الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كان يظن

احمد العدوى

2006 / 5 / 4
الادب والفن


كان يظن انه حين قام باتخاذ قراره حينما كان يتملل من خرس حياتي أصابه انه أحدث إعصارا في أمواج أيامه المتعاقبة كما المحيطات. حسب أن قراره بإلقاء نفسه في دولة لم يسمع أو يقرأ عنها أي شيء كفيل بما عزم عليه من الأمر. لم يلقى باسم الدولة في فراغ (جوجل) حتى يملأ ناظره ببعض الأسطر التي تجعل من الظلام نورا, أو تلبى حاجة معرفية يفتقدها. تبسم في وجه مضيفة المطار حتى لا تتهمه بالازدراء, كذلك فعل في الطائرة, حتى رديفه أرسل إليه ابتسامة ثم أسلم نفسه إلى سبات لم يأته إنما أفتعله. الطائرة في الهواء تفعل مالمفترض حدوثه, لا تأخير, لا مطبات هوائية. كل شيء يسير حسب المفترض. كم يبغض هذه الكلمة, إن حياة بلا مفاجأة كالنوم في القبر, حيث لا أحداث مفاجئة.

كان يظن انه عندما تطأ قدميه أرض الواق واق, سيكون ثملا من النشوة, لكن الواقع خانه كالعادة, إذ أن المفترض لا يختلف من بلد لأخرى, إذ أن هناك قوم سيّارة, أناس يتخاطبون و طرقات حبلى و سماء كالسقف المشيد. ظل يدور في رحم الطرقات, ألقى ببصره على فاترينات البغايا, لكن تعاطيه التبغ برشفة البن أفسد عليه مزاجه في الخمر و النساء. هكذا و بدون أي دليل أو هدف ظل يسير كما يفعل ناسك حين يبتغى إثبات ولائه للمعبد.

وصل إلى جسر عال فوق جرف عتيق, كان كحبلى في الشهر التاسع-لا مكان لآخر- لكنه آثر أن يزاحم حتى و صل إلى الحافة. جعل بصره يسترسل إلى قعر الهوة, تلك التي– كما يبدو- لم يكن يفترض أن تكون هاهنا. جذبت اللحظة كل أعضائه إلى حالة من السكر البين, فاجأه رجل حين ربت على كتفيه فنظر إليه مبتسما و قسمات وجهه تحمل إليه موافقة, لم يكن ينتظرها, ثم قفز. كان سعيدا بما يحدث, ظل يتنزل من أعلى الى أسفل, أول مرة يحدث له شيئا كهذا. أخذت ومضات من الصورة التي يحتل مكانا فيها تلقى على بصره بقوة كجلمود صخر حط من علىّ. كانت ابتسامة صادقة على شفتيه بمعنى الكلمة, ظن أن الجرف يكاد ينتهي لكن لم ينسه هذا لذة الشهوة. جذبه الحبل الذي كان مربوطا بقدمه مرة أخرى إلى أعلى بسرعة كادت أن تفقده السمع, لكنه ظل سعيدا و هو يحارب الجاذبية الأرضية, تلك التي أغوت نيوتن تفاحة أن يصنع منها قانونا يحد قدرات البشر.

وصل إلى الحافة مرة أخرى حيث تلقاه الرجل المربت على كتفه باعتيادية, تبسم الرجل حين وجده مبتسما, فأفرغ ما يحمله في يد الرجل بطريقة استنفرت وسائل الدفاع لدى الرجل, ثم التفت إلى الجرف و ركض إليه محتضنا, كان يظن إن الرجل حين تلقى عطيته قد ترك الحبل مربوطا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب