه و فقدان زوجته وابنته في لحظة محبطة ...أرتطم القدح محدثا أحتراق الإطارات الأربعة وهي تتهاوى إمام الحاجز الحديدي دافعة بفلذتي كبده وقلبه في عمق المحيط ليستيقظ على غيبوبة المهدئات ...
رمى علب العقار التي تناثرت في أرجاء المكان ذو الأثاث الحقير ..بحث عن زوج جوارب مطابق دون جدوى ...ارتدى زوجا ذو تدرج لوني غامق مقبول ..يتنهد ثانية السطوع والتعريض وشدة الإضاءة ...ترك أجزاء كاميرته الرخيصة مفككة على الأريكة ذات البقع المختلفة ...
رفت عيناه أمام أضواء واجهة استديو كامل ...تجولت ذكرياته في مفارق شعره الأبيض عينه الناقدة التواقة دوما للكمال مترصدة مواطن الضعف في أعماله الفنية لازالت نتاجات صاحبه تنقصها جرأة الخيال وصدق الإحساس ، دقة التصويرمقيدة بمقاييس الجودة المحلية التي لاتضاهي إيقونات الجمال بأي شكل من الأشكال لكنها ترضي الذوق السائد وتملأ خزينته الفولاذية...
تجاذبا أطراف الحديث في شوق مفتعل وأسلوب يفرضه الواقع العام ..تغيب ذاكرته في غليون صاحبه ...تشتد أنفاسه مع كل تنهيدة ، تصنع عباراته وإهتمامه المفتعل بمستقبله المهني تضع الملح على جروحه المفتوحة رغم ما تنثره من وعود واهية هل كانت صورته دوما هكذا؟
تنتفض بقاياه مع أخر نفس حتى تصبح سكينا حادا يشهره في قلب الصديق العدو الذي يقابل استفاقته بضحكة باهتة لامبالية تطلق حقيقة يعرفها الجميع سواه ...
لازلت أعمى بحلم الكمال وشعارات السلام الجوفاء الاترى من حولك العفن الذي طالنا وأغرق حواسنا بمختلف السرطانات كلما حاولنا الفكاك يغرقنا أكثر في
عيون الجهل التي تستعير مظاهر الجمال من أرواحنا وتشوهه بكل مصطلحات القمامة ...تستعين بكل النفايات وترميها في هليكوبتر لاتبتعد مروحيتها سنتمترات عن أنوفنا ...توظف أدوات العولمة لقطع سلاسل الأفكار النيرة التي تحفل بها قلوبنا المستشعرة لمجسات الطبيعة...
يخرج من استديو صاحبه متجها الى ميدان التحرير الذي تتوسطه شاشة رقمية كبيرة وأعلان عبير الدولي لأرقى أنواع مستحضرات الصبار للتجميل ...
شرب مرارة الإعلان لائما نفسه أي وحش صنعت يداه؟ ..أي بقعة داكنة سترافق شفافية عدسته التي لطختها محاولة شق طريق الخلود بين خيوط العفن ...
يعيده نشاز صدى ضحكتها الذي لون ابتسامته الصفراء بمقولة ...
الأموال التي تجمل العيوب عاجزة عن تصحيح العين الكليلة في تذوق الجمال..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو