الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات -2-

ندى مصطفى رستم

2019 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


إذا أردنا أن نقيّم الوضع العربي علينا العودة إلى بدايات التاريخ العربي لا أن نستنطقه كما في حالة بعض الكتاب والمفكرين العرب حول التراث وما إلى ذلك، أما هذه المقالة البسيطة تذهب مباشرة إلى موضوعها، وهو المأكل والملبس والمسكن الذي هو أساس التفكير الصحيح! اعتقد لم يستنطق أحدً هذه المسألة أبداً رغم اهميتها على اعتبار أن المطبخ أصبح ينظر له مسألة ثقافية، نحن نعرف جميعاً أن الجو والطبيعة لهما أثر كبير على نمط تفكير الإنسان عموما، وهكذا يقول لنا علم الجريمة الجنائية في إطار تأثير متبادل بين الجريمة والطبيعة، لو دققنا في الأمر نرى بأن الجرائم التي تقع على السواحل تتميز بأنها ليس من السهل كشفها، كون البحر يخفي في جوفه ملايين الأسماء المتنوعة ، الكبيرة والصغيرة جدا ، كما يخفي البحر ملايين المخلوقات البحرية الأخرى وأنت لا تراهم ولا تعرف ماذا يجري هناك؟ ما أردت قوله في هذا المنحى أن الصحراء الجزيرة العربية كانت لا ترحم سلوك ساكنيها، وحيث الشمس الحارقة كأنك تُشوى تحتها لتكون وجبة غذاء لأحد ما، ونحن نعلم كثيراً أن الصحراء ليس فيها صيداً ولا حيوان يستطيع أن يعيش هناك إلا حيوانات تتحمل الصحراء مثل الجمال " سفينة الصحراء " تتحمل العطش وتأكل ما تيسر أمامها من النباتات ، حتى الأشواك طعامها المفضل ، نتيجة شح الطبيعة، لهذا لا يمكن أن يعيش الإنسان السوي في تلك الظروف لذا أصبح الغزو والسرقة لمواشي بعضهم أمرا مألوفا بين القبائل العربية في الصحاري ، ولا نستغرب كثيراً أن الأشهر الحرم التي أخذ بها العرب لم تكن من فراغ، فالحياة نراها الآن متعبة في تلك المناطق فكيف إذا فكرنا قبل قرون طويلة؟ كيف سيكون الحال هناك في تلك المناطق حيث برودة قاتلة في الشتاء وحرارة قاتلة في الصيف، وليس هناك مسكن حتى أن تقي نفسك من أنواء الطبيعة بردا أو حرارة ؟ وهو أمر صعب جداً والسكن في الخيام لا يجدي نفعاً، وقس على ذلك من مصاعب أخرى مثل وفرة المياه والكلأ للماشية ، فكانت القبائل في ترحال دائم على أمان فيها غدران المياه لتشرب وتسقي ماشيتها ، ما أريد قوله هنا أن قساوة الطبيعة والبحث الدائم عن مصادر مياه ومراعي للماشية جعلت هؤلاء البدو الرحل لا يفكرون سوى كيف يحافظون على البقاء ، وأصبح التفكير فيما عدا ذلك ترفا لايحصلون عليه أمام قسوة الحياة في الصحراء ، ولهذا من الطبيعي ألا يكون لدى العرب تفكيراً معقدا يبحث في أمور أبعد من لقمة العيش ، ولا نعتبر هذا عيباً لأن كل الشعوب لها ما لها وعليها ما عليها، وليس ذنب العرب أنهم خلقوا في تلك الأجواء القاسية ، التي لا ترحم ولا تشفق مطلقا، فمن الطبيعي والحالة هذه أن ترى نفسك ذليلاً أمام فعل الطبيعة وانسحب ذلك الإذلال والعجز على كل مناحي حياة العرب . ما أريد أن استخلصه هو: لماذا عدد سكان العرب يربو عن ثلاثمائة خمسين مليون نسمة لا يحسب لها حساب في المحافل الدولية؟ بينما عدد سكان تركيا 82 مليون نسمة إحصاء 2018 ، لهم صوتهم المجلجل في المحافل الدولية ، ويحسب لتركيا ألف حساب ؟ وقس على ذلك إيران وعدد سكانها نحو 79 مليون ولها مكانة بين دول العالم ، وفي ذات السياق إسرائيل التي زرعها الاستعمار البريطاني في فلسطين عدد سكانها لغاية ديسمبر 2018 كان 7 ملايين يهودي و2 مليون عربي ، لها سطوة في السياسة العالمية لا يصل إليها العرب ولا في أحلامهم . ومن الأشياء العادية واللافتة في القرن الثالث أن تتصرف دول الخليج كشيوخ قبائل وليس كرؤساء دول ، لها مصالحها ، وشعوبهم ليسوا عبيداً عندهم كسابق عهدهم. ما زال المواطن العربي يبحث عن لقمة عيشه كما لو أنه لم يغادر الصحراء حتى الآن؟! الجوع والحرمان والقمع ازداد في ظل الدولة "الحديثة" أليس ما يجري الآن في سوريا كما لو أنهم من سكان الصحراء؟ يتصرفون بذهنية البدوي الباحث عن البقاء؟ يقومون في نهب وسلب وسرقة وقتل وتدمير. فيتصرفون بسلوك فردي كما لو أنهم ليست له جذور عشائرية أو قبلية كانوا ينتمون لها وكان لها قيما ونواميس اجتماعية لا يتجاوزها أفراد القبيلة ، أين نفسية الشعب لدى العرب السوريين؟ هل هناك شعباً يساعد محتله على احتلال أرضه كما فعل الائتلاف السوري مع الجيش التركي لتحتل تركيا شمال سورية ؟ ويعتبر نفسه جزء منه؟! كنا نتمنى أن يتصرف السوريون اليوم كأصحاب الأرض ، يدافعون عنها لا أن يساعدوا المحتلين على احتلالها ، في سورية احتلالات متعددة الجنسيات ، إيران ، روسيا ، جاءتا بدعوة النظام نفسه لحمايته ، ثم الاحتلالات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية دخلت بذريعة مكافحة الإرهاب ، فاعتبرت كل السوريين إرهابيين وضربتهم بصواريخها وقنابلها بكل أنواع السلاح الحربي ليرتفع عدد ضحايا المأساة السورية إلى زهاء مليون قتيل ، وتهجير 13 مليون سوري قسرا لى منافي ومهاجر لم يخترها أحد منهم ، هربوا بأرواحهم من القتل . في سورية لم يعد الشعور بالانتماء للوطن لما لاقاه من ذل ومهانة في الوطن ، الذي يعني أساسا الكرامة والأمن والعيش الكريم ، وهي مفقودة في سورية . سوريون لجأوا إلى تركيا ، وقال بعضهم مع تركيا ضد سورية ، هؤلاء هل يشعرون بأنتمائهم لهذا الأرض؟ كيف تطالب بالحرية وترضى أن تكونوا عبيداً لدى الأتراك؟ أليس مأكلك وملبسك وحمايتك منهم؟ ألم تسأل نفسك من أنت حتى تقدم لك كل هذه المغريات ؟ كيف تكون حراً واسكندورنك مازالت مغتصبة عندهم ؟ لا يصح إلا الصحيح أن هذا كله نتائج ما بدأناه ، يظهر لنا جليا على أرض سورية. لنعترف بشجاعة؛ نحن في مأزق وجودي وليس هناك حلاً في الأفق كي نركن إليه. أسئلة بحاجة إلى فكر سوي مازلنا نفتقر إليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه