الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليم المقهورين

مهند طلال الاخرس

2019 / 5 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


تعليم المقهورين أو أصول تربية المضطهدين لباولو فريري
كتاب من القطع المتوسط يقع على متن 265 صفحة وهو كتاب يحدد المعالم الرئيسية لفلسفة الثورة، تلك الثورة التي تستهدف تحرير الانسان وتعليمه وتوجيه طاقاته نحو تغيير العالم ، حيث يتناول باولو فريري في كتابه تعليم المقهورين الحديث عن الثورة كعمل يمارسه المقهورون من اجل التغلب على ظروف القهر والحرمان والاستعمار والاستعباد.

كتاب ثوري في مجاله؛ اذ ان روعة الكتاب تتجلى في نقده لمفهوم التعليم البنكي وهو التعليمة الصندوقي المعولب او بمعنى اخر هو التعليم الممارس في مدارسنا وجامعاتنا ولا يستهدف منه بحسب باولو فريري إلا السيطرة على عقول الطلاب بجعلها بنوكا نخزن فيها ودائعنا المعرفية من اجل استلابهم، بينما يطرح باولو فريري الاسلوب الثاني في التعليم وهو اسلوب التعليم الحواري او الاشكالي اي بمعنى التعليم الذي يطرح المشكلة ويبحث عن حل لها، وهو برأيه ان هذا النوع من التعليم هو الذي يخدم الوعي وينمي المعرفة الحقة ويؤدي الى الحرية.

وهذا النقاش حول مفهوم التعليم البنكي ومفهوم التعليم الحواري يناقشه الكتاب في الفصل الثاني منه بشكل مستفيض وشيق وسلس ومدعم بأمثلة وتجارب قمة في الروعة مثل:" في أحد التجمعات الحوارية حول المفهوم الأنثروبولوجي للثقافة، في تشيلي، يروي المعلم باولو فريري أن أحد الفلاحين الجهلاء - وفق المفهوم النظامي للتعليم الحديث- قاطعهم قائلا: لقد عرفت الآن أنه دون الرجال فليس هناك عالم. فردّ عليه أحد المُناقشين: لا، فلو افترضنا جدلا أن كل الرجال في هذا العالم قد ماتوا، ألا يبقى العالم بأشجاره وأطياره وحيواناته وأنهاره وبحاره ونجومه؟ أفلا يكون كل هذا العالم؟ فأجاب الفلاح بثقة: لا،لا لأنه لن يوجد حينها شخص ليقول: هذا هو العالم.

يتأسس مدار البحث في هذا الكتاب حول سؤال اساسي الا وهو: كيف يستطيع المقهورون المقسمون والمعذبون والذين لا يشعرون بوحودهم المتحقق ان يسهموا في تطوير اسلوب تعليمي يستهدف تحريرهم ص ٥٠ ؟

ومن اجمل الافكار التي كتبها وبحثها باولو فريري في هذا الكتاب:
"- إن عدم الإحساس بالعالم يعني عدم وجوده، فلِكيْ يعيش الإنسان ينبغي له أن يستشعر وجوده، وليحدث هذا فإنه بحاجة للتعليم الذي يكشف له عن ملكاته الإبداعية في فهم العالم ونقده وتطويره، وهو ما لا يحدث إلا من خلال عملية تعليمية تأخذ الطالب إلى العلم دون أن تقهره عليه، بل تكتفي فقط بسدّ الثغرة بين فهمه الخاص وبين المادة العلمية على حد تعبير جاك رانسيير.
- العمل الثوري لا يمكن ان ينجز في مرحلتين، مرحلة يختص فيها بالوعي والاخرى بالعمل، اذ دائما يتم الامرين الوعي والعمل في مرحلة واحدة ص١٣.
- ان النضال من اجل الانسنة يصبح ذا جدوى فقط عندما ندرك ان الانسنة برغم انها ظاهرة في التاريخ فهي لا تشكل حتمية مصيرية، فهي مجرد ظاهرة مؤقتة تعكس الظلم المكرس بالقوة في ايدي القاهرين ويمارسه هؤلاء ضد المقهورين ص٤٢.
- ان الذي يعتبر نفسه مالكا لحق الحكمة الثورية هو في الحقيقة ممارس لنفس السلوك القديم ص٧٠.
-ان المُستعمَر ينفس عن الظلم المتراكم في عظامه اول مرة في ابناء طينته ص٧٢.
- تحرير المقهورين هو تحرير للانسان وليس تحريرا للاشياء. وينبني على ذلك ان الذي لا يستطيع ان يحرر نفسه بنفسه فلن يستطيع احد غيره ان يحرره، فالتحرير مظاهرة انسانية لا يمكن ان يتحقق بأشباه الرجال ص ٨٠ .
- ان الوجود الانساني لا يمكن له ان يظل صامتاً كما لا يمكن له ان يحيا على الكلمات الفارغة، فالكلمات التي تحييه وتعمل على تغيير العالم هي الكلمات المفعمة بالرؤيا الصادقة ص ١١٥.
- فما دمت اناضل فيحق لي الانتظار ص ١٢٢.
- بدون نظرية ثورية لا يوجد وعي ثوري ولا يمكن ان يتولد عمل ثوري ص ١٧١ .
- الحوار مع الجماهير امر ضروري لكل ثورة حقيقية وذلك في الواقع ما يميز الثورة عن الانقلاب ص ١٧٤.
- الممارسة في حد ذاتها تنمي القدرة على الفهم وهذا هو الحال بالنسبة للفعل الثوري حيث يشترك المقهورون والقادة في عمل ثوري واحد تتوسطهم الوقائع الحقيفية ص ١٧٦.
- ان الثورة الحقيقية هي محاولة لتغيير العالم الذي امتنهت فيه كرامة الانسان ولن يقوم بهذه الثورة أؤلئك المستفيدون من هذا الوضع القائم وانما يقوم بها المقهورون مع قيادتهم ص ١٧٨.
- القادة الثوريون يزدهرون فقط عندما يعملون مع الناس ص ١٨٤ .
- ان العمل الحر هو ذاك العمل الذي يستطيع به الانسان ان يغير العالم ونفسه في ذات الوقت ص ١٩٠ .
- ما دامت الاقلية في مجتمع القهر هي المسيطرة فإن سبيلها للبقاء في الحكم مرهون بقدرتها على تفريق كلمة المقهورين(فرق تسد)ص ١٩٦.
- ان الثورة الثقافية هي اقصى درجات الوعي التي يحققها النظام الثوري، ولذلك فلا بد ان تصل ثمرتها للجميع بصرف النظر عن موقفه ص٢٢٤.
- الحب الثوري هو الذي يخلق الحياة، ولاجل ان تخلق الحياة فلا بد ان يمنع بعض الناس من السيطرة على الحياة ص٢٤٢.
- ان التفرقة هي عمل من صميم ايدلوجية القهر واما الوحدة فهي عمل ثقافي يتأتى للمقهورين بموجبه ان يعرفوا كيف؟ ولماذا؟ ص ٢٤٦ .
- العمل الحواري يستهدف احتواء المتناقضات وبذلك يتمكن من فكرة الحرية. اما نظرية العمل اللاحواري فإنها تبقي على هذه التناقضات لكي تحول دون تحقيق التطوير اللازم لتحرير الانسان. ص ٢٥٩.
- التآلف الثقافي لا يرفض الاختلاف في وجهات النظر لانه مبني على مثل هذا الاختلاف، ولكنه يرفض الغزو الثقافي الذي تمارسه فئة على فئة ويؤيد الدعم الذي تقدمه فئة على فئة. ص٢٦١ ".

واجاد الكتاب واوجز في توصيفه للقاهرين واساليبهم حيث يقول باولو عنهم :" في غمرة رغبتهم الجامحة للامتلاك فان القاهرين يولدون من داخل انفسم قناعة بأن بمقدورهم تحويل كل كائن في هذا العالم الى شيء يدخل في اطار قدرتهم الشرائية ص٦٦. ان من اهم مقومات الشخصية القاهرة نزعتها نحو السادية، فالشخصية القاهرة تجنح بالضرورة الى تدمير الطاقة الابداعية التي تكمن في الحياة ص ٦٨."

هذا الكتاب كتبه البرازيلي باولو فريري ونشر سنة 1968 بالبرتغالية وترجمته مايرا راموس للإنجليزية ونشر سنة 1970، واعتبر هذا الكتاب من النصوص المؤسسة لعلم أصول التربية النقدي، ترجمه إلى العربية الدكتور يوسف نور عوض ونشرته دار القلم في بيروت سنة 1980، وهو كتاب موجز وسلس عميق المعنى وعظيم الفكرة ويستحق ان يعتلي رفوف مكتباتنا بجدارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فوز الغزواني برئاسة موريتانيا وخصمه يشكك في النتائج |الأخبار


.. ما السيناريوهات المتوقعة في الجولة الثانية من الانتخابات الت




.. نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية.. هل هي


.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية بفرنسا.. تحالفات ومسا




.. ملء خامس لسد النهضة.. كيف تتفاعل مصر مع إعلان إثيوبيا؟ • فرا