الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برغماتية السياسة الخارجية إلايرانية

وسام ناظم الخيكاني

2019 / 5 / 24
السياسة والعلاقات الدولية


برغماتية السياسة الخارجية إلايرانية


إن النظام السياسي الايراني ومنذ لحظة تأسيسه بل ومن قبل تأسيسه منشغل بفكرة البقاء والاستمرارية بسبب التحديات التي واجهها من المحيط الخارجي للدولة ، وذلك أن انتقال السلطة مابين الاصلاحيين والمحافظين كان الهدف الاساسي منه هو الحفاظ على النظام من الانهيار ، وهو تكتيك ضمن استراتيجية كبيرة للتعامل مع الخارج . والحفاظ على الداخل ، ولعل الخلفية الفلسفية لمؤسسه جعلته مؤمن بفكرة الانهيار ، اذ تم تسخير فكره في البحث عن اسلوب لإطالة عمر النظام والحفاظ على أركانه قدر الامكان ، وما أن وصول الرئيس البرغماتي حسن روحاني للرئاسة الايرانية ألا جزء من تكتيك ولي الفقيه السيد علي خامنئي للحفاظ على استمرارية النظام السياسي الايراني ، إذ ابتكار مؤسس النظام شبكة عنكبوتية لمراكز صنع القرار وتوزيع السلطات ، أنفردت بها ايران من دون غيرها من دول العالم ، وعلى الرغم من التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها ايران على مدار ثلاث العقود الماضية والتي كانت كفيلة بالاطاحة بأكثر النظم السياسية تماسكآ في العالم ، إلا ان هذه الشبكة العنكبوتية نجحت في ابقاء جميع اركان النظام داخل الاطر التي رُسمت لها .
وهناك اعتبارات تعطي الانتخابات الرئاسية الايرانية أهمية خاصة للسياسة الخارجية الايرانية ، إذ إن الانتخابات الرئاسية تكشف عن توجهات المرشد الأعلى والعقل الاستراتيجي الايراني بشكل عام في السياسة الخارجية الايرانية ، وذلك من خلال التعرف إلى مواقف المرشد الاعلى علي خامنئي من المرشحين اليها ، فعلى سبيل المثال كان تأييد المرشد لمحمود أحمد نجاد في انتخابات الرئاسية (2005 و 2009) مؤشرآ مهممآ إلى تبني خطآ متشددآ من تلك السياسة ، فيما كان عدم اعتراضه على فوز محمد خاتمي في انتخابات عام 1997 على الرغم من أنه كان منافسآ لاحد المقربين منه وهو علي أكبر ولايتي مؤشرآ إلى انه كان يرغب في إحداث نوع من "التهدئة المحسوبة" مع الخارج عبر شخصية محمد خاتمي المقبولة دوليآ ، وكذلك استبعاد رفسنجاني من انتخابات عام 2013 والقبول بفوز روحاني المعتدل هو مؤشر على توجه المرشد الى تقليل الاحتقان الداخلي بين التيارات السياسية الذي حدث في عام 2009 ، لاسيما الى تهدئة العلاقة مع المجتمع الدولي بعد أن وصلت إلى ذروتها في عهد محمود أحمد نجاد ، وفي الوقت نفسه أن حسن روحاني قريب منه ولا يهدد نفوذه مثل رفسنجاني .
الصورة المنقولة إلى العلن غالباً ما تتحدث عن وجود عدد من الخطوط المتباينة ضمن السياسة الخارجية الايرانية ، الاول هو خط المحافظين القريب من المرشد الأعلى والحرس الثوري الايراني ، والخط الاصلاحي ، والثالث هو الخط البرغماتي العملي الذي يمثله الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف ، ولكن بعيداً عن رواية التيارات المتنافسة في طهران ، يعمل الخطاب على أرض الواقع بانسجام وتناغم تام فالسلطة في ايران هي في يد المرشد الأعلى علي خامنئي ، في حين يبدو معسكر روحاني مفيدآ للمرشد علي خامنئي بغية تقديم صورة مقبولة ومستساغة عن إيران تجاه الغرب والعالم .
خلال مدة حكم حسن روحاني ظهر هناك إصرار ايراني على المضي قدمآ في الانفتاح على الغرب ، وبالتحديد الولايات المتحدة الامريكية ، بدليل قبولها إجراء مفاوضات ثنائية مباشرة سرية مع واشنطن في العاصمة العمانية مسقط ، في اذار / 2013 ، وكانت أحد الاسباب للتوقيع على اتفاق جنيف النووي في 24/ تشرين الثاني / 2013 ، وهذا يشير أن إيران تترقب الفرصة لتحسين علاقتها مع الولايات المتحدة الامريكية ، بعد أن خرج هذا الحوار من قائمة الخطوط الحمراء التي حكمت السياسة الخارجية الايرانية منذ تأسيس الجمهورية الاسلامية الايرانية عام 1979.
ويلاحظ ان هناك تحولآ في الخطاب السياسي الايراني تجاه الولايات المتحدة الامريكية منذ انتخاب الرئيس الايراني حسن روحاني في حزيران / 2013 ، إذ بادر روحاني إلى إشاعة مناخ جديد في مايتعلق بعلاقات بلاده مع الولايات المتحدة الامريكية ، وفي هذا السياق قام روحاني في إطار التحضير لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة 2013 ، واثناء حضورها بحملة علاقات عامة ممنهجة ومدروسة للتواصل مع الجمهور الغربي ، " شملت كتابة مقالات في صحف امريكية ، كما أجرى عددآ من المقابلات مع قنوات التلفزة الامريكية الكبرى " ، وخلال هذه الحملة قدم روحاني خطاباً سياسياً إيرانياً جديداً ومرناً ، ناقض فيه بوضوح خطاب سلفه محمود أحمد نجاد ، إذ اختفت تماماً من الخطاب الإيراني الجديد المصطلحات المعادية للغرب وللولايات المتحدة الامريكية مثل " الشيطان الأكبر " و " الاستكبار العالمي " و " محو اسرائيل من الخارطة " وماشابه ذلك ، وهي مصطلحات هيمنت لعقود على الخطاب السياسي الإيراني ، بل حتى تم منع رفع شعار (الموت لامريكا ) في صلاة الجمعة والمناسبات الاخرى في ايران بعد توقيع الاتفاق النووي !! .
وكل هذا يدل على ان بسبب الضغوط الكبيرة ، الخارجية والداخلية على النظام السياسي الايراني ، سوف يدفع النظام الايراني الى اتباع سياسة خارجية برغماتية واقعية في التعامل مع المجتمع الدولي للحفاظ على مكانه ـ مثل ان حصل لقاء امريكي ايراني مباشر في مسقط ، ربما يحدث لقاء ايراني اسرائيلي في المستقبل ، إذ لم تعد المبادئ والاهداف ثابتة كما هي في السياسة الخارجية الايرانية واصبحت البرغماتية , والواقعية هي من تتحكم في السلوك الخارجي الايراني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان