الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


‏- إسرائيل - والانتخابات التونسية.‏

فريد العليبي

2019 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



قالت شركة "فايسبوك" يوم 16 ماي الجارى، أنها حذفت 265 حسابا اسرائيليا ‏تستهدف التأثير في سياسات بعض البلدان ، من بينها تونس ، ويتعلق الأمر بإستخدام ‏حسابات مزيفة قدمت نفسها على أنها لمجموعات أو لأفراد تونسيين ، توجيها للناخبين ، ‏وأن الأموال المرصودة لها تتجاوز 800 ألف دولار ، وتدفع تلك الحسابات أموالا ‏لإشهار نفسها حتى تصل لأكبر عدد ممكن من التونسيين .‏
وكان لافتا رواج أن المستهدف الأساسي هو رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد ، حتى ‏أن بعض الصفحات تحمل عناوين مثل : الشاهد يكفي والشاهد إرحل الخ .. وقد تذمر ‏الأمين العام لحزب تحيا تونس من تجاهل التونسيين لتلك الجريمة ، كما لو كانت قد ‏وقعت في المريخ ، مبينا أنها لا تستهدف الشاهد فقط بل تونس بأكملها ، وأنها لو ‏حصلت في بلد آخر لخرجت مظاهرات منددة. غير أن شكوكا تحوم حول ذلك ، فما ‏مصلحة إسرائيل في وضع عراقيل أمام رئيس حكومة تونسي متهم بعدم تجريم ‏التطبيع معها ، وكان حريصا على توزير تونسي ينتسب إلى الديانة اليهودية ، حتى أن ‏وزارة الخارجية الإسرائلية إستقبلت تشكيل حكومته الأخيرة بالترحاب ، وتذهب بعض" ‏الألسن الخبيثة " حد القول أن تلك التسريبات هدفها تقوية الشاهد لا إضعافه .‏
ويحدث ذلك في ظل تفشي تأثير المال السياسي المحلي والخارجي ، للتحكم في العملية ‏الانتخابية ، بما يشير الى أن أقصر طريق أضحى التضليل ، خدمة لمصالح سياسية ، ‏لذلك يتم شراء وسائل إعلام وسياسيين ونقابيين وحقوقيين ومثقفين وغيرهم ، لبلوغ ذلك ‏الهدف . ‏
وليست إسرائيل الوحيدة التي تقوم بذلك الصنيع ، فالتدخل في المشهد السياسي التونسي ‏أوسع من ذلك بكثير ، فقد أصبحت الساحة السياسية موزعة بين مراكز نفوذ عربية ‏ودولية وكل له مجالات سيطرة يسعى الى توسيع نطاقها ، على نحو أضحت فيه تونس ‏مجال صراع محموم ، قبل إستقرار الوضع لصالح تقسيم نهائي يمتد لسنوات ، حيث ‏حزبان كبيران يتبادلان المواقع على الطريقة الأمريكية ، مرة لحزب الفيل وأخرى ‏لحزب الحمار ففي تونس اليوم الحمار والفيل متحدان في الحكم ، غير أنهما يتبادلان ‏الرفس والعفس ، وهذا ما لن يستمر بعد الانتخابات القادمة ، وهو ما بدت نذره ‏واضحة مع انتهاء التوافق بين حزبي النهضة والنداء ، وليس التوافق البديل بين الشاهد ‏والنهضة إلا لحظة عابرة .‏
‏ وهناك مخاطر جدية تواجه تونس جراء ذلك ، فقد يترتب عن التدخل المشار إليه ‏استعمال الرصاص ، بل ربما بدأ ذلك فعليا ، من خلال زرع الإرهاب التكفيري ‏للضغط في هذا الإتجاه أو ذاك ، والمثالان الليبي واليمني أمامنا ، فالدعم هناك لم يعد ‏مقتصرا على المال والإعلام وإنما أصبح بالسلاح .‏
ولا تعاني البلدان الصغرى والضعيفة وحدها من ذلك " الداء " ، بل حتى البلدان ‏الكبرى تقع تحت طائلته ، وقد اتهم ساركوزي مثلا بتمويل القذافي لحملته الانتخابية ، ‏مما قاده إلى الفوز، كما إتهم أمريكيون روسيا بدعم حملة ترامب وقيل إن إمرأة روسية ‏ضالعة في تنظيم حملة مدعومة من حكومة بلادها ، هدفها التأثير في مجرى ‏الإنتخابات الأمريكية وزرع الانقسام والبلبلة والتضليل صلب النظام السياسي ‏الأمريكي، عبر نشاط الكتروني باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي ورصد أموال ‏طائلة لأجله ، بما يقترب مما قامت به إسرائيل في تونس . ووصل الأمر بمستشار ‏الأمن القومي الأميركي جون بولتون حد القول " إن أميركا لن تتسامح مع أي تدخل ‏خارجي في الانتخابات‎"‎‏ ، أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد وقع أمراً تنفيذياً ‏لحماية أمريكا من التدخل الخارجي في انتخاباتها ، من خلال فرض عقوبات على الدول ‏والأفراد المسؤولين عنه.‏
يعلم السياسي التونسي اليوم أنه لن يصل الى الكرسي المنشود إلا بفضل الدعم ‏الخارجي لذلك لا يهتم بالداخل بقدر ما يهتم بإرضاء الخارج ، ولهذا تتالى الزيارات ‏الخارجية ، ويقدم كل حزب انتخابي آيات الولاء والطاعة للسادة في ما وراء البحار، ‏وتنتشر الاتهامات المتبادلة بين تلك الأحزاب ، و يقول كل حزب أن على من يتهمه ‏تقديم أدلة على الدعم الذي يتلقاه ، غير أنه يكفي النظر الى الأموال المرصودة في ‏الحملات الانتخابية وميزانية تلك الأحزاب لنقف على حجم ذلك التدخل، حتى أن حزب ‏حركة النهضة وضع في قائمة داعمية تفسيرا لبذخه الانتخابي موتى تبرعوا له .‏
‏ ويحدث أن يكون البلد الذي يتساهل مع ذلك ساحة لتصفية حسابات بين المتدخلين ‏الخارجين ، فتخاض فيه الحروب الباردة والساخنة بالوكالة ، أي نيابة عن المتدخلين ‏ولصالحهم ويقدم الشعب الثمن دما ودموعا .‏
‏ ويبدو أنه لا تجدي الآن دعوات الكف عن ذلك التدخل ، فهي لا تغني ولا تسمن من ‏جوع فالأمر يتعلق بجوهر الديمقراطية الليبرالية ،حيث يتساوى الناس في الحقوق ‏وينقسمون بحدة في إمتلاك الثروات ، وعندما تتحول تلك الى أخرى اجتماعية توفر ‏للشعوب الحرية والثروة والعلم والفن والمعرفة فإنها لن تجد من تضلله ، ولن تكون في ‏حاجة الى ذلك ، ووقتها تعود الديمقراطية الى أصلها ، من حيث هي حكم الشعب لنفسه ‏بنفسه .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع