الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفرين بين السذاجة والخيانة (2)

كريم هرميسي

2019 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


في الحلقة الماضية (توطئة) عرفت السذاجة لغة. وفي هذه الحلقة سأتطرق إلى السذاجة كصفة بشرية، يتصف بها الفرد، ويعد من جرائها إنسانا ساذجا.
السذاجة: هي إعادة المرء الشيء بنفس الخطوات مرات ومرات ظانا أنه سيحصل في كل مرة على نتائج مغايرة عما التي سبقتها.
للسذاجة أسباب خلقية؛ كالوراثة وعدم نمو بعض مراكز الدماغ الخاصة نموا كاملا، وعدم التركيز والحذر؛ وأيضا عدم المقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة...
كما هناك أسباب تربوية كالدلال الزائد بالطفل، وكذلك الوسط والمحيط الجاهل، وأيضا المجتمع غير الناضج والمغلق...
بعض الصفات البارزة في الساذج:
الثقة بالناس دون تحسب.
تصديق الناس عن قناعة.
الجهر بما في نفسه، وإن كان سرا من أسراره أو لغيره مودوعا لديه أو علم به.
الجهل بما يجري حوله من الأمور التي تنفعه أو تضره.
التبعية للغير فكراً وعملا.
إطاعة الآخرين قلبا وقالبا،
الانقياد وراء الآخرين.
تنفيذ أوامر الغير وإن كانت محرجة أو متعبة له.
عدم المقدرة على رفض ما يطلب منه مهما كانت مكلفة عليه.
الوقوع في الأخطاء وتكرارها ظانا أن الحاصل كان بسبب عدم الاتقان...
صعوبة إدراك الصواب من الخطأ.
صعوبة التفريق بين الرئيسي والثانوي.
تساوي جميع الأمور لديه من دون التميّز بينهم.
التسامح والعفو في غير محلهما ومن دون أي دافع وجيه.
التأثير بأفكار وآراء الآخرين دون تمعن أو تمحيص.
انعدام الجرأة لديه.
الصراحة الزائدة
قبول انتقادات الغير وإن كانت خاطئة.
عليّ أن أذكر الفرق بين طيبة القلب والسذاجة؛ حتى لا يظن القارئ الكريم قد يكون الكثير مما أوردته هنا سببها طيبة القلب.
طيبة القلب: تأتي من حسن الأخلاق والكرم، ودراية التعامل مع الناس، وأيضا محبة العفو والتسامح ضمن الحدود من غير تجاوز.
السذاجة: تأتي من طيبة القلب أحيانا؛ ولكن في غير محلها، وأحيانا أخرى بسبب جهل الساذج وعدم حسن التصرف.
بناء على ما ورد أعلاه سأبحث عنه في واقعنا الكردي مضافا إليه بعض خصائص مركب النقص. قد يأخذ مركب النقص معي حيزا كبيرا؛ وذلك لما سيؤول إليه سياق الحلقات في مضمار السذاجة والخيانة.
سأباشر بالصفات الواردة آنفا واحدة تلو الأخرى إلى أن انتهي منها؛ لأنتقل بعدها إلى الخيانة بنفس النمط؛ وذلك بما يتطابق ومجالنا التحرري، بقيادة حراكنا الثقافي والسياسي على حد سواء.
الثقة بالآخرين
أولا الثقة: الثقة هي تأكد المرء من صلاحية أو إحكام أمر ما مرتبط به أو بشخص أو بشيء آخر. أما لدى الأشخاص فهي عبارة عن نوع من تيقن ولاء هؤلاء الأشخاص حيال أشخاص آخرين أو حيال قضايا بعينها.
بمطابقتها على حالتنا الكردية نجد أن الثقة بالغير على درجة عالية، من إمعان أو تمحيص في الجهة المقابلة. لقد اعتمدت الثورة الكردية بعد بيان الحادي عشر من آذار الثقة بالشاه، فكانت النتيجة انهيار الثورة، وفي الاستفتاء الذي جرى في الإقليم تم فقدان كركوك وتوابعها... وفي عفرين أدت الثقة إلى دمارها بشريا وبيئيا...
من أين تأتي هذه الثقة؟ المطلوب منا البحث في دخيلتنا عن هذه الثقة التي لم تجلب لنا سوى الكوارث واحدة تلوى الأخرى.
أول ما يتبادر إلى أذهاننا في الحديث عن هذه الثقة هو التخلف. لا شكل أن التخلف له دوره الفعال في توجيه بوصلتنا؛ ولكن ليس عاما، فالشريحة المثقفة والسياسية لا تقبلان أن تكونا متخلفتين، وهما من يقودان المجتمع ثقافيا وسياسيا. وهذا عين المصيبة. والثاني هو الجرأة، وهي أيضا لها مكانتها المؤثرة فينا، فالنظام الشمولي الذي زرع فينا الخوف، حتى قبل الولادة. والثالث السذاجة التي نحن بصددها.
فالتخلف واقع لا يمكننا إنكاره، رغم مزاعم المثقفين والسياسيين. عندما أقرّ بالتخلف على نفسي أعلم أن ثلة من المثقفين يقرّون مثلي بتخلفنا. في هذه الحالة على من تقع مسؤولية دفع الجماهير إلى الإيمان بهذا النقص إلى الحدود المطلوبة؛ لكي تتسنى لعملية التحرر أن تفلت من هذا القيد المقيت، وتنتقل منه إلى غيره. والملاحظ في وضعنا الكردي أن المثقف والسياسي على حداء سواء يعزوان أسباب إخفاقاتنا إلى عوامل ظاهرية دون أن النبش فيما وراء الظاهر. هذا بحد ذاته يزيد من تعمية الأبصار والإيمان الساذج، ومن ثم تراكم الخيبة في لا وعينا بعد الإخفاقات ناجما عنها فقدان الثقة بالنفس.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت