الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وأفريقيا بين الماضي والحاضر!

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2019 / 5 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عندما تطالع الصحافة الورقية والالكتروني] والمواقع الرسمية المصرية وقنوات التليفزيون المصرية وهي تتحدث عن أفريقيا تشعر وكأن سنة الرئاسة ”الدورية“ لمصر للإتحاد الأفريقي سوف تكون سنة فارقة في تاريخ القارة على كافة المستويات من تصدير تجربة مصر في النهوض بالتعليمإلى تصدير التجربة الصحية المصرية لدول القارة الأفريقية، ثم إستضافة مصر لما تستطيع إستضافته من الفعاليات الأفريقية هذا العام وعلى رأسها كأس الأمم الافريقية التي تمت سكرتتها بالكامل من خلال تسجيل جميع المشجعين وبيع التذاكر من خلال شركة واحدة تحت سيطرة الدولة وتجريم تداول التذاكر في ظروف صعبة سياسيا وأمنيا وإقتصاديا وفي وقت تمتلئ فيه شوارع القاهرة بالمتاريس وتغلق شوارع عديدة بسب الترتيبات الأمنية.
بالطبع لا يجادل أحد في الدور التاريخي الذي لعبته مصر في القارة السمراء في الحقبة الناصرية ومساندتها لحركات التحرر في أرجاء القارة وإستضافتها للاجئين السياسيين في ذلك الوقت، بالإضافة إلى المنح التعليمية التي كانت تقدمها للأشقاء للإلتحاق بالجامعة المصرية وقت أن كانت منارة العلم في أفريقيا آنذاك.
المعضلة الآن تتمثل في الشوفينية المصرية والنظرة للأمة المصرية على أنها مازالت أمة رائدة في مجالها الأفريقي كما كانت في ستينات القرن الماضي. قصدت أن أقول القرن الماضي ربما لكي تشعر بأن هذا الجهد أصبح جهدا تاريخياً، وأن أفريقيا في ستينان القرن الماضي لم تعد كأفريقياحاليا، وربما أستطيع القول بكثير من الثقة أننا في مصر يجب أن نتعلم من أفريقيا وليس العكس. هذا بالإضافة إلى النظرة المختلفة التي ننظر بها إلى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء وكذلك عدم قدرة البعض على التخلص من إرث الجواري والعبيد الذي يزرع بذور الفتنة والعنصرية البغيضة المبنية على لون البشرة والولع بالغالب، المستعمر الأبيض كما يرى إبن خلدون (المغلوب مولع بتقليد الغالب )... الأوروبي في حالتنا هذه.
عندما أذهب إلى إحدى الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والتي عادة يكون دخولها أسهل من دخول تونس أو الجزائر أو المغرب التي تعد الأقرب إلينا جغرافيا ونتشارك معهم في اللغة والعقيدة والنطاق الجغرافي أيضا، عندما أذهب إلى إحدى الدول الأفريقية أجد أنهم سبقونا بمراحل وأن ما نتحدث عنه الآن من دورنا في أفريقيا ليس له محل من الإعراب. أسوق هنا بعض الأمثلة التي توضح أننا يجب أن نتعلم من أفريقيا، لا أن نعلمهم أو ننقل إليهم تجربتنا:
أولا: أفريقيا جنوب الصحراء ليست متخلفة
أفريقيا جنوب الصحراء أفضل من أفريقيا شمال الصحراء وهناك عدة دول أكثر تقدما منا ولديها أنظمة تعليمية وصحية أفضل من مصر. خذ على سبيل المثال دولة جنوب أفريقيا وكذلك رواندا التي شهدت مذابحا مروعة في التسعينات وهى الآن من أكثر الدول جذبا للإستثمار في القارة الأفريقية. بالمناسبة، رواندا غيرت لغتها الرسمية من الفرنسية إلى الإنجليزية ولم يؤثر ذلك لا على نسيجها الثقافي ولا موروثها الحضاري (هذه ملاحظة عابرة خارة السياق).
ثانيا: أفريقيا سبقتنا في التكامل الإقتصادي وتوحيد العملة
سبقتنا التجمعات الأفريقية في توحيد العملة، ففي غرب أفريقيا يعد الفرنك الغرب أفريقي عملة 14 دولة أفريقية هم أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. كما يوجد في أفريقيا فرنك خاص بدول وسط أفريقيا. في وسط أفريقيا، يعد الفرنك الوسط أفريقي عملة كل من التشاد والكاميرون وجمهورية الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية والغابون أي أعضاء المجموعة الإقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا. نحن في شمال أفريقيا ليس لدينا أية مبادرات مثل تلك المبادرات الهامة في أفريقيا جنوب الصحراء.
ثالثا: أفريقيا منفتحة على بعضها البعض أكثر من الدول المجاورة لنا
بالنسبة لقضايا الهجرة والتنقُّل في دول القارة يمكن ملاحظة أن الدول الأفريقية جنوب الصحراء، أو بمعنى مباشر كافة التجمعات الإقليمية عدا منطقة شمال أفريقيا، تولي اهتماما كبيرا وتضع على رأس أولوياتها تسهيل حركة انتقال الأشخاص بين التجمعات القطرية خاصة وبين كافة الدول الأفريقية بشكل عام. فنجد منظمة الإيجاد في شرق القارة تسعى إلى تسهيل حرية تنقل الأشخاص بين دول الإيجاد (جيبوتي، السودان، جنوب السودان، الصومال، كينيا، أوغندا، إثيوبيا، وإريتريا) من خلال السعي إلى تبني "بروتوكول حول حرية تنقل الأشخاص في منطقة دول المنظمة." أضف إلى ذلك أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإكواس) والتي تضم في عضويتها 14 دولة من دول غرب القارة أتاحت بالفعل حرية تنقل الأشخاص بين الدول الأعضاء كخطوة نحو التكامل بين الدول الأعضاء في المجموعة. كما ذكرت، نحن في مصر لا نستطيع التنقل بدون تأشيرات مسبقة بيننا وبين دول الجوار.
رابع: أفريقيا بها تعليم جيد وصحة جيدة وبنية تحتية جيدة أيضا
يجب أن نتخلص من إرث الماضي الذي يصور لنا أفريقيا الأدغال والإنسان البدائي الذي يعيش في الغابات، هذه نظرة إستعمارية كرستها أفلام الغرب وأفلام الكارتون. أفريقيا بها العديد من الدول المتقدمة والمزدهرة وبها علماء ونابغين وحاصلين على جوائز نوبل في العلوم والأدب وبها قادة وفلاسفة وعلماء ومفكرين، ومن القصور تصور أن تلك لأشياء الهامة والميراث الحضارى الإنساني وهو شيء حصري للمصريين أو الشماليين أو أية جماعة عرقية أيا كانت.
يجب أن نتعلم من أفريقيا ومن عمق وقوة الحضارة والموروث الثقافي عميق الجذور في تلك القارة الواعدة والمبشرة بالخير والتي شهدت مولد البشرية وتطورها. يجب البناء على التعدد الثقافي والبعد عن العنصرية البغيضة والتابوهات المقيتة. يجب أن نربي الأجيال الجديدة على الإرتباط بالجذور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال