الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنتي مع اللغات ليومٍ عسيرٍ .

يوسف حمك

2019 / 5 / 28
الادب والفن


ما فائدة اللسان إذا كان متقاعساً و عاجزاً عن إنجاز المهمة التي من أجلها خُلق . إن لم يكن حازماً ، متقد الهمة مقداماً في التعبير عما يبغيه المرء لإيصال مراده إلى محدثه .

مصيبةٌ أن يحدثك أحدهم ، فتنظر إليه بذهولٍ ، و يهزمك لسانك ، و تأخذك الحيرة إلى حيث الخيبة و الانكسار .
فاجعتك تزداد استفحالاً ، حين تستنجد بشخصٍ لسانه البليد يخونه ، فيقف أمنامك فاشلاً ، و يستصغره كطفلٍ رضيعٍ ، لم يبلغ مرحلة النطق بعد .
عندها تعلم أن اختيارك لم يكن صائباً ، و طلبت العون من الشخص الخطأ .

في بلادنا الأصلية تهزمك حروب القتل و الدمار و التمييز ، فتفر هارباً إلى بلدانٍ تستعد فيها لشن حرب اللغات و خوض صراع الكلمات .
وحده لسانك هو السلاح الذي تحارب به ، لتفوز ، و تثبت وجودك ، كما هو المقياس الوحيد لنجاحك ، و الجسر الذي ينقلك من السكون إلى الحركة ، و من الجمود إلى الانفتاح ، و من التعطيل و الإحجام إلى الفاعلية و التأثير .

أول صفعةٍ أصابتني كانت من عامل البوفيه في مطار أربيل .
ظننت أنه يخاطبني باللغة الكورية .
دارت بيننا معركةٌ حامية الوطيس . كانت سجالاً و تعادلاً ، حتى الإشارات أخفقت في وساطتها ، و فشلت في إنقاذ مما نحن فيه .
فكان لجوؤنا القسريُّ إلى الضحك بدلاً من التفاهم طبقاً للمثل القائل : ( شر البلية ما يضحك )
إلا أن أحدهم تدخل ، و أنهى المشهد المضحك المحزن ، و فض العراك اللغوي بيننا باللغة العربية .

غالباً ما تستخدم الضحك - أداة العاجزين - لتهش به على خيبتك ، حينما تستنفذ كل أسلحتك ، و ترفع الراية البيضاء لإفلاسك اللغويِّ .
أن تتقن لغةً أو لغتين و أنت في بلدك فلا ضير .
أما أن تتجول بعيداً عن وطنك ، أو يستقر بك المطاف في بلدٍ تجهل لغة قومه ، يأكلك الندم لما فاتك الكثير من الوقت هدراً ، و عدم استغلال الفرص .
لأن من آفة هذا العصر ، و أشد تعقيداته أن تكون مهملاً و متهاوناً في تعلم اللغات ، و شحيحاً في إلمامها . حتى و إن حلقت بك الطائرة إلى علوٍ شاهقٍ ، فستظل في مأزقٍ ، و لا ينفعك هذا العلو .
و لغتك الأم لا تنقذك مما أنت فيه من الإحباط ، و لا اللغة الأخرى التي تعلمتها .

قد تخترق السحاب ، لتسير فوقه ، ثم تعلو و تعلو . ثم تراقبه من نافذة الطائرة مندهشاً ، كأن فناناً رسم لوحةً بريشته الخرافية من نسج خياله .
فتتعايش مع ذاك المنظر مندهشاً ، كأنها كتلٌ ثلجيةٌ مكدسةٌ ، أو كثبانٌ متراصةٌ تتزاحم متراكمةً فوق بعضها ، فاقع اللون ، مبهر العقل ، مثير الدهشة ، و للقلب محببٌ من فرط بياضها .
و على حين غرةٍ يباغتك أحدهم مخاطباً إياك بلغةٍ تهبط رصيدك المعنويِّ إلى الحضيض ، فتنسيك مما كنت فيه من المتعة و اللذة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف