الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سراب السلام الامريكي من مدريد إلى المنامة

إبراهيم ابراش

2019 / 5 / 25
القضية الفلسطينية


تتفنن إدارة ترامب مثلها مثل الإدارات الأمريكية السابقة في طرح مشاريع وتصورات للقضية الفلسطينية وللشرق الأوسط بشكل عام وتحت مسميات مختلفة ،وكلها مشاريع غير قابلة للتنفيذ عمليا أو أن ما هو مُعلن عنها رسميا من أهداف – غير ما تُضمر الإدارة الأمريكية ومتعارض مع ممارساتها وممارسات إسرائيل على الأرض .
وهكذا من مؤتمر مدريد للسلام 1991 إلى أوسلو 1993 وخطة خارطة الطريق 2003 إلى الشرق الأوسط الكبير 2004 وبعده الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة 2006 وأخيرا ما تسمى صفقة القرن والتي آلت لمشروع السلام الاقتصادي كما سيتم ترويجه في مؤتمر المنامة -البحرين في الشهر القادم . طوال عقود من التعامل مع والمراهنة على هذه المشاريع للتوصل لحل سياسي أمريكي منصف للفلسطينيين والعرب للصراع في الشرق الاوسط كان مآل المراهنين مثلهم مثل مآل مَن يجري وراء السراب .
هذه الصيرورة التي آلت إليها هذه المشاريع ليس سببها أن العرب لا يريدون الاستقرار والديمقراطية أو أن الفلسطينيين لا يريدون الحل السلمي العادل ،بل لأن واشنطن وتل أبيب لا تريدان لا استقرارا ولا سلاما .
كثيرون تحدثوا وما زالوا يتحدثون عن فشل السياسة الأمريكية ومشاريعها في الشرق الأوسط ، وفي ظني أن واشنطن لم تفشل بل انجزت كثيرا من أهدافها في المنطقة ،وواقع حال العرب والفلسطينيين اليوم مقارنة بواقع إسرائيل والمصالح الامريكية يؤكد ذلك ،فإسرائيل تعيش عصرها الذهبي منذ تأسيسها 1947 حيث لا توجد مصادر تهديد حقيقي لها تأتيها عبر حدودها – ما كانت تسمى دول الطوق - والنظام السياسي الفلسطيني ،الآن وفي ظل الانقسام ومع نفس النخب السياسية الحاكمة ،أبعد ما يكون عن تشكيل تهديد حقيقي لإسرائيل ،كما أن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية كما تم تحديدها منذ الحرب الباردة تتحقق اليوم سواء ما يتعلق بالتحكم الأمريكي بالنفط والغاز انتاجا وتسويقا أو ببلقنة المنطقة وتفتيتها أو بنشر القواعد العسكرية أو ضمان التفوق الإستراتيجي والعسكري لإسرائيل على كل الدول العربية الخ .
ما فشل هي المراهنة الفلسطينية والعربية على هذه المشاريع وفشل المراهنة على حسن النية بالإدارة الأمريكية كوسيط نزيه في التسوية مع إسرائيل أو كحليف مُخلص للدول العربية وخصوصا الخليجية.
إدارة ترامب غير معنية بالسلام لا في فلسطين ولا في أية منطقة في العالم بل إن ما ترومه هو إدارة الصراعات لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها الاستراتيجية ،ما دامت الصراعات والحروب خارج أراضيها ونفقاتها تأتي من أموال الدول المتصارعة نفسها أو بابتزاز حلفائها المُهدَدين من هذه الصراعات ،كما أن هذه الحروب تمنح الجيش الأمريكي فرصة و ساحة تدريب حقيقية وباللحم الحي لاختبار أسلحته المتطورة ،دون تجاهل صفقات الأسلحة المُقدرة بمئات مليارات الدولارات ،هذا بالإضافة إلى تحسين مواقعها الجيوستراتيجية في مواجهة منافسيها وخصومها الكبار كروسيا والصين وأوروبا .
مشروع التسوية الجديد والمسمى صفقة القرن لا يخرج عن سابقيه من حيث استراتيجية إدارة الصراع وإعادة الأطراف ،وخصوصا الفلسطينيين والإسرائيليين ، إلى طاولة المفاوضات ،والمهم صمود الفلسطينيين وعدم خضوعهم للابتزاز ،فواشنطن ومن جمَّعَتهم في مؤتمر البحرين يملكون ولا شك المال والسلاح ولكنهم لا يملكون الحق في التصرف بمصير الشعب الفلسطيني ،فالقرار عند الفلسطينيين وخصوصا عند الجهة الممثلة لهم رسميا ودوليا منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها محمود عباس ،فهذا الأخير يقع عليه الرهان والمسؤولية أيضا ،بمضامينها السلبية والإيجابية ، في هذا الوقت الصعب .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللهث خلف السراب
ابراهيم الثلجي ( 2019 / 5 / 24 - 22:41 )
أستاذ إبراهيم نحن نخدع انفسنا عن حقائق نعرفها جيدا وخاصة الاساتذه والباحثين في الشأن الدولي
وانت تعلم ان رئيس وزراء بريطانيا كامبل سنة 1907 وضع مع حلفائه الأوروبيين نجوم الاستعمار الدولي وثيقة باسمه سميت ومعتمده في سياساتهم الدولية للبقاء لاطول فترة في استغلال او لنقل احتلال او هيمنة على الشرق الأوسط وشرذمة الشعوب الإسلامية ولا أقول العربية لانها ظهر واقعيا وميدانيا انها حالة افتراضية ولا أساس للتسمية علميا لان لا أمم تبنى بناء على الاشتراك بلغة
جاء في الوثيقة Campbell-Bannerman
إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب الا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة
الم يكن ركضا وراء السراب تصديق أي مبادرة بعد هذا المخطط الاستراتيجي الغربي ويغيروه علشان عيون مين؟.
- وفصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.

اخر الافلام

.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح


.. مسعود بارزاني في زيارة لبغداد لحل الخلافية بين الحكومة وإقلي




.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز ما ورد في مكالمة الرئيس الأمريكي باي


.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يريد استمرار الحرب وجعل غزة مثل الضف




.. العلاقات البريطانية الأوروبية حاضرة بقوة في برامج انتخابات م