الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لم ينتفض الجنوب؟

حازم صاغيّة

2003 / 3 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



السبت 29 مارس 2003 04:40
 
لماذا لم ينتفض الجنوب العراقي ضد صدام ودعماً للأميركان؟ السؤال الذي يشغل العالم يمكن أن يُجاب عنه بإحدى طريقتين (ولغتين):
أولاً، لأن أهل الجنوب وطنيون. كارهون للغريب حين يأتيهم غازياً محتلاً. لقد دخلوا التاريخ الحديث مع "ثورة العشرين" ضد البريطانيين. وهم فخورون بالأصل والفصل والدم والنسب. بعد ذلك اعتنقوا أحزاباً راديكالية مناهضة للامبريالية، من "الشيوعي" العلماني الى "الدعوة" الدينية. في هذه الغضون تجدد وعيهم المعادي للغرب بالقومية والماركسية والإسلام. تأثروا بتيارات الثقافة السياسية الشائعة في المنطقة، والتي كانت لهم حصتهم في إنـتاجها. وطنيتهم ظلت، في أثناء ذلك، ثابتاً: في الحرب العراقية-الإيرانية دافعوا عن الأرض ضد الايرانيين. تخلي الأميركان عن انتفاضة 1991 عزز أسوأ تصوّراتهم في ما خص واشنطن. سياسة الأخيرة حيال طهران قوّت اتجاهاتهم المتفاوتة بين حذر وعداء للولايات المتحدة. الحصار آذاهم مثل سائر العراقيين، ونجح النظام في تقديمه لهم مسؤولية أميركا وحدها.
انهم، باختصار، يشبهون بعض الجمهوريات السوفياتية التي أذاقها ستالين الأمرّين لكنها وقفت معه حين تعرض الاتحاد السوفياتي للغزو في الحرب العالمية الثانية.
ثانياً، لم ينتفضوا حتى الآن لأنهم خائفون. المقاومة في الجنوب يشرف على تنظيمها علي حسن المجيد. وما أدراك ما وحشية "علي الكيماوي"؟ من أصل جيش يفوق المليون و"حرس جمهوري" يفوقون السبعين ألفاً، يمكن فرز خمسين ألفاً لترويع الجنوب وإحكام القبضة على أنفاسه. هذه ليست مقاومة، بل مجموعات عسكرية وقمعية تقيم أفخاخاً على طريق تقدم الجيش الأميركي. لو كانت المعارضة أقوى، أو لو نجح الأميركان في إعدادها وإيلائها دوراً أكبر، لتولّت انتفاضة الجنوبيين الأمر من دون حاجة إلى أميركان.
هذا هو الموضوع: فالجنوب لن ينسى عشرات الآلاف ممن قتلهم صدام (والمقاوم علي حسن المجيد). لن ينسى عشرات آلاف الذين هجّرهم الى الخارج. لن ينسى تدنيس مؤسساته الدينية وتصديعها بوصفها العمود الفقري لمجتمعه الأهلي. لن ينسى تجفيف الأهوار... لا شك ضعفت ثقته بالأميركان بعد 1991 لكن كرهه لصدام لن يضعف. والجنوبيون ينتظرون إشارة قد تأتي مما يجدّ في الشمال، أو في بغداد، أو مع قدوم 120 ألف جندي إضافي، أو ربما في البصرة نفسها.
التحليلان فيهما وجوه من المعقولية. انعدام المعلومات يجعل تحليلين، على هذا التضارُب، "ممكنين. أغلب الظن أن الحقيقة نتاج مزيج منهما.
لننتظر إذاً أياماً قليلة، ولنرَ.
لكن في هذه الأثناء: ليس كل المؤيدين لـ"التحرير" عملاء لرامسفيلد الا بالقدر الذي يكون فيه المؤيدون لـ"المقاومة" عملاء لعلي حسن المجيد. انهم جميعاً ليسوا كذلك. لكن كلاً من الطرفين أسير نظرته الواحدية التي تستولي عليه بالمطلق. الا أن أياماً قليلة ستكون حاسمة: ستدفع، أو ينبغي أن تدفع، أصحاب كل من الروايتين الى مراجعات "شرسة" في حال صحّت الرواية الأخرى.
الحياة اللندنية

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟