الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميين وصفوف العساكر

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2019 / 5 / 24
الارهاب, الحرب والسلام



أغرق شيوخ الإسلاميين المتطرفين أخر ما تبقى من سفنهم "الخردة - المثقوبة" وهم يرفعون شعارات الخواء السياسي والفكري خلف صفوف العساكر الذين غطوا البلاد برائحة البارود، هذه الشعارات لا تتفق مع منطق السياسة وواقعية الأفكار الجديدة ومتطلبات التغيير والتحرر والتطور السياسي والإقتصادي الذي نرنوا الوصول إليه رغم صراعات العسكر ومطامع الإسلاميين الذين فقدوا ثقة الشعب في الدولة السودانية، صراحة أعلن المتأسلمين انهم ضد الديمقراطية والمدنية وحكم القانون، معتبرين الديمقراطية والحكم المدني كفرا حسب ما تعلموه في كتبهم المملوئة بفقه التطرف ودعاوي الإرهاب، وعلقوا ذلك العداء علي لافتة إيدلوجية رفعت أمام القنوات الفضائية لتبرير الإنكفاء السياسي والفكري والتحجج بانها ضد العلمانية والشيوعية، وهم بذلك يخلطون الأفكار بنوع من الغباء ويعتقدون انهم سيدقون "مسمار" علي جدار الثورة التحررية القائمة في البلاد، ولكنه جدار ثوري تحرري سميك ومتين بناه الشعب بصموده وأحسن البناء ولن تخدشه شعارات العداء لحكم المدنية والسلام والديمقراطية في دولة المواطنة التي يحلم السودانيين بها.

الإسلاميين المتطرفين أثبتوا لكل العالم إنكفائية منهجهم الإقصائي القائم علي أساس التطرف ومعاداة الديمقراطة والمدنية وبعدهم الكلي عن مطالب الشعب وخوضهم معارك خارج إطار المنطق بل هي معارك ضد ثورة الشعب السوداني، والعالم يتابع الثورة لحظة بلحظة من داخل ساحة الإعتصام السوداني، وثوار السودان هزموا الثورة المضادة بثباتهم وفنونهم الجميلة التي رسمت السودان الجديد الديمقراطي المدني الموحد، هذه الدولة رغم انها وليدة وفي طور التشكل الأولي إلا اننا نشعر بوجودها الفعلي في ساحات الإعتصامات سواء في القيادة العامة بالخرطوم او علي مستوى الولايات السودانية المختلفة، فالسودانيين يرسمون وطنهم الجديد بوعي تجاوز حدود العقليات القديمة التي تنطلق من منصات إيدلوجيات الإقصاء والتطرف الديني والإثني وغيرها من مسببات الإنقسام والتشظي وسط المجتمع، وقد طوع السودانيين كافة ألوانهم السياسية وتنوعهم الإجتماعي وتباين أفكارهم وغير ذلك كله طوع ثورتهم المجيدة، ونلاحظ بوضوح مساعي ومحاولات بقايا النظام السابق لإحداث شق في المجتمع السوداني الذي فارق عهد التقسيم والتفرقة بثورة الحرية والتغيير التي ترفع شعار "حرية سلام وعدالة مدنية قرار الشعب" وقدم شعب السودان ترجمة واقعية لشعاره الثوري داخل ساحات إعتصاماته، وهنا في ساحات الثورة نبذت كل شعارات وممارسات العهد الظلامي الذي طوته الإنتصارات الجماهيرية في المدن والقرى مع تماسك القوى الوطنية المتحالفة تحت لواء تجمع المهنيين السودانيين وإعلان الحرية والتغيير، اما معارك الإسلاميين ستكون محاولة فاشلة لمن يحاربون الريح إذا إستمر سعيهم لإفشال الثورة بشعاراتهم الحالية التي لن تحقق لهم أي مكسب، ويجب علي العقلاء من الإسلاميين إستبدال منهج الإقصاء والتطرف باجراء مراجعات عميقة تمكنهم من العودة للساحة السياسية من جديد بحيث لا يتضرر الوطن منهم ولا يتضرروا من تشوهاتهم أكثر مما هو الحال الآن، ولكن في كل الأحوال سقط المشروع الإسلاموي القديم ولا سبيل لإنقاذه البتة، والواقع يحتم التغيير في كافة مناحي الحياة وفي كل المجالات.

العسكر، نعلم أن السودان اليوم ليس كما كان بالأمس، فهناك عدد من الجيوش في السودان الحالي، بعضها تشكل كنتاج طبيعي لحالة الإقصاء والتهميش الذي مارسه نظام الإنقاذيين علي مدار ثلاثين عام خلت من عمر الوطن، وبعضها جيوش شكلها النظام السابق ومكنها بالدعم اللوجستي لمجابهة جيوش التحرير في الهامش السوداني وتمكين سلطان الإستبداد وخلخلة الأنظمة في دول الجوار، كل هذه الجيوش موجودة فعليا علي الأرض، ولكل جيش حساباته، وهذا الوضع خطر علي مستقبل الدولة السودانية، لذلك يجب العمل علي تحقيق السلام الشامل ووضع خطط جديدة لترتيبات أمنية تضمن إستمرار السلام في السودان، فبدون الوصول إلي خارطة جديدة للسلام قد يتحول المشهد السوداني إلي ما لا يحمد، والسلام قضية شائكة وهي عمود التحول الديمقراطي والوصول لدولة المواطنة والحرية والعدالة والتمدن، ففي قمة السلطة تربع جيشان هما القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المكونة للمجلس العسكري الإنتقالي، والمنوط بهذا المجلس العسكري نقل السلطة للمدنيين والإشتراك في عملية ترتيب جيش وطني مهني واحد يتولى مهام الدفاع عن السودان، لكن الملاحظ أن المجلس العسكري لم يتخذ قرارات جادة في هذا الإتجاه، وذلك ما أخر عملية نقل السلطة حتى وصل الأمر لإنسداد بعض نوافذ المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وربما نشاهد تغيرات جديدة متوقعة داخل المجلس العسكري، لكن في كل الأحوال لن يقبل الشعب السوداني بالرجوع إلي المربع الإنقاذي وحالة (ثورة - إنقلاب) تلك التجارب تجاوزها العالم أجمع ويجب عدم السماح بتكرارها مرة آخرى في السودان، وبيانات الإتحاد الافريقي ودول الترويكا وغيرها من المنصات الإقليمية والدولية تذهب جميعها في إتجاه دعم تسليم السلطة للمدنيين والإسراع في عملية تحقيق السلام والتحول الديمقراطي، وهذا هو الإتجاه الصحيح الذي يحقق للسودانيين أهداف ثورتهم، وهو الذي يمهد الطريق لتحرير المؤسسات الوطنية وهيكلة المؤسسة العسكرية وبناء دولة مواطنة وديمقراطية ذات سيادة، وبناء علاقات دولية جديد قائمة علي الإحترام المتبادل وتحقق مصالح الشعوب.


سعد محمد عبدالله
23 مايو - 2019م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء