الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحضارة بين الجماعية والفردانية‎

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2019 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تنزع المجتمعات المتخلفة حضارياً لروح جماعية تربط الفرد بالمجموع‎.‎‏ ليس فقط نتيجة لضغط الجماعة على الفرد،‎
ولكن بالدرجة الأولى لنزوع ذاتي من الأفراد، لضمان الأمان والسلامة في ظل الجماعة‎.
هي عدم ثقة الفرد في ذاته لتواضع قواه السيكولوجية الشخصية‎.‎‏ يضاف إليها تواضع القدرات الفكرية للفرد، مما يذهب ‏به للالتصاق بالجماعة، والاعتماد على فكر القدماء، الذين يلقبهم بالسلف الصالح أو الآباء القديسين‎.
وهنا تروج مقولات مأثورة مثل‎:
‎"‎ابن الطاعة تحل عليه البركة‎"
و"المخالف حاله تالف‎"
و"علقها في رقبة عالم واطلع سالم‎".
و"كل اللي يعجبك والبس اللي يعجب الناس‎"
و"اللي مالوش كبير يشتري له كبير‎"
وتصبح عبارة "أنت حر" تهديداً لمن يزمع السلوك بخلاف ما ننصحه به نحن الكبار العارفين‎.
الحديث عن حرية وديموقراطية لمثل هذه المجتمعات يعد من لغو القول‎.‎‏ ما لم تتطور الظروف وشخصية الفرد ‏ومؤهلاته،‎
لينتقل من الجماعية إلى الفردانية‎.‎
هي ردة حضارية بالدرجة الأولى، دينية بالدرجة الثانية‎.
كان المهاجرون من الريف للمدينة الذين ينضمون للطبقة الوسطى، حيث الحياة فردانية وليست عائلية وقبلية، يودعون ‏الجلباب ويرتدون القميص والبنطلون نهاراً والبيچامة بالبيت‎.‎‏ الآن يسارعون بعد وقت العمل بارتداء الجلباب بالشارع ‏والبيت‎.‎‏ هو الفرار من الحداثة، والعودة لأحضان الأصول.‏‎
الأمر لا يقتصر على الزي، بل هو أيضاً الفكر الريفي الأصولي المحافظ المتخلف، الذي ترتاح وتأمن الجماعة ‏بالتزامه‎.‎
فيما المرأة الريفية كانت ومازالت تقف بجانب زوجها كمعينة وشريكة بالعمل لإعالة الأسرة‎.‎‏ نجد في الجيل الحالي ‏الأعداد الهائلة من خريجات الجامعة، يفضلن وضعية الأنثى التي ينفق عليها زوجها‎.‎‏ رغم أن أمهات هذا الجيل كن ‏عاملات‎.
نرصد هذا حتى في العائلات المهاجرة للغرب‎.
هو تدهور المدينة دون مستوى الريف حضارياً‎.‎
هكذا كان من الطبيعي أن نجد مثل هذا الشعب:‏‎
في الصغر‎:‎‏ نتيجة لغياب روح الفردية والثقة بالنفس، لا يريد التلاميذ استذكار دروسهم لفهمها، ويذهبون لمدرس ‏خصوصي، يدلهم على ما يحفظونه عن ظهر قلب، للحصول على الشهادة‎.
وفي الكبر‎:‎‏ تصل بهم الروح الجماعية إلى حالة عجز الإنسان الفرد عن تبين الصواب من الخطأ، والحلال من الحرام، ‏فيستفتون الشيخ والكاهن‎.‎
ثم يظهر من يطالبون لهؤلاء الناس بديموقراطية‎.‎‏ أي ديموقراطية لمن يسأل بأي رجل يدخل المرحاض، ويستأذن الكاهن ‏في معاشرة زوجته فترة الصيام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في