الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-اقعد عاقل-

سليم البيك

2006 / 5 / 4
حقوق الانسان


كلنا سمعنا أيام كنا أطفالاً نرمز لبراءة ما توبيخات كـ "اقعد عاقل" و "اعقل يا ولد" أو يا بنت و "بس يا مجنون.. اهدا" و كثيراً غيرها, و ذلك حين نشاغب أو نشذ عن السلوك العام أو الإطار الذي تحدده بعض قواعد السلوك التي وضعت تراكمياً في مجتمعاتنا و هي ليست بالضرورة جيدة.
قد يكون الأهل على حق في توجيه أبنائهم بأن يرجعوا إلى عقلهم حين "يشطحوا" في سلوكهم عن حدود الآداب العامة, و هنا أفرق بين سلوك عام نمطي و آداب عامة يجب مراعاتها, المهم..
حين يكبر الأبناء, "يعقل" بعضهم و يظل البعض الآخر يسمع ذات التوبيخات من والديه و أقاربه و جيرانه و كل من يعرفه و يكبره ولو بساعة, و لكن التوبيخات هذه ليست لأنه "كبس زرار المسجلة كلها سوا حتى يشوف كيف بدها تشتغل هيك", بل لأنه أدرك هذه المرة بأن لكل زر دوره الذي يقوم به و يكمل أدوار باقي الأزرار و لا يعتدي عليها كمجتمع متكامل, الشيء الذي لم يجده في مجتمعه, فاضطر أن يتكلم في الشأن العام, و "بالمشرمحي" في السياسة. فسمع الكثير من توبيخات أخرى هذه المرة كـ"حط عقلك براسك و بطل حركات هالزعرنة" و "ما كان فيك شي, وين راح عقلك" و "بلا ولدنة و ارجع لعقلك".
فالعمل السياسي, إذاً, قلة عقل و أدب, و زعرنة, و هو تجاوز للسلوك العام و الآداب العامة معاً, و هو "ولدنة", الرجوع إلى ما يشبه سلوك الأولاد, و المشاغبين خصيصاً. هو فقدان العقل أو بتعبير أدق هو البعد عن التعقل, فالتعقل هو أن "تحط عقلك براسك و تشيلو من محل مهو!", هو أن تستخدم عقلك لتجد في النهاية بأن للسياسة أهلها "يللي بلا عقل" و أنك أنت صاحب العقل و الحكمة و البعيد عن "هيك حركات", أنك ذلك لأنك عاقل أو متعقل أو معتقل أو مهما يكن, لست من بينهم أو لا تتكلم كلامهم لأنك و ببساطة لديك تلك الكتلة في رأسك التي استخدمتها لتصل لهذه النتيجة.. يا الله!
"إذا هيك الله لا يثبت علينا لا العقل ولا الدين".
أن تكون عاقلاً هو أن تخضع للسلطة, أن تنفذ ثم اعترض, و إن كان "عقلك كبير" فلن تعترض. يقولون "مجنون يحكي و عاقل يسمع". أفضل لسمعتنا "قدام الجيران و النسايب و العالم" أن نسمع فقط, حتى لا يقال أننا مجانين, أفضل ألا نتكلم و لا نصرخ, فإن توجعنا "عالسكت", و إن جعنا "عالسكت", و إن اعتقلنا "عالسكت" و إن كبتنا "عالسكت" و إن متنا "عالسكت", فلنسمع فقط و لا نتكلم إلا لنهتف بالروح بالدم. فلنترك الكلام للمجانين و "لنقعد عاقلين", فوق كل هذا, فكثرة الكلام يوجع الرأس و يبح الصوت و يظهر الشعر على اللسان.
فالمطلوب رقم واحد إذاً "يا عاقلين يا شطورين"ً هو أن توقفوا المشاغبة و المعاندة و التمرد و الثورة و قبل ذلك أن تضعوا عقولكم في رؤوسكم لا في أي مكان آخر, أما المطلوب رقم اثنين.. "لسا بكير".
فكلما تعقلت أكثر كلما عشت أكثر, حراً أم غير حر, فهذا موضوع آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. للحد من الهجرة.. مساعدات أوروبية بقيمة مليار يورو للبنان


.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_




.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف


.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد




.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال