الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة الوسطى والتوازن البنيوي لمجتمع ديمقراطي حر

جاسم الصغير

2006 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تهيئ الامم في تاريخها السياسي الاسس والثوابت البنيوية لأي تغيير حضاري يساهم في رفع شأن الامة لكي يكون لها اضافة نوعية في الفكر او المتغيرات الاجتماعية والسياسية ومن اجل ذلك انبرى الفكر الانساني ومن خلال فاعلية الاجتماعيين وهم هنا شريحة المفكرين والمثقفين عموما كي يحاولوا ان يجدوا النظام السياسي والفكري الذي يمكن للانسان والشعوب من خلق وايجاد سيمياءيات حياة كريمة تليق بالانسان وهكذا وجدوا بين المفكرين نظم عديدة لخلق مجتمع حضاري تتواجد فيه اواصر العدالة والسلام والحرية فعرفت البشرية انواع عديدة من النظريات الفكرية مثل الديمقراطية بكل انواعها التي عرفها التاريخ البشري الى المشاعيات وفكرة المجتمع السعيد مرورا بيوتوبيات توماس مور او الفرابي وغيرهم من المفكرين ضمن النسق الانساني وقد فعلت تلك الافكار والمنظومات الفكرية فعلها واعتنق الكثير من البشر تلك الافكار كطموح الى الوصول الى المجتمع الانساني الحر الذي يكفل للانسان الحرية والكرامة ولهذا ان تلك المنظومات الفكرية بحاجة دوما الى البشر لانها تصبح تجريدا ان لم يؤمن بها هؤلاء البشر كي تتحول من نسق تجريدي الى شيء عيني ملموس ومن هذه الافكار والمنظومات الفكرية الديمقراطية الحرة والتي استمدت شرعيتها الفكرية من ايمان الشعوب والمجتمعات بها كونها تؤسس لتنافس حر سلمي بعيدة عن لغة العنف وتهيئ المجتمعات لرفاهية اجتماعية وسياسية كونها تعطي الفرص للجميع بالتساوي فاندفعوا يؤمنون بها بعدما جربوا كل انواع الاستبداد السياسي والفكري والأيديولوجي ومن هنا يجري الحديث عن الديمقراطية ولكن يجب ان يتوفر شرط اساسي وهو وجود حاملها هنا وهو الطبقة الوسطة في المجتمع لان الديمقراطية تلك النظرية السياسية والفكرية يمكن ان تفتح آفاقا رحبة للشعوب في العيش الكريم ولكن بسيادة الطبقة الوسطى التي تهيئ لانتشار الديمقراطية في المجتمع كونها تمثل توازن في المجتمع بين كافة طبقاته لذلك اننا نرى في الدول الكبرى التي طبقت تلك النظرية وخلقت طبقة وسطى متوازنة في المجتمع قد ارتقت في سلم المدنية والحضارة مكانا رائعا وساميا جدا لذلك ان الديمقراطية الحرة واذا غابت هذه الطبقة تصبح الهوة والفاصل بالمجتمع كبير جدا ويبرز الخلل البنيوي والاجتماعي في النظام السياسي والاجتماعي وابرز مثال على ذلك هو وضع المجتمع العراقي في عهد طاغية صدام المقبور الذي احدث انقلابا سلبيا في طبيعة المجتمع العراقي وخاصة في سنوات او مرحلة التسعينات من القرن المنصرم حيث برز الخلل جليا بشكل واضح جدا للعيان فقد عانت هذه الشريحة وهي هنا الطبقة الوسطى من الاهمال السياسي والاجتماعي بحيث لم تعد قادرة على القيام باداء دورها الاجتماعي كوسيط في حمل القيم الاجتماعية للديمقراطية لان الكوابح والموانع السياسية المتمثلة بسلطة استبدادية تحول دون ذلك يقول الاستاذ حسن العلوي ان السياسة العراقية في ظل الانظمة الدكتاتورية دأبت على تفتيت الكتل المتجانسة ليحل البياض الاصغر محل السواد الاعظم هنا بالذات اختزل الاجابة باستعارة عنوان كتاب المفكر الفرنسي عمانوئيل سايس من القرن السابع عشر وهو يتحدث عن الطبقة الثالثة أي السواد الاعظم بلغتنا وهي الكمية المهملة في النظام الفرنسي آنذاك كما هي الكتل المتجانسة في العراق في عهد صدام المقبور وتتسع الاحتمالات ليكون العراقيون هم هذه الكمية المهملة وفي مقطع من حوار يقول فيه الكاتب عمانوئيل سايس:
- ما هي الطبقة الثالثة
- هي كل شيء
- ماذا كانت في النظام السياسي
- لاشيء
- بماذا تطالب
- ان تصبح شيئا
فاذا الطبقة الوسطى ركيزة بنيوية مهمة جدا لأي نظام ديمقراطي والمطلوب الاهتمام بها وتعزيز دورها حتى تصبح ناجحة في اداء دورها في حمل ونشر مزايا الديمقراطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف